عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية aymonded
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
aymonded غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58
قوة التقييم : aymonded will become famous soon enough
3- الموت الذي دخل إلى العالم - تابع المحب والمحبوب ( علاقة شركة مع الله )

كُتب : [ 01-29-2008 - 04:18 PM ]


المحب والمحبوب
( علاقة شركة مع الله )
3 – الموت الذي دخل إلى العالم


دعوة الإنسان وامتياز جنسنا هو : [ إن الله ... بواسطة كلمته الخاصة مخلصنا يسوع قد خلق الجنس البشري على صورته وبسبب مماثلته للكلمة جعله يتأمل ويعرف الحقائق في أصالتها ، ومنحه أن يدرك ويعرف حتى أزليته ... وحيث أنه لا يوجد ما يعوق معرفته للاهوت ، ففي إمكانه أن يتأمل بلا انقطاع من خلال طهارته في صورة الآب ، الإله الكلمة ، الذي خُلق هو نفسه على صورته ... فإنه قد رُفع فوق كل الأشياء الحسية ، وفوق كل ما هو مجسَّم بالجسديات ، وصار متصلاً بقوة عقله بالإلهيات وبالحقائق التي لا تُدرك حسيَّاً في السموات .
لأنه حينما يتحفظ العقل البشري من التعلّق بالأجساد ، وحينما لا يكون له اختلاط مع الشهوات التي تسببها هذه الأجساد من الخارج ، بل يظل مستقلاً بنفسه تماماً ومتسامياً ، كما خُلق من البدء ، فإنه بتساميه عن الحسيات وكل الأمور البشرية ، فإنه يُرفع عالياً فوق هذا العالم ؛ وإذ يرى الكلمة ، فأنه يرى فيه أيضاً أبا " الكلمة " ، متلذذاً بالتأمل فيه ، ومكتسباً التجديد من الانعطاف نحوه ... لذلك فإن نقاوة النفس تؤهلها أن تعكس الله في داخلها كما في مرآة ] ( القديس أثناسيوس الرسولي – الرسالة إلى الوثنيين الفصل الثاني )

وبالرغم من هذا المجد الذي عاش فيه الإنسان في فردوس المحبة ، وحالة التأمل المتسامي بلا عائق ، إذ انه كان طاهراً وفي حالة نقاوة تسمح له للنظر لله والتفرس فيه في علاقة حب رائع ، ولكن بإرادته مال نحو الشر الذي تبعه الفساد فتسرب إليه الخجل وخزي عار كسر نفسه ، ولندقق في ما حدث :
قبل السقوط :" وكانا كلاهما عريانين آدم وامرأته وهما لا يخجلان " ( تك2: 25 )
وقال آدم عن امرأته : " هذه عظم من عظمي ولحم من لحمي "
ولم يخجلا من عريهما ، لأنهم في حالة نقاء وتسامي ومصالحة تامة بين الجسد والنفس ، نتيجة المساواة الجوهرية بينهما ، التي جعلتهما لا ينظران لبعضهما البعض كائنين مختلفين ، فكلاهما يرى الآخر معيناً نظيره ، لا يربطهما سوى الحضور الإلهي الذي يشبع كل رغباتهما ويملأ حياتهما بالفرح والحب والسلام ، والغريزة فيهما كانت مقدسة وفي قمة نقاوتها ورفعتها لذلك منذ البدء باركهما في نسليهما ، ولم يخجلا من عُريهما .
ويقول القديس مار أفرام السرياني باختصار : [ لقد كانا لا يخجلان ( من عريهما ) لأنهما مكتسيان بالمجد ]
( St. Ephraim, Commentary on Genesis 2, p. 316 )

وبعد السقوط : " فانفتحت أعينهما وعَلِما أنهُما عُريانان . فخاطا أوراق تين وصَنَعا لأنفسهما مآزر " ( تك3: 7 )

مخالفة الوصية صارت بمثابة انفصام رباط الحب بين المحبوب والمحب ، وتخلي النعمة عن الإنسان ، لأن هذا الرباط هو الذي كان يدعم النعمة الحافظة للإنسان ...
وبتخلي النعمة فقد الإنسان بساطته الأولى وميله الموحد والطبيعي نحو الخير ، وانفتحت بصيرته على الشر ، وفتح باب الاختيار بينهما ، فانقسمت إرادته على ذاتها ، وصار في حالة نزاع داخلي – دائم ومستمر – ينازع ما بين الخير والشر ، أي طاعة الله ومخالفته !!! ووقع تحت وطأة الفساد الطبيعي الذي كان فيه بطبيعة تكوينه من تراب الأرض ، وبدأ الصراع بين الروح والجسد فكلاهما يشتهي ضد الآخر ، حتى أن الغريزة نفسها تشوهت واصبحت تسير في اتجاه مُغاير وتشوه الجسد لا من جهة الشكل إنما من جهة روح الفساد والشر الذي ملك عليه ...
+ وحينما أطاع الإنسان مشورة الشيطان ، تسلط عليه واستولى على إرادته واستعبده له ، وأصبح مستحيلاً على الإنسان مهما جاهد وحده أن يتقدم خطوة واحدة نحو الحياة الأبدية ومعرفة الله وشركته الحلوة ، نظراً لعجز النفس البشرية عن قيادة ذاتها نحو أمور أعلى من إمكانيتها وبدون معونة النعمة ...

+ وبالخطية أصبح الإنسان العاقل غير قادر أن ينفتح على الإلهيات بلا غيوم الشهوات كما كان – ومع ذلك – مازال له القدرة على الفهم والإدراك ، فخطية الإنسان لم تفقده إنسانيته ولم تجعل آدم غير عاقل ، ولكنها عطلَّت قدرته الأولى الكاملة في التعقُّل التي كانت عاملة فيه بنعمة الله ... وصورة الله في الإنسان تشوهت وانطمست ، ولكن تبقى ملامحها ذات سلطان ، وهي عبارة عن طوق الإنسان إلى الله ، وسعيه المتواصل بكل قوته لاسترداد صورته الأولى !!!

ونختتم هذا الجزء بقول القديس إيرينيئوس : [ أما آدم فلكونه فقد طبيعته الأصلية وذهنه النقي بشبه الأطفال ، وأتى إلى معرفة الخير والشر ، لذلك طوَّق نفسه وامرأته بلجام العفة مقاوماً نزوة الجسد الجامح ، خائفاً من الله ومتوقعاً مجيئه ، وكأنه يقول : بما أنني قد فقدتُ بالعصيان ثوب القداسة الذي كان لي من الروح ، فهاأنذا أعترف بحاجتي إلى مثل هذا الغطاء الذي لا يهب الراحة ولكنه يلسع الجسد ويلهبه ]
( The Father of the Early Fathers, W.A. Jurgens, vol 1,p.93. )




التعديل الأخير تم بواسطة aymonded ; 05-02-2011 الساعة 03:20 PM
رد مع إقتباس
Sponsored Links