النعمة هي الروح القدس الذي يعمل بقوة داخل النفس يربيها ويوجهها وتنساب الكلمات على فمها ، ليس بالغيبيات ولكن بمسحة خاصة منه ، لأنه يأخذ من المسيح ويعطينا ويغيرنا أليه ...
وهناك السينيرجية ، أي اتفاق إرادتنا مع إرادة الله بانسجام تام ...
فحينما نصغي للمسيح بالروح القدس الذي يفتح أذهاننا لنتقبل عمله الرائع ، نمتلئ منه حينما نتوب ونصغي لنداء التوبة ، الذي يحثنا عليها ...
حينما نستجيب ونصغي للروح القدس ونتواصل مع كلمة الله ونحيا بالصلاة مقدمين القلب ، يتحرك فينا بتعليم المسيح والحق النقي ، وهو كالريح لا نعلم من أين يأتي ولا إلى أين يذهب ، ولكننا نراه فينا وقوته تحركنا لتخرج كنز الكلمة من داخلنا ، كاللذين يتناولون الطعام القوي ويسري في أجسامهم كقوة للبدن فيسيروا ويقوموا بالأعمال العظيمة بكل انتباه ويقظة ، فيعملوا على البناء والتشييد ليستفاد الكل ، ولا يدرون كيف تتوزع القوى على أعضائهم بفعل الهضم ، ولكنهم يعلمون شيئاً واحداً : أنهم كلما اهتموا وتناولوا الطعام ستسري فيهم القوة ...
هكذا أيضاً نحن حينما نتفق مع الروح ، ونستجيب لحركاته فينا ونحيا بالتوبة وكلمة الله والصلاة الحلوة والتناول من الإفخارستيا ونثبت في الرب وفي معرفة الحق وحياة المحبة الصادقة ، وهكذا نكون هاضمين لكلمة الله متمتعين بغناه وقوة عمله ، فيخرج الله منا جدداً وعتقاء ، بحسب الموهبة الممنوحة منه لنا ، كي ما تُبنى الكنيسة بالتعاليم النقية ، حسب الحق واتفاق المحبة ، من كل من أخذوا موهبة من الله ، كل واحد في عمله ومكانه حسب قصد الله المبارك ، وليس حسب هوانا الخاص أو فكرنا الشخصي ومؤهلاتنا الشخصية من جهة آرائنا وتصورتنا وأفكارنا النابعة من ذاتنا أو حكمة أرضية ...
وطوبى لمن عمل وعلَّم ذاك يدعى عظيماً في ملكوت الله ...
وما أروع أن نعمل ونحيا كما يحق لإنجيل ربنا يسوع أولاً ، ثم نمتلئ بالروح ونتسلم الموهبة من الله ونعمل ونُعلَّم حسب قصد الله وكل منا في مجاله الذي يخدم فيه ، من جهة تعليم أو وعظ أو تأملات أو شعر أو كتابة أو علم أو معرفة ... الخ ، كما يعطى لنا من الله بالروح القدس من مواهب ...
وكلمة في النهاية كما قال القديس يوحنا ذهبي الفم :
ما أسوأ أن نكون فلاسفة في الكلمات لا في الأعمال
النعمة معكم كل حين
كونوا معافين باسم الثالوث القدوس