عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية aymonded
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
aymonded غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58
قوة التقييم : aymonded will become famous soon enough
التعليم الصحيح للتوبة وممارستها عملياً في حياتنا اليومية

كُتب : [ 02-10-2011 - 08:34 AM ]


للأسف اليوم التوبة عند الكثيرين توضع في إطار تدريبي في نقاط طويلة مجهدة تعتمد على جهد الإنسان وقدراته الخاصة والتي أمامها ينهار أعظم الجبابرة في الإرادة ، لأن من كثرة النقاط الفرعية التي توضع في الإطار النفسي والفكري ، تجعل النفس تسير في طريق التيه إذ تحصل على توبة من صنع البشر لا ترفعهم سوى على المستوى الأخلاقي الطبيعي لأي إنسان عادي !!!

ولكن التوبة يا أحبائي لا تقوم إلا على ما ذكرنا في موضوع [ الكرازة النبوية في الكنيسة ] لأن هدف التوبة هو الاشتراك في طبيعة الرب بالاتحاد به في سر الإفخارستيا ، وهذا هو الأساس لقوة التوبة وفاعليتها ، فلا تصدقون أي شخص يكتب عن التوبة بعيدة عن حياة الشركة ، واحذروا من أن تتوبوا بغرض آخر سوى الشركة في الحياة الجديدة ، لأن الكف عن الخطية والبعد عنها سيظل بلا معنى بدون شركة !!!
ولنلاحظ أن القديس بولس الرسول لم يعطنا ضماناً نهائياً بعدم الخطأ مرة أخرى بعد أن نلبس المسيح ، بل أعطانا الاختيار بين طريقين نختار – بحريتنا – أن نسير في أحدهما [ أنتم عبيد للذي تطيعونه إمَّا للخطية للموت ، أو الطاعة للبرّ ] (رومية 6: 16)
ولنحذر من الظن السائد عند البعض ، أن التوبة وحدها تُخلِّص الإنسان ، فالتوبة بدون دم المسيح لا معنى لها أو فائدة منها قط ، ولكن التوبة تجعل الإنسان مؤهل أن يغتسل ويتطهر بدم المسيح فيخلُص ، لذلك يقول القديس يوحنا الرسول [ إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم ] (1يو 1: 9) ، فدم المسيح كنز عظيم جداً وغالي للغاية ، ولا يقاس غناه بأي مادة على الأرض مهما كان ثمنها ، ولكننا لا نقدر أن نقترب إليه إلا بالتوبة والاعتراف لنأخذ منه فنغتني ...
فنحن نحتاج للتوبة والاعتراف أمام الكنيسة كمدخل لشركة الإفخارستيا التي هي امتداد لذبيحة المسيح الحي ، وهي شركة على المستوى العملي والفعلي في موت الرب وقيامته كل يوم إلى أن يجيء [ كما هو واضح في الكتاب المقدس والقداس الإلهي ]
يقول القديس كيرلس الكبير : [ الله هو الحياة فالبشر ينالون الحياة الحقيقية بنوالهم المسيح في الإفخارستيا ، والمسيح هو قوة التقديس الفريدة ، فيهبهم إمكانية للقداسة ليحيوا حياة مقدسة ] (تدبير الخلاص عن آباء الكنيسة – المركز الأرثوذكسي للآباء ص 86)

ويقول القديس باسيليوس الكبير [ إن الإفخارستيا هي الغذاء الوحيد الذي يتلاءم وحياة المُعتمد الجديدة والذي يستطيع أن يحفظ هذه الحياة ويُغذي القدرات الجديدة ويُعطي العبادة بالروح والحق ] (نفس المرجع السابق ص 101)
وفي النهاية نقدم رجاء حي – بحسب الإنجيل – لكل خاطئ يريد أن يتوب ويعود لله الحي ، فمكتوب [ بالنعمة أنتم مُخلَّصون ] (أفسس 2: 5، 8) ، وكلمة مخلصون في النص اليوناني كما كتبها القديس بولس ، تأتي كاسم مفعول في زمن المُضارع التام ويُفيد أن عملية الخلاص بدأت في الماضي (منذ موت المسيح الرب وقيامته) ومُستمرة طوال الحياة لذلك وفي نفس الإصحاح يقول إننا [ خُلقنا في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لنا لنسلك فيها ] (أفسس 2: 10)
وهنا واضح أن هناك أعمال تقوى مقدسة أعدها الله لنسلك فيها ، وهي تعتبر هبه ومنحه لنا أخذناها بإنسان جديد يسير وفق الإرادة الإلهية ، ومن هنا يظهر فعل التوبة كنعمة موهوبة لنا من الله من جهة روح القداسة والعفة والطهارة ، لأن اكتمال التوبة يأتي من الله بمدنا بقوت يومي يقويها ويشعلها ويُزيدها قوة تجديد للقلب وطهارة للنفس والجسد والروح ...

فالتوبة - إذن - ليست عمل يتوقف على الإنسان وحده ، لأن الإنسان كل ما يصنعه فقط هو أن يأتي إلى الله ليطلب حياته تسري فيه ليبصر نور وجهه ، أي كأعمى يُريد أن يستنير وتنفتح عيناه التي أغلقتها الخطية وجعلته كالابن الضال يبتعد عن الحضن الأبوي الحلو ، والله يكمل هذه التوبة بمسك يد الإنسان وإدخاله في سر الأعمال التي أعدها ليسلك فيها بعمل الروح القدس روح القداسة والعفة والنقاوة ، روح المحبة وثقة الرجاء ، الذي يغيرنا لشكل المسيح الرب ، وندخل في سر الإفخارستيا لنأخذ قوت الحياة الأبدية ، أي ترياق الخلود لنحيا لله إلى الأبد وتُحفظ توبتنا نقية بعمل الله فينا ، ومن هنا تأتي سهولة التوبة لأنها قائمة على دم حمل رافع خطية العالم ، وجسد حي يُحيي النفس المائتة ، أي باختصار يتناول الإنسان جمر الطهارة والقداسة ليتقدس وتصير توبته ناجحة لأنها على المستوى الإلهي بعمل الله بشخصه في داخل تلك النفس التائبة ....
ونختم الكلام في النهاية كاشفين السر التي تنطلق منه التوبة الحقيقية والصادقة وهو : [ أم لتسم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وأنكم لستم لأنفسكم ] (1كورنثوس 6: 19) – نعمة ربنا يسوع تفيض فينا قوة توبة لنسلك كما يحق لعهد التوبة الذي قوته تكمن في سر دم الحمل وجمر القداسة على المذبح المقدس الذي نتناول منه ترياق الخلود ...




التعديل الأخير تم بواسطة aymonded ; 05-23-2011 الساعة 09:14 AM
رد مع إقتباس
Sponsored Links