سيدي... منذ أن عرفت طريقك في اللحظة التي كادت حياتي فيها أن تنتهي,,
عندما أتيت إلي مسرعاً راكضاً لكي تنقذ أنفاسي الأخيرة ,,
منذ تلك اللحظة عرفت معنى الحب الحقيقي ..حين إنتشلتني .
عرفت أنك أب وأم
فلك قلب الأب وفيك رحم الأم
كثيراً تمتعت بقلبك الأبوي وإلى اليوم هو حصني وملجأي ولن ينزع مني ,,
ولكني .. أراك أيضاً أماً حانية لديك رحم أعظم كثيراً من رحم أمي.
ففي رحم أمي كان الأمان والراحة .. الحنان.. الهدوء.. السلام .
ولكن أمي كانت لا تملك أن تعطيني تلك الأشياء في رحمها ..أبداً سيدي
إنت فقط صاحب تلك الأشياء
فأمي كانت تسبب في إزعاجي بدون أن تقصد حين يؤلمها العالم
وكانت تسبب في بكائي دون أن تريد حينما يحزنها البشر
عرفت أنك منذ أن صورتني ووضعتني كنقطة دم في رحمها بأصابعك أنت.
أنت الذي صاحبتني منذ أن صورت في هذا المكان ..
ضمنت لي الراحة ,أعطيتني قلباً ينبض بالحياة وروحاً تتنسم أنفاسك التي لم تغفل عني .
صورت عظامي وكل عضو في جسدي بمنتهي الإبداع الذي حير العقول .
ضمنت لي أجمل جو مناسب أتحرك واسبح فيه إلى إن خرجت للعالم فتلقتني يداك من هذا الرحم.
ومنذ خروجي إلى هذا العالم وأنت حولي ولم تفارقني حتى لو لم تراك عيناي.
إلى أن جاء الوقت الذي صرخت فيه وسأظل أصرخ
(أريد أن أكون جنيناً في رحم حبك)
أرجوك حبيبي أنت الذي صورت رحم الأم بهذه الروعة
فأنا أعلم يقيناً أنه مجرد رمز من رحم الحب الغير محدود لديك
أرجوك يا أبي بل يا أمي خذني لرحم حبك
ضعني فيه وإنساني.
أنا لا أستطيع أن أعيش خارجه لأني اراه .
لا تتمهل ولا تسكت علي .. فمن أين لي الصبر ومن أين لي الإنتظار.
أنا لا أريد شيئاً .. لا أريد قامة روحية .. لا أريد مديحاً من أحد حتى لو كان بسببك..
أنا لا أريد أن أشعر بشئ ولا بنفسي ولا بأحد سواك.
أتركني في هذا المكان .. إتركني أكل وأشرب ما أجده فيك بغنى .
إتركني أتربى وأنمو دون أن ألحظ نفسي فيك.
أتركني أتنسم الحياة التي وجدت لأجلها.
أتركني أن أعود لأصلي فيك.
أتركني أغيب عن الواقع والعالم .. بل إجعلني أتمسكك برحمك ولا أخرج منه .
فالطفل يبكي حينما يخرج من رحم أمه لأنه ترك جو الراحة الذي كان يشعر بعشرتك فيه.
فهو يدرك إن صخب الحياه يحرمه من لقاءك.
أرجوك سيدي لا تسمح أن تكرر معي تلك التجربة .
فمرة واحدة كانت كفيلة بأن تفصلني عن وجهك المنير .
أرجوك سيدي ضعني هناك وإنساني .. كأني لست موجوده .. لا تسأل في حالي .. ولا تنشغل بأحوالي .. إتركني هناك وإخفيني عن كل العيون بغطاء رحمك الحاني