عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 3 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الصوم والنسك في التدبير الروحي - الصوم والنسك من جهة التدبير الروحي وضبط النفس

كُتب : [ 05-28-2020 - 08:28 AM ]


+ المرحلة الثانية الأحداث والدخول في حالة الرجولة الروحية +
++ الدرجة الثانية للصوم ++
أما بعدما ينجح المبتدئ في غلبة الشرّ المدفون في القلب حسب أعمال الإنسان العتيق ويعرف كيف يصلب الجسد مع الأهواء والشهوات وينتصر على الخطايا التي تؤرق حياته وتعوق مسيرته وتعطله في النمو الروحي السليم، ويدخل في خبرة السير في النور والتطهير بدم المسيح: وَهَذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ. إِنْ قُلْنَا إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي الظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ وَلَسْنَا نَعْمَلُ الْحَقَّ. وَلَكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ. إِنْ قُلْنَا إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ الْحَقُّ فِينَا. إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ (1يوحنا 1: 5 – 9)

==========
فبعد خبرة المرحلة الأولى يرتقي لدرجة الأحداث ويدخل في خبرة تعليم آخر حسب الحالة الجديدة التي يمر بها وهي مرحلة المتقدمين الذين يعرفون الله فعلياً ويحفظون الوصايا بأمانة قلب صادق في الإيمان: وَبِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَاهُ: إِنْ حَفِظْنَا وَصَايَاهُ. مَنْ قَالَ قَدْ عَرَفْتُهُ وَهُوَ لاَ يَحْفَظُ وَصَايَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ وَلَيْسَ الْحَقُّ فِيهِ. وَأَمَّا مَنْ حَفِظَ كَلِمَتَهُ، فَحَقّاً فِي هَذَا قَدْ تَكَمَّلَتْ مَحَبَّةُ اللهِ. بِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا فِيهِ: مَنْ قَالَ إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ، يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هَكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضاً (1يوحنا 2: 3 – 6)

==========
لذلك فأن نتيجة المرحلة الأولى هامة للغاية، لأن اجتيازها يعني معرفة المسيح البار، فيتغير الإنسان عن شكله ويتجدد ذهنه ويستنير بقوة ويدخل في حالة حفظ الوصية، ويبدأ يثبت فيه، فيسلك أيضاً كما سلك المسيح الرب طبيعياً، لأنه تشبع بنعمة الله وتأصل في الحق بطاعة الإيمان العامل بالمحبة، فسار يسلك في الأعمال الذي أعدها الله وليس التي يعملها هوَّ: لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا (أفسس 2: 10)

==========
لذلك الكنيسة هنا – في هذه المرحلة التي تلي المحلة الأولى – تُقدِّم تعليماً جديداً لتلك الحالة التي قال عنها الرسول: [أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ لأَنَّكُمْ قَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ]، فالتعليم المقدم هنا يقول: [لنصم حسناً ولنصم بتقوى]، أي مخافة الله ومهابته، فالنفس هنا تدخل في حياة التقوى العملية، تتقي الله وتهابه كأب وسيد، وتبطل ما للطفل، وتفهم ما هي مشيئته وتحيا مكرسه لهُ تكريس قلبي واعي فيه طاعة تظهر في حالة إنكار النفس وحمل الصليب: لَمَّا كُنْتُ طِفْلاً، كَطِفْلٍ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ، وَكَطِفْلٍ كُنْتُ أَفْطَنُ، وَكَطِفْلٍ كُنْتُ أَفْتَكِرُ. وَلَكِنْ لَمَّا صِرْتُ رَجُلاً أَبْطَلْتُ مَا لِلطِّفْلِ (1كورنثوس 13: 11)، وبطلان ما للطفل يعني: وَأَمَّا انْتَ يَا انْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هَذَا (منازعات)، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ. جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ، وَأَمْسِكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي الَيْهَا دُعِيتَ أَيْضاً، وَاعْتَرَفْتَ الاِعْتِرَافَ الْحَسَنَ أمَامَ شُهُودٍ كَثِيرِينَ. أُوصِيكَ أمَامَ اللهِ الَّذِي يُحْيِي الْكُلَّ وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي شَهِدَ لَدَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ بِالاِعْتِرَافِ الْحَسَنِ: أَنْ تَحْفَظَ الْوَصِيَّةَ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ لَوْمٍ إلَى ظُهُورِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ (1تيموثاوس 6: 11 – 14)
وهنا بداية الدخول في حالة إنسان الله، وهي حالة الرجولة وتنقية القلب لمعاينة الله: طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللَّهَ (متى 5: 8)، ومن هنا يستطيع الإنسان أن يفهم مشيئة الله ويكمل مسيرته مشتركاً فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ كَجُنْدِيٍّ صَالِحٍ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ (2تيموثاوس 2: 3)

