عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 2 )
ريم الخوري
ارثوذكسي فضى
رقم العضوية : 39544
تاريخ التسجيل : Nov 2008
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 3,805
عدد النقاط : 65

ريم الخوري غير متواجد حالياً

Heartcross رد: بين المعرفة البشرية والايمان...

كُتب : [ 10-11-2009 - 04:34 PM ]


يتحدّث القديس إسحق السوري عن ثلاثة أنواع من المعرفة..

هناك ثلاث طرق عقلية تصعد المعرفة عليها وتنزل وهي: الجسد والنفس والروح. وعندما يتحدّث الآباء عنها ، يعنون بكلمة "الروح" موهبة النعمة الإلهية التي . بدونها يكون الإنسان نفسانياً أو جسدانياً، بينما وجود النعمة يجعله روحانيا ًان طبيعة المعرفة واحدة، فهي تُصقَل وتغيّر طرق تفكيرها بحسب هذه المجالات العقلية والحسية.
اما أنواع المعرفة بحسب القديس التي تشير إلى مرض نفس الإنسان أو صحتها.

نبدأ أولاً بالمعرفة الجسدية.
بعض العناصر المميزة التي ترتبط بشهوات الجسد هي الثروة، المجد الباطل، الزينة، راحة الجسد والاجتهاد في الحكمة المنطقية بما يتناسب مع مسيرة هذا العالم فتزخر بالاكتشافات الجديدة والفنون والعلوم وغيرها. هذه المعرفة مضادة للإيمان، لأنها تفتكر أن "كل الأشياء تسير بعنايتها". إن حكمة أمور هذا العالم ومعرفته، من دون نوعي المعرفة الآخرين(النفس والروح )، هي معرفة ضحلة وقاحلة، لأنها "مجردة من كل اهتمام إلهي". إن اهتمامها هو فقط بهذا العالم، ولأنها محكومة بالجسد "تجلب إلى الذهن ضعفاً بهيمياً(جسدياً)".

أغلب الناس في زماننا يملكون في نفوسهم هذه المعرفة التي يصفها القديس على هذا المنوال: رجل هذه المعرفة الجسدية يستولي عليه صغر النفس والحزن واليأس وخوف الشياطين
صاحب هذه المعرفة لا يعرف كيف يترك نفسه لرحمة الرب، بل يحاول أن يحلّ المسائل المختلفة بنفسه. لكنه متى عجز عن إيجاد الحلول لأسباب مختلفة يتخاصم مع الناس الذين يقاومون معرفته ويعاكسونها. إنه يتوصّل إلى المخاصمة مع الناس لأنهم يعيقون امتلاكه لأشياء المعرفة الجسدية.

هذه المعرفة وهذا الاهتمام الدنيوي يستأصلان المحبة كلياً. لتجعل الناس يتفحّصون هفوات الآخرين وأخطاءهم وأسبابها ، كما تجعل المرء يضاد كلمات الآخرين ويصدها بغطرسة، ويصبح خبيثاً في كل أعماله يبتكر الطرق ليهين الآخرين. في هذه المعرفة يكمن الانتفاخ والكبرياء.

هذه المعرفة هي من مميزات الحضارة المعاصرة. اما نتائجها
تعكير العلاقات الشخصية، نقص المحبة، العناد والمكر في كل الأعمال. وهذه كلها أمور يتسم بها الإنسان المعاصر ذا النفس المريضة، البعيد عن الله.

المعرفة الثانية هي معرفة النفس.
بعد أن يترك الإنسان المعرفة الأولى الجسدية ويتوجّه إلى هواجس النفس ورغباتها، عندها تتبع كل أعمال معرفة النفس الصالحة. هذه هي: الصوم، الصلاة، الإحسان، مطالعة الكتاب المقدس، طرق الفضيلة، مصارعة الأهواء وغيرها. والتى تُتمّم بالروح القدس وليس بقدرة الانسان .
وتكتمل الدرجة الثانية للمعرفة عندما "يوضع لها أساساً عمل السكينة البعيدة عن الناس والحافلة بمطالعة الكتاب المقدس والصلاة".
هذا يعني أن مَن يمتلك معرفة النفس هذه يعيش في سكون النفس . فهو يصلّي إلى الله بلا انقطاع ويدرس الكتاب المقدس في هذا الجو المقدّس من الهدوء ليغذي نفسه وليس فضولاً . هذة المعرفة للذين شفوا نفوسهم من مرض العصر ومادياتة ممكن أن نسمّيها مرحلة تمهيدية أو غرفة انتظار للمرحلة التالية أي المعرفة الروحية التي يجهزها حضور نعمة الله في قلب الإنسان.

عندما ترتفع معرفة الإنسان إلى فوق وتتوق لفحص الأسرار الخفية، عندئذ "يبتلعها الإيمان ويحوّلها ثم يلدها من جديد، كما كانت في البداية، فتصبح كلّها روحاً". من ثمّ تستطيع أن تحلّق إلى أمكنة الملائكة غير المتجسمين وتعرف الأسرار الروحية
هذا يعني أنها تعرف الأسس الداخلية للكائنات فتستيقظ الحواس الداخلية وتقبل الروح القيامة التي تشهد لقيامة البشر الآتية. "عندئذ تستطيع التحليق إلى أمكنة اللامتجسدين وأن تلمس عمق البحر غير المدرك فتستيقظ الحواس الداخلية لعمل الروح حسب نظام الحياة الأزلية العديمة الفساد

كل قديسو الله قد امتلكوا هذه المعرفة، النبي موسى وداود وإشعياء والرسولان بطرس وبولس وغيرهم من القديسين الذين استحقوا هذه المعرفة الكاملة "بحسب استطاعة الطبيعة البشرية"بها يكتسب الإنسان المعاين حلّة التواضع والبساطة المباركة.
وهكذا، فإن المعرفة الروحية، أي المعرفة التي من الله
هي ثمرة الثاوريا يكسَبها الإنسان الذي تقدّم من المعرفة الجسدية إلى تلك التي للنفس ومن ثمّ إلى المعرفة الروحية.

نسكيات للقديس اسحاق السرياني


التعديل الأخير تم بواسطة ريم الخوري ; 10-11-2009 الساعة 04:55 PM

رد مع إقتباس