لا يعيش الإنسان بدون حياة ، والحياة تنبثق من الله ، فلكي نعيش يلزم أن نتصل بالله ، والاتصال بالله يتم بمعرفته أي رؤيته وبتقبل صلاحه ...
وإذا كنا لا نعرف الله يستحيل علينا أن نحبه ، بل ولن يمكننا أن نحبه إلا إذا رأيناه ، ولكننا لا نستطيع أن نراه إلا إذا اقتربنا من ينبوعه الحي ، وينبوعه الحي هو كلمته النابضة بالحياة ...
والسؤال الذي يطرح نفسه علينا اليوم هو :
من منا رأى الله في أعماق القلب من الداخل ، في وحده حقيقية ، حتى أنه يُنادي الله بنداء محبب لنفسه جداً داعياً إياه بالحب أباً بالصدق والحق !!!
+ أي مَن يشعر في أعماقه من الداخل وليس في عقله بالمنطق وعمق التفكير ، بل كخبرة يومية معاشة - بكل يقين - أنه ابن حقيقي في الابن الوحيد محبوب جدا عند الله !!!
+ مَن منا يعلّم - علم اليقين - برؤيا قلبية واضحة غير قابلة للشك ، أنه ابن حقيقي لله في الابن الوحيد ربنا يسوع المسيح ...
يا أحبائي تيقنوا جداً واعلموا علم اليقين : أن الإنسان الحي هو مجد الله ، أما حياة الإنسان فهي رؤية الله ...
يقول القديس أغسطينوس : [ إني أبحث عن الله لا لكي أؤمن به فقط ، ولكن لكي أرى شيئاً منه ]
بلا أدنى شك كلنا نعرف عن المسيح الكثير جداً وربما من المحتمل نسرد حياته كلها وكلماته أيضاً بل ونكتب الكثير بل وننقل موضوعات ونتأمل في آيات ، وربما يكون لنا باع طويل في الخدمة ، وربما نكون معلمين وقارئين كتب وتلال ضخمة من المراجع ، أو ربما البعض التحق بكليات لاهوت ونجح فيها بامتياز ، بل وحفظ كل الكتب المقدسة وتعمق في التفسيرات ، ولكننا لا نعرف شخص المسيح نفسه كشخص حي وحضور محيي
ويقول القديس مقاريوس الكبير :
[ يوجد فرق عظيم بين أولئك الذين لهم فكر نظري وقدرة على الكلام ، ولكنهم غير مملحين بالملح السماوي – الذين يتحدثون عن المائدة الملكية دون أن يكونوا قد ذاقوا منها شيئاً أو تمتعوا بها ، وبين إنسان يرى الملك نفسه ، وقد كُشفت له الكنوز السماوية وقد دخل إليها وصار وارثاً لها ، وهو يأكل ويشرب من المأكولات السماوية الثمينة ]
ويقول أيضاً : [ ... أولئك الذين يتحدثون بالأحاديث الروحية ، بدون أن يتذوقوا ما يتحدثون عنه فأنهم يشبهون إنساناً مسافراً في صحراء مقفرة تحت أشعة الشمس الحارقة ، وبسبب عطشه الشديد فإنه يتخيل صورة ينبوع ماء جارٍ ويرى نفسه وهو يشرب منه ، بينما تكون شفتاه ولسانه كلها جافة مشتعلة من شدة العطش الذي يمتلكه ... لأن المسيحية هي في الحقيقة طعام وشراب ،فكلما أكل الإنسان منها ، ازداد قلبه ولعاً بحلاوتها ، ولا يتوقف أو يكتفي بل يطلب المزيد، ويستمر يأكل بلا شبع أو امتلاء ] ( عظة 17 : 12 و 13 )
غنى النعمة وفيض السلام مع جميعكم
صلوا من أجلي كثيراً
كونوا معافين باسم الثالوث القدوس
الإله الواحد آمين