عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية aymonded
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
aymonded غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58
قوة التقييم : aymonded will become famous soon enough
نينوى – باب الخلاص المفتوح

كُتب : [ 02-19-2008 - 05:07 PM ]


مدينة ... تتوب كلها ويعفو الرب عنها من أجل توبة جماعية ناشطة ، وتدبير مُتقن لهذا الملك ( ملك نينوى ) النصوح الواعي الذي استطاع بحكمته أن يرفع حُكم الموت عن شعبه . يا للرعاية ، ويا لحكمة الراعي !!

ثم ما هذا الحضن المتسع يا الله ؟ إن هذا عجبٌ كبير حقاً !! مدينة وثنية تؤمن بالله بكرازة واحدة !

نعم ، ليس بآية من السماء ولا من الأرض تتوب البشرية أو يُعفَى عن إثمها ؛ بل بالاتضاع والصوم والصلاة وتذلل القلب لدى الله القدير !!

آه لو عَلِمَ كل خاطئ هذا ، ما استكثر خطاياه أبداً على عفو الله .
لو عَلِمَت الكنيسة ما ينبغي أن يكون عليه من توبة جماعية ، لجلست مع أبنائها في هذه المسوح وفي تراب المذلّة إلى أن تجتذب لنفسها عفواً من السماء ، ولكانت أزمنة الفرج تأتي من السماء سريعاً !! كما قال بطرس الرسول ( أع3: 19 )

يا أحبائي ، أن تعطَّلت أزمنة الفرج ، فالعيب هو منا ، نينوى كانت تسير إلى الهاوية ، والهلاك أكيداً وسريعاً ، ولكن بوقفة شريفة شُجاعة أمينة على قدر الدعوة وقدر التهديد ، استطاعت أن تجتذب لنفسها عفواً من السماء .

ماذا يعوذك أيها الخاطئ ؟ أيعوزك المسوح ؟ أيعوزك التراب ؟ ماذا يعوزك ؟

لو كانت التوبة بذهب وفضة ، لو كانت تستلزم سُلَّماً عالياً نطلع به إلى السماء ، لو كانت تستلزم منا جهداً نفسانياً أو عقلياً أو جسمانياً أو حكمة فائقة أو علماً زاهراً ، لكي نُحدر المسيح من السماء أو نُصعده من الهاوية ، لقلنا إن التوبة صعبة وشاقة .

ولكن ملك نينوى وشعبها ونساءها وأطفالها وبهائمها عرفت طريقها سريعاً إلى النجاة , فما بالنا نتعطل نحن ، وما بالنا نذهب يميناً ويساراً ونستشير الكبير والصغير ، والخلاص أمامنا وبابه مفتوح ، والذين دخلوا منه كثيرون ، ومن كل شعب ولسان وأُمَّة !!

وهاهي نينوى تضع لنا نموذجاً لتوبة بسيطة قادرة بعنفها أن تفتح أبواب السماء ، وتُحدر عفواً شاملاً بلا أي استثناء لمدينة بأسرها ، قيل عنها في الكتاب إنها لا تعرف شمالها من يمينها !!

يا إخوة ، نحن قادمون على الأربعين المقدسة ، يعوزنا قلب كقلب ملك نينوى وشعب نينوى . أما مجرد ذكر البهائم الصائمة وهي خائرة على مذاودها ، ففيه توبيخ لنفسي ، لأني أرى في نفسي وحوشاً ضارية تتعالى على غيرها كما يعلو الأسد على الغزال . كم فيكِ يا نفسي من غرائز تحتاج إلى تذلُّل بالجوع والمسوح ! منظر نينوى وبهائمها واقفة على المذاود تئن ، مرعب لشهواتي وملذَّتي . الثيران وقعت من الجوع خائرة . وكم فيكِ من هذا ، يا نفسي ، يا مدينة الله ! ما أجملك ، يا نفسي ، وأنت جالسة في المسوح والتراب متشبهة بنينوى !! جيد لكِ ، يا نفسي ، في هذه الأربعين المقدسة أن تربطي حواسك كلها ، البهيمي منها والوحشي ، ولا تفتكري أنكِ بنت المدينة العُظمى التي تعرف شمالها من يمينها ، لأن الخطية لا يتعالى عليها إلاَّ مَنْ ذاق ما ذاقته نينوى !!

اليوم يا أحبائي ، أكشف أمامكم سرّ السماء بلا ستار ، بلا حجاب : ملك يترك عرشه ، وينتزع الخلاص ، وينزع العفو السمائي ، بتوبة جميلة رائعة استطاع أن يحصل عليها وهو في التراب وفي الرماد .

ثقوا ، أن ساعات الخلاص وأيام الرجاء لا تأتي جزافاً أبداً . إن كنت تريد خلاصاً سريعاً ، إن كنت تريد أزمنة فرج ؛ فاليوم تعلَّم من درس نينوى ، وهو درس للأجيال كلها " " جيل فاسق يطلب آية ، ولا تعطى له آية إلا آية نينوى " ( مت 12: 39 )


القمص متى المسكين
مقتطفات من عظة ألقيت في كنيسة القديس أنبا مقار
في يوم صوم يونان سنة 1974
نقلاً عن كتاب صوم يونان ص 10 - 12



رد مع إقتباس
Sponsored Links