59- هذه بعض الأمثلة على شفاعة الروح القدس كما سُلمت إلينا من الشيوخ الذين سبقونا في الإيمان :
* يتكلم الروح القدس في قلب المؤمن بكلمات الوحي المقدس ، ويزجر النفس غارساً مع الزجر سلاماً وفرحاً دون قهرٍ ، ودون تسلطٍ ، ويُعزي النفس بمواعيد الله الحية .
* الروح القدس لا يترك النفس ، بل يُشجعها في وداعة ، ويُعزي القلب بالمثابرة هامساً بشكل غير منظور ، ويمتزج صوت الرب مع فكر الإنسان بشكل لا يلاحظه الإنسان حتى أنه يظن أنه هو الذي يتحدث مع نفسه . وإذا ثابر الإنسان واستمر في حياة الشركة ، أعطاه الروح القدس العزم وبذلك يستطيع أن يَعبُر بحر تجارب العالم .
* إذا مال الإنسان وانعطف نحو الخطية وسقط ، فإنه يمر بمرحلة ظلام روحي على قدر قوة وتسلُّط الشهوة ، ومتى ضاع أثر اللذة وأفعال الإنسان مثل النائم من شرب الخمر ، يقترب الروح القدس في هدوء ، ويُحدث النفس في القلب شارحاً لها عدم جدوى الخطية ، وكيف أفسد التعدي الحياة الداخلية . هنا يعمل الروح القدس مثل طبيب يكشف عن المرض ويقدم الدواء .
* الروح القدس يتودد للنفس مخاطباً إياها عن حبها الأول ، وعن الصلاة والقدَّاسات التي نالت فيها قوةً وعزاءً ، وعن الاحتفالات بأعياد القديسين لكي نعيش بذرة الرجاء بمياه المواعيد ، ويفتح لها باب الحياة من جديد .
60- حقاً سمَّي الرب يسوع الروح القدس " الباراكليت " أي المدافع عن الإنسانية التي افتُديَت بدم الابن الوحيد ، وهو أي الروح القدس لا يقدم لها دفاع المحامين في المحكمة وأمام القضاء ، بل دفاع المُعلَّم والمرشد ؛ لأن صلاح وعزاء الثالوث هو صلاحٌ واحد وعزاءٌ واحد لربٍ واحد . هكذا يقترب المعزي الذي يعرف أعماق النفس ويشرح لها – مثل مُعلَّم حنون – مواعيد الله ، ويكشف لها أسرار الحياة السمائية لكي تشتاق إليها وتعرفها ، ويُقدَّم لها عربون هذه الحياة لكي تحيا حسب الرجاء وتترك – بحرية – لذَّات وشهوات وغرور الخطية .
61- هكذا يحفظ الروح القدس النفس في المسيح ، ويُثبتها حسب وصايا الرب حتى لا تستهين بموت الخطية .
رسالة الأب صفرونيوس إلى تلميذه تادرس
عن المئوية الأولى في التوبة
59- 61 صفحة 17- 19
مترجم عن المخطوطة القبطية