==========
لذلك فهذه المرحلة تعتبر مرحلة تكريس حقيقي على مستوى الداخل، فيها معرفة مشيئة الله وتتميمها حسب ما يُقدَّم للنفس من وصية بالروح القدس موجهة من الله للإنسان في قلبه.
فصوم التقوى هو درجة المتقدمين في حياة البرّ الذين تذوقوا خبرة الحضور الإلهي بشكل واضح قوي ملموس، بالرغم من أن ملامح التقوى موجودة أيضاً عند المبتدئين، لكنه ليس مثل المتقدمين الذين امتلئوا بالتقوى، لأن المبتدئ عنده فرح الطفولة، فهو يحب أبيه لكن أحياناً بسبب الدالة الطفولية فأنه يتسرع ويركض هنا وهناك ومن السهل أن يسقط لأنه لم يفهم بعد ولم تستقم مسيرته ولم يتحمل المسئولية لأنه ما زالا طفلاً يتعلَّم كيف يسير ويضبط مسيرته وما زال يستند على يد أبيه من حين لآخر، لكن متى تعلم المشي واستقام في المسيرة ويبدأ أن ينمو والأب يترك يده (مرحلة التخلي أو الجفاف الروحي) لكي يتعلم كيف يسير دون أن يمسك به أحد مع ملاحظته الشديدة، لأنه سيدخل في مرحلة شركة أعظم مما سبق بينه وبين أباه، وهي مرحلة التقوى التي فيها يقدم احترامه وتقديره لله أبيه ويوقره جداً ويحفظ حياته من الحيدان عن أقل شيء يعكر صفو علاقته مع أبيه الصالح، ويثبت في إيمانه وهو لا يرى شيئاً (طوبى للذين آمنوا ولم يروا) لأنه يُريد أن يفعل كل ما يُرضيه، وهنا الإنسان يتعلَّم ما هي مشيئة الله ليُنفذها كما هي دون أن يُخالفها أو يضيف عليها أو ينتقص منها شيئاً، ويثبت في إيمانه مهم ما اختفت التعزيات والأفراح، فصومه كله هو صوم التقوى وضبط النفس وفيه يغوص في الصلاة بشكل عميق وطلبه الدائم والأساسي هو مشيئة الله لكي تتم في حياته على الأرض، لأن صلاته المشتركة مع الجميع: [لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض]، لذلك فأنه يجاهد الجهاد الحسن محافظاً على نعمة الله في قلبه، ممسكاً بالحياة الأبدية حافظاً الوصية بلا دنس ولا لوم.

==========
وعلينا أن نفهم هنا، أن هذا الكلام لا يعني إطلاقاً الوصول لحالة من العصمة أو التحصين الكلي ضد أي عثرة أو سقطة، لأن طالما الإنسان ما زال في الجسد ولم يتمجد بعد وينال الجسد الممجد أو ينتقل لفردوس النعيم، فأنه ما زال تحت ضعف وتحت حرب دائمة، ومن الممكن أن تتعثر خطواته في أي مرحلة أو يسقط عن هفوة أو يقع في خطأ ما في أي وقت أو ساعة، وهذا يختلف في كل مرحلة، لكن كلما تقدَّم في الطريق ونضج ليس من السهل سقوطه أو تعثره، لكن ممكن أن يحدث هذا لأي سبب من الأسباب لذلك كان تحذير الرب ودعوته أن نسهر ونُصلي: اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ؛ اُصْحُوا وَاسْهَرُوا لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِساً مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ؛ اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالاً. تَقَوُّوا (مرقس 14: 38؛ 1بطرس 5: 8؛ 1كورنثوس 16: 13)

رد مع إقتباس