مقالات

أتريد أن تتعلم عن الله وتعرف أسرار الثالوث !!! – من الصلاة نتعلم أسرار الثالوث القدوس

من الصلاة نتعلم أسرار الثالوث القدوس

أتريد أن تتعلم عن الله وتعرف أسرار الثالوث !!! - من الصلاة نتعلم أسرار الثالوث القدوسأتريد أن تتعلم عن الله وتعرف أسرار الثالوث القدوس، أدلك على الطريق الفعال والأكيد الذي هو: [ الصلاة ]
انتبهوا يا إخوتي، أن الإنسان الذي يسعى للمعرفة الإلهية بالأذن المفتوحة على كلاماً يقبله العقل، بل ويسود عليه العقل بالتحليل والفلسفة ووضع الرأي والفكر الشخصي، بل والدخول في الصراع مع الآخر على اللفظة الصحيحة ودقة التعليم فقط، هو لا يعلم أن في هذا يموت الإيمان، لأن الله الخاضع للعقل هو صنم جديد يعبده الإنسان في فكره الخاص، لأن الله ليس نظرية ولا فكر أو كلام وحوار موضوع للقناعة العقلية في انحصار الكلام العقلي والفلسفي، لأن الله يُعلن ويكشف ذاته إله حي وحضور مُحيي، وليس عقل ناطق أو فكر جديد أو رأيي ورأيك، الذي يحتاج لإثبات فكر أمام فكر !!!

فينبغي أن نعلم أن الله الذي يدعو العقل إلى رؤية أعظم من الكلمات والفكر والفلسفة والمنطق، هو الإله الحي الحقيقي …
لأننا في الطبيعة لا نستقبل فكرة أن الشمس تدفئنا، بل نسير في نورها ونتحسس دفئها يسيري في أجسادنا فعلاً !!! والتعليم عن دفئها لا يأتي بكثرة المحاضرات بل بأخذ من نُعلِّمُه ليسير فيها بشخصه، ليري ويشعر بنفسه بقوة دفئها الحقيقي على مستوى الواقع العملي الفعال في كل من يصدق ويسير، ليرى بنفسه ويبصر فيحب أن يسير فيها وقت البرد !!! وهكذا تكون خدمتنا وتعليمنا الذي نسلمه كخبرة لكل من نخدمه فعلاً !!!

والصلاة لله الحي القدوس هي وحدها التي ترفعنا للمستوى الإلهي لنرى ونبصر الله شمس البرّ الحقيقي الذي يُشرق بنوره على كل قلب يطلبه فعلاً بإيمان حي ويريد أن يبصر، كالذي قال للرب أريد يا سيد، وذلك حينما سأله المسيح أتريد أن تبرأ !!!

فالصلاة الحقيقية النابعة من إيمان حي طالب الله، فأنه يبصر بهاء مجد نور الله يُشرق في قلبه ويتعلم الأسرار الإلهية من الله نفسه، يعرف الثالوث القدوس لا كلاماً وحروف ومجرد فكر وفلسفة ومجموعة من النقاشات العقلية والإثباتات الفكرية والدراسات، التي تُبطل حركة الثالوث فينا وتخرجنا عن معرفته الحقيقية ليكون موضوع قائم للجدل والحوار الفكري وجمع المعلومات، بل بلقاء حي مُحيي يفرح القلب ويُنير العينين !!!

فمن يتعلم من الله يفرح بالله، فيدخل في سر العبادة بالروح والحق، لأن المعرفة والكلام وحده يجعل الإنسان يقف أمام حدود عقله الذي يستقبل المعلومات والتي يمكن أن تُنسى مع الزمن والوقت، ولكن اللقاء الشخصي وإشراق النور مستحيل أن يُنسى قط لأنه لم يكن فكرة ومعلومة للحفظ والاستذكار والتسميع والامتحان والجدل والإثبات، بل رؤية فرح بالبهاء والمجد الإلهي الحي: [ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة، هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ] (2كورنثوس 4: 6)

والسؤال الذي أحب أطرحه أمام كل قارئ لهذا الموضوع، هل لو أنت كنت أعمى بالجسد وحدثت معك معجزة تفتيح عينيك هل من الممكن أن تنساها ليوم مماتك وانتقالك من هذا العالم، ألن تظل تحكي عنها عمرك كله، [ كنت أعمى والآن أُبصر ] وسيظل لك الآن ( أي ساعة الإبصار ) هي الآن للعمر كله !!! حاضرة معك في ذهنك وفي قلبك، وستظل تنطقها [ كنت أعمى والآن أُبصر ] !!! وهذا هو الفرق ما بين المعرفة والحفظ العقلي لمعلومات الكتاب المقدس والكتب الكنسية، وبين الرؤية على المستوى الاختباري كما تكلم عنها آباء الكنيسة القديسين !!!
[ الذي رأيناه بعيوننا ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة، فأن الحياة أظهرت وقد رأينا ونشهد للحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لنا ] !!! (1يو1)

