الوظيفــــة
المهندس جورج فارس رباحية
الوظيفة جمع وظائف ووُظُف : ما يُعَيَّن من عمل أو طعام ورزق وغير ذلك ، وتعني أيضاً : العهد والشرط . وربما استعملت بمعنى المنصب والخدمة . وحيث أن الوظيفة هي باب العمل والرزق فيجب أن تُخْدَم بكل أمانة وشرف وإخلاص .
إن أهم دعامة يرتكز عليها صرح الوطن هو إسناد الوظائف إلى أربابها . سأل أحد ساسة الأتراك يوماً أحد عظماء الفرنسيين عن أسباب رقيّهم وتقهقر أبناء جلدته الترك فأجابه :
( إن السبب بسيط جداً وهو ينحصر في كلمتين وهما إنكم توجدون وظيفة للرجل ، أما نحن فنوجد رجلاً للوظيفة ) .
كثيرون من الموظفين الذين يدّعون الإخلاص يتساءلون لماذا تكثر بيننا الخلافات والانشقاقات ولا يعلمون سبب لذلك . لأن السبب الوحيد هو ما تفعله نفوسهم المستترة في أجسادهم ، فلا تستر بثيابك قبح أعمالك لأن كثيرين من الرقباء المدركين لا يخفى عليهم ما تفعل ، وهم يعلمون سوء نياتك وخططك التي ترسمها للإيقاع بالغير وإلحاق الضرر بهم .
كثيرون ممن نثق بهم يتظاهرون أمامك بالطهارة والورع والتقوى وهم في الحقيقة لا يستحقون إلاّ كل شجب واحتقار .
إن احترام الناس لمن لا يستحق الاحترام لا يجعلنا هزءاً وسخرية في عيون الغير فحسب بل يقود الوطن إلى التخلّف ونحن لا ندري .
ابحثوا دائماً عن رجل خبير محب للعمل يتحلّى بالفضائل السامية والأخلاق الشريفة وقلّدوه العمل ، فالرجل المناسب في المكان المناسب ، فالمدير أو الأب الصالح لا يصدر منه إلاّ كل خير وصلاح وبجدّه ونشاطه يصبح ماهراً بعمله فيتسلّق سلّم النجاح في إدارته وهو مُشرق الجبين .
من يعرف واجبه يعرف كل الفضائل ويعرف صحيح الأمور من فاسدها . إن واجب العمل هو روح الحياة ، ومعرفة الواجب هي سر الحياة القومية وكل امرىءٍ تمسّك بالواجب هو عضو نافع في جسم مجتمعه وعامل على رقيّه وتقدّمه ونجاحه وإلاّ فهو عضو فاشل في الحياة . فالذي يستلم إدارة عمل ولا يقوم به بإخلاص ونزاهة لهو أعظم مجرم لأن جريمته تضر بالمجموع بعكس من يعتدي على شخص فإن جريمته لا تؤذي إلاّ ذلك الشخص .
إن تقليد الوظائف لأربابها هو الرقي الحقيقي الذي يُعطي النجاح والتقدم للوطن بعيداً عن كل تخريب وفساد .
1/11/2008 المهندس جورج فارس رباحية