عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية aymonded
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
aymonded غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58
قوة التقييم : aymonded will become famous soon enough
Sm111 ماذا خرَجْتم تَنظُرونَ في البَرِّيَّة؟ أَقَصَبةً تهزُّها الرِّيح؟ (1)

كُتب : [ 07-15-2007 - 03:34 AM ]


" ماذا خرَجْتم تَنظُرونَ في البَرِّيَّة؟ أَقَصَبةً تهزُّها الرِّيح؟.." (لوقا 7 : 25)

وبينما الناس يتجادلون ويتباحثون أيهما أفضل فكري أم فكرك عقيدتي أم عقيدتك ، وانشقاقات لا تنتهي ولا يملك الواحد إلا أن يسأل سؤالاً بسيطاً:
ما الذي نراه في الكتاب المقدس ومن هو الشخص الذي نعرفه ؟

يتباهى كثيرين أن لهم فكر عميق وأصحاب فلسفة وقدرة على الكلام والمباحثات أكثر معقولية من الكتاب المقدس وكتابات الآباء وأن كلماتهم وأفكارهم مؤسسه على "العقل" في الوقت الذي يطالبوننا فيه أن نتجه للفلسفة والسفسطة بلا هدف آخر سوى المناقشات والحوارات التي تفيد من على خطأ أو صواب ، وأحيانا لأشياء لا تُعقل (( وطبعاً أن لا أتكلم عن الدراسة الجادة بالبحث والإطلاع والمقارنة بين الكتابات باتضاع القلب وانسحاق الروح وتسليم القلب والفكر للروح القدس ))

إنما أتكلم عن حجة العقل التي لا محل لها من الفخر هنا لأن الله لا نعرفه بالعقل وإنما نعرفه بالإعلان والإيمان ، الله ظهر لنا في ملئ الزمان متجسداً ليحول ميلادنا إليه ويجعلنا أبناء لله فيه بالتبني بالصدق والحق

فإنْ لم يعلن عن نفسه فكيف نعرفه؟
وكيف نؤمن إن لم نراه ونتحسس موضوعنا فيه ؟

ولما احتار الناس في شأن المسيح مطالبين تحديد هويته زاد المسيح أسئلتهم سؤال آخر: "ماذا يقول الناس عني ، من أنا؟" ويرد عليه بطرس: "أنت المسيح ابن الله الحي" فيفرح المسيح ويؤكد عليه قائلا: طوبى لك يا سمعان بن يونا لأن لحما ودما لم يعلنا لك هذا ولكن أبي الذي في السماوات (لم يكن بطرس ليكون أداة يستخدمها الله ليعلن حقيقته إلا لولا أن الله سبق وأعلنها لقلب بطرس وبموجب قيام الله بالمبادرة وإعلان هذا لقلب بطرس ولكل جوارحه يصبح بطرس أداة في يد ربنا ويعلن إعلانات الله: أنت المسيح ابن الله الحي (راجع متى 16: 13- 17).

الإنجيل ببساطة وإيجاز هو كلمة الله المعلن فيها شخصه . الله يعلن لنا عبر التاريخ وينتقل بنا من مرحلة الطفولة الإنسانية بكل رموزها إلى مرحلة الإعلان الكامل في مجيء المسيح.

بالنسبة للفلسفة وكل أبحاث الإنسان الاجتهادية وللأسف إلى الآن هذه المرحلة مسيطرة على الساحة كلها مع أنها تُمثل مرحلة من مراحل إعلانات الله في مرحلة الطفولة الإنسانية ولكن معرفة الله فيه ضبابية عليها عتمة وقتام وكأننا في أول عهد معرفتنا بالله في بدء التاريخ البشري..

ومعظم الذين يبحثون عن الله ويعيشون معه منذ القديم وأحياناً للآن ينادون دون تصريح واحد بالفطرة ويطالبون بمبادئهم أن نعيش وفق فطرتنا الإنسانية ويكون لكل فعل رد فعل ، وللأسف اسمع الكثيرين حينما يتكلمون عن حياة التقوى أو عن الحياة المسيحية يقولون نحن نتكلم على مبادئ ، أو يشرحون كلام الله بناء على المعقول و لا معقول ، ولكن المسيحية في حقيقتها ترتفع بنا إلى مستوى أبعد من العيش الغريزي الفطري وهو مستوى الإتحاد بالله في المسيح (( مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ )) (( من يأكلني يحيا بي ))

عندما نذكر ما قاله ربنا على الصليب وهو يذكر من يذيقونه ويلات الأوجاع ويجلدونه بالسياط وهو على الصليب: يا أبتاه لا تحسب لهم هذه الخطية.
وعندما يقول لنا بنفسه أن نحب أعداءنا ونصلي لأجل من يسيئون إلينا فبحسب النص اليوناني ليس المقصود مجرد الصلاة العابرة بل أن نحني ركبنا ونتضرع إلى الله بالتشفع والصلوات من أجلهم حتى لا يحسب عليهم أي خطية بل يبرئهم منها ويريهم حبه العجيب.

هذا المفهوم الإيماني في المسيحية يفوق السلوك بمقتضى الفطرة و يدعونا للحياة الإلهية والتي عشها المسيح على الأرض ووضعها لنا نموذج نتسلمه منه مباشرة لأنه حسب كلمة بولس نفسه أننا به نحيا ونتحرك ونوجد . فهو فينا ونحن فيه لأن الكلمة صار جسداً وحل بيننا وصرنا أبناء فيه لله بالتبني ...

تلك هي السماء على الأرض لمن لا يريدون مجرد صك تبرئة من الجحيم و التعامل مع الله بأسلوب الدائن والمدين والبائع والمشتري الذي يشتري منه الغفران أو حق الدخول لأقداسه ويشتري منه الحسنات بالأعمال الصالحة لأننا حقاً أبناء له ، كفعل نعمة موهوبة لنا من الله ، ولنا حق الدخول للأقداس بدمه ليس عن استحقاق أو عمل عملناه بل بمقتضى رحمته ...

هذا لربما يجيب على سؤال أصدقائي اللادينيون أو المفكرين أو المسيحيين بالشكل أو الذين يحبون أن يستحقوا الملكوت عن قدرة أو عمل أو الذين يحبون أسلوب هات وخد أو الذين لا يؤمنون بالله على الإطلاق عندما يبتسمون لي تعجباً أو تهكماً متسائلين:
ماذا فعلت؟ هل استبدلت فكراًً بفكر آخر؟ ما الجديد؟

في واقع الأمر، الحياة التي أحياها بالروح ليست ديناً آخر يحل محل دين سابق ولا فكر محل فكر ولا رأي محل رأي ولا هي فلسفة أتبناها ولاهي مناقشات لأثبت من هو الذي على صواب ومن هو على خطأ ولا هي مبنية على مجموعة فرائض وأركان إيمان بل الحديث هنا هو عن سرّ ابن الله يسوع المسيح الكلمة المتجسد الذي أؤمن به مستعلناً لي سرّ الله ، ليس مجرد فكرة قابلة للدحض أو البرهان بل هو شخص الكلمة المتجسد ، وهوَّ شخص ابن الله الكلمة الكائن قبل الدهور ، وهو الشخصية الحقيقية التي أرتبط بها، ويصبح هو ربي وإلهي وتاج فخري وينبوع حياتي وصديقي والذي لا أخشاه أبدًا إذ لا أخشى الأصدقاء لأن المحبة الكاملة تطرد الخوف إلى خارج وتعطي احترام وتقدير ومهابة .


وللحديث بقية
النعمة معكم كل حبن آمين


رد مع إقتباس
Sponsored Links