عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية كراكيب
كراكيب
ارثوذكسي بارع
كراكيب غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 14367
تاريخ التسجيل : Jan 2008
مكان الإقامة : في بيتنا
عدد المشاركات : 1,663
عدد النقاط : 12
قوة التقييم : كراكيب is on a distinguished road
RG6 لمحات من حياة الاب متي امسكين كما رواها جـ 1

كُتب : [ 07-15-2009 - 01:59 PM ]


الجامعة
لم أدرس سوي علوم الكيمياء والصيدلة والفارماكولوجي‏،‏ ولم يسعدني الحظ قط أن وقعت عيني أو يدي علي أي كتاب في الأدب والفلسفة‏،‏ وهذا أمر يذهلني ويذهل كل من يعرف هذه الحقيقة‏!‏ فمنزلنا كان فقيرا للغاية واخوتي درسوا جميعا في كليات عملية‏،‏ فلم أسمع حتي عن اسم أديب حديث أو فيلسوف مع اني كنت في غاية التعطش للأدب والفلسفة‏،‏ ولكن مصاريفي التي كنت أحصل عليها من والدي لكي أعيش في القاهرة وأدرس وأسكن واشتري الكتب وأكل طوال الشهر كانت‏5‏ جنيهات من عام‏1938‏ الي عام‏1943(‏ طبعا غير مصاريف الكلية‏)‏ فلم يكن يتوافر لدي مليم واحد‏.‏

في وسط العمل الناجح ‏(1944‏ ـ‏1948)‏
ولما عملت بعد تخرجي في قسم المستشفيات كانت ماهيتي‏(‏ أثناء الحرب بالأمر العسكري‏)12‏ جنيها فلم تكن تكفي أكلي وسكني‏.‏ ولما انشغلت بشراء وإدارة اجزخانة بدمنهور لم يكن لدي دقيقة واحدة أقرأ فيها‏.‏ ولما تركت العالم ودخلت دير الأنبا صموئيل لم يكن في هذا الدير مكتبة ولاكتاب واحد ولا حتي مجلة قديمة أو حديثة‏.‏

ولكن ازداد حنيني جدا للحرية في الله التي سبق وان حاولت ان أجدها في العلم والسياسة والدين‏،‏ واني لي ان اجد هذه الحرية في عالم مستعبد‏،‏ خصوصا في مصر التي كانت قد قيدت العلم بسلاسل التعصب والاضطهاد والفكر الضيق‏،‏ وقيدت السياسة بأصنام الزعامة التي فرضت نفسها علي الشعب حتي اعتاد عليها الشعب ثم عبدها عن طواعية منهزمة‏،‏ وقيدت الدين حتي جعلته تحت الوصاية‏،‏ وسلسلت الانجيل بسلسلة ربطته في ركن الكنيسة‏،‏ تحله عندما تشاء وتربطه عندما تشاء‏،‏ وتلبسه الثوب الذي تريد‏:‏ ثوبا ارثوذكسيا أو كاثوليكيا أو بروتستانتيا‏.‏

ازداد حنيني لله جدا‏،‏ وازداد حبي له‏.‏ وبدأت أسال‏.‏ أين أجدك يا الله؟ لقد بحثت عنك في كل مكان فما وجدتك‏:‏ لا في العلم‏،‏ ولا في السياسة‏،‏ ولا في تعصبات رجال الدين‏،‏ ولا في المال الذي بدأ يملأ خزانتي‏.‏ فأين أجدك؟ سؤال ظل هو موضوع صلاتي ودموعي بالنهار وأثناء العمل وبالليل أثناء هذه الصلاة‏.‏ طلبت من الله بلجاجة ان يسهل خروجي من العالم لكي أعيش حرا من بني الانسان‏،‏ أو بالأحري لأعيش منتهي حريتي في الله‏،‏ أو علي الاطلاق أعيش في الله‏،‏ كان هذا أمر غير مصدق لي ولجميع أقاربي وأصدقائي‏،‏ وفي ذهني أنا أيضا‏.‏ فقد بلغت درجة من النجاح في المدينة جعلت جميع الاجزخانات تعمل لي ألف حساب‏.‏

هذا بالاضافة الي أن الاجزخانة اشتهرت بالامانة والدقة‏،‏ وبأني رجل اجتماعي أحب الناس والناس يحبونني‏.‏

كذلك فان علاقاتي بأسرتي وأصدقائي كانت تتسم بالمرح وليس فيها ماكان يشير الي أني أعتزم ترك العالم‏.‏ كل هذا جعل خروجي وبيعي للأجزخانة أمرا شاقا جدا علي الناس وعلي‏،‏ لأنه كان يتحتم ان أقابل يوميا مئات من الشخصيات تأتي خصيصا لتقنعني بالعدول عن رأيي‏،‏ وبالأخص موظفو المديرية لأني كنت أعطيهم سلفا مالية تتراوح ما بين‏10‏ ـ‏20‏ جنيها يسددونها علي أقساط شهرية بدون فوائد‏،‏ حتي يصرفوا منها في وقت ضيقهم خصوصا أيام أقساط المدارس‏،‏ وكان معظمهم من المسلمين‏،‏ هؤلاء كانوا أكثر الفئات تأثرا‏،‏ وحاولوا بكل الطرق ان يثنوني عن مسيرتي‏.‏

حتي حدثت المفاضلة الفاصلة‏:‏ ( البقية الموضوع القادم )



رد مع إقتباس
Sponsored Links