يا أحبائي أن تحولت دعوتنا لله إلى كتاب نقرأه للمعلومة والحفظ، نُصبح عبيداً للحرف، وعندما تُصبح الكلمات لنا هي العلامة الوحيدة الدالة على الله، يموت الله فينا عندما تموت الكلمات ومعانيها، أو حينما نعتاد عليها، لأن الاعتياد على الكلمات تُميتها وتجعلها عادية بالنسبة لنا !!!
لذلك نعرف لماذا أناس كثيرون يملوا من صلوات القداس الإلهي والأجبية، لأنهم لا يرونها حية تنبض بلقاء الله، بل هي بالنسبة لهم مجرد كلمات محفوظة يكررونها بحكم عادة الحفظ !!! وذلك لأنهم لم يتخطوا الحفظ بالدخول بالصلاة للقاء الله الحي من خلال هذه الكلمات التي تحمل بين طياتها قوة المجد الإلهي النابض بحضور الله الحي !!!

فيا أحبائي الإنجيل والقداس الإلهي وكل كتب صلوات الكنيسة، لم ولن تكن مجرد نصوص نحفظها، أو ألفاظ نتفوه بها ونكررها كما لقوم عادة، لأننا لو حبسنا معرفة الله وعبادته في موضوع لفظ، فأننا ننكر الروح القدس، روح الأنبياء الذين لم يدعوننا إلى قبول كلمات ونصوص وكُتب، بل إلى رؤية وإلى إعلان تؤكده الصلاة والشركة وحركة المحبة الإلهية في الثالوث القدوس !!!

أننا نحن المسيحيين تنبض حياتنا بأسرار الله التي نتلقفها في الصلاة، لذلك نحن نعبد الله الواحد الذي لا آخر معه ولا شريك له في جوهره، ونسجد للآب في ابنه الوحيد ربنا يسوع المسيح بنعمة واحدة هي نعمة الروح القدس حسب كلمات الرب المُحيية [ الله روح والذين يسجدون له، فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا ] (يوحنا 4: 24)
فنحن نعبد ونسجد لمن أعلن عن ذاته في جوهر واحد ولاهوت واحد وربوبية واحدة، فنحن لا نسجد لإله مجهول نعرفه كلامياً أو في عقولنا محفوظ فكرياً، بل نعبد ونسجد لمن أرسل ابنه الوحيد في الزمان والتاريخ الإنساني فعلاً، وأنار عقولنا بتجسده، ونقلنا من موت الخطية وحررنا من رباطات العبودية فعلاً وبموته الحقيقي والمُحيي بالصليب الذي نكرمه، لأن فيه سر خلاصنا بالمسيح يسوع ربنا، وثبَّت فينا هبة الحياة الأبدية بالقيامة، ثم فتح لنا كنوز حياة الحق، بروح الحق المُعزي الذي يقودنا نحو حق الله في ابنه يسوع المسيح، ويغرس فينا كلمة الحق وشهادة الحق، لنُثمر لحساب مجد الله وحده .

وهذا كله ندخل إليه ونعيشه بالصلاة وحدها، ويتجلى كل هذا الاستعلان بكل اتساعه الحلو في القداس الإلهي، هذا بالطبع إذا دخلنا إليه بانتباه قلب وإيمان حي قارعين باب تعطفات الله ليكشف عن أعيننا، ويرفع البرقع الموضوع على عيون قلبنا الداخلية، لكي نبصر ونرى الله في مجده العظيم، فنؤمن بوعي داخلي ونلتقي برب الحياة والمجد، فنفرح جداً ونبتهج، ونتعرف على أسرار الله من فم الله الذي يكلمنا بشخصه وبذاته، بكلام مُحيي لأنفسنا، مبدداً كل ظلمة فينا ليشرق بنوره المبدع في داخلنا، فنفرح قائلين كنت أعمى والآن أنا أبصر ….

نور الله الذي أشرق في ملء الزمان في وجه يسوع المسيح يضيء أفكارنا وقلوبنا لنبصره حياً فينا حسب قصده، النعمة معنا كلنا آمين

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى