رسائل القديس أموناس

قوة الله وسكناها في النفس – الله لا يأخذ بالوجوه – الرسالة الثانية

قوة الله وسكناها في النفس – الله لا يأخذ بالوجوه
الرسالة الثانية للقديس أموناس تلميذ الأنبا أنطونيوس الكبير

إلى أحبائي في الرب : تحية …
إن أحب أحد الرب من كل قلبه ومن كل نفسه ومن كل قدرته فإنه يقتني حزناً، والحزن يولد دموعاً، والدموع فرحاً، والفرح يولد قوة. وفي كل هذا تحمل النفس ثماراً. وعندما يرى الرب ثمارها هكذا حسنة فإنه يتقبلها كذبيحة مرضية. وفي كل شيء يفرح مع الملائكة بهذه النفس ويعيّن لها حارساً يحفظها في كل طرقها لكي يعدها لموضع الحياة ويحفظها من يد إبليس. لأن الروح الشريرة تهرب من وجه هذا الحارس- الذي هو القوة التي تؤازر النفس – فتخشى الاقتراب من هذه النفس وترهب القوة التي تشملها.

لهذا يا أحبائي في الرب حين أعرف أنكم – أنتم الذين تحبهم نفسي – تحبون الرب، فإني أطلب إليكم أن تقتنوا تلك القوة في داخلكم حتى يهابكم الشيطان وحتى تكونوا مجتهدين في كل أعمالكم. وهكذا تؤيدكم تعزيات الرب بأقصى قوة ممكنة، لأن تعزيات السماء هي ” أحلى من العسل وقطر الشهاد ” ( مزمور 19: 10 ). وقليلون من الرهبان والعذارى هنا وهناك قد عرفوا هذه التعزيات المقدسة العظيمة أو اقتنوها، ذلك ( لأن كثيرين ) لم يحافظوا على هذه القوة التي وهبهم الله إياها. أما الذين يرعونها فإن الرب يؤازرهم بها لأن الله لا يأخذ بالوجوه بل يهب القوة لمن يرعاها في كل جيل.

لهذا يا أحبائي فإني أعرف أنكم تحبون الرب، وأنكم طالما قد بلغتم هذا فأنتم تحبونه بكل قلوبكم، ولهذا فإني أحبكم أيضاً بكل قلبي. ولأن قلوبكم مستقيمة فأنتم تستطيعون اقتناء هذه القوة الإلهية كي تقضوا أيامكم في حرية وسرور، لأن كل عمل من أجل الله يصبح سهلاً أمامكم. لأن هذه القوة التي يهبها الله للإنسان ترشده أيضاً في هذا الطريق، حتى يتخطى كل ” سلطان الهواء ” ( أفسس 2: 2 ).

لأنه في الهواء (1) هناك قوى مهتمة بإعاقة الإنسان وفصله عن الله. لهذا فلنصلي إلى الله كي لا تعوقنا هذه القوى عن الارتفاع إلى الله. لأنه طالما تمسك الأبرار بقوة الله فلن تستطيع قوة أخرى أن تجعلهم يتراجعون. وطالما سكنت هذه القوة الإلهية في الإنسان فهي تجعله يحتقر كل عمل مخزِ وكل كرامة من الناس، ويكره كل شهوات العالم ويزهد في كل ملذات الجسد، وهي تطهر قلبه من كل دنس الفكر ومن كل حكمة عالمية فارغة، وتحثه على التوسل بالصلاة والدموع ليل نهار، والله الطيب لن يتوانى عن أن يهبها لكم. فإذا مُنحتم هذه القوة فستقضون كل أيام حياتكم في راحة وهدوء وتجدون دالة عند الله الذي يهبها لكم.

وهناك أمور كثيرة كنت أود أن أكتبها إليكم. أما هذه الكلمات القليلة فقد كتبتها لأعبر لكم عن الحب الذي أحمله لكم. سلام من الله إلى قلوبكم وفي كل عمل محبة تعملونه من أجل الله.

عن كتاب رسائل القديس أموناس ص 14 – 16
العيد المئوي لكنيسة السيدة العذراء بالفجالة
1884 / 1984
تعريب : القمص متياس فريد + الشماس عزيز ناشد

________
(1) الهواء – ليس المقصود هنا المعنى الحرفي، لأن هذا تعبير عن سلطان الشر والفساد المحيط بنا من قوات العدو الشرير، ولا يقصد من جهة القول أن في تركيب الهواء المحيط بنا تسكن قوى شريرة كما يشاع عند بعض الطوائف أو في التفسيرات والتأملات التي لا علاقة لها بالكتاب المقدس

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى