عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 2 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: لماذا نأكل أكل نباتي في الصيام

كُتب : [ 03-14-2011 - 08:21 PM ]


سلام لنفسك يا محبوب الله الحلو
أولاً : وفي الأساس الصيام ليس موضوع أكل وشرب ونوعية طعام وشراب ، بل هو صيام انقطاعي لمدة معينة حسب قدرة كل واحد للتفرغ للصلاة وتقديم القلب لله ، وذلك كنوع من أنواع التخصيص وتقديم الوقت ذبيحة لله الحي والإصرار في الصلاة على الامتلاء بالروح القدس ودخول في شركة حية مع الله بقراءة الكلمة التي بها نحيا ...

ثانياً : سبب أكلنا الأكل النباتي يأتي كإعلان منا أننا نشتاق أن نحيا الحياة الأبدية ونعيش في لقاء حي دائم بالعيان (مُعاينة ورؤية) مع الله كآدم قبل السقوط ، ونستعد للمجد الآتي أي مجيء الرب يسوع ونطلبة عملياً كفعل واضح في حياتنا ، لأن الرب قال عندما سأله [ تلاميذ يوحنا قائلين لماذا نصوم نحن و الفريسيون كثيراً و أما تلاميذك فلا يصومون ، فقال لهم يسوع هل يستطيع بنو العرس أن ينوحوا ما دام العريس معهم و لكن ستأتي أيام حين يرفع العريس عنهم فحينئذٍ يصومون ] (مت9: 14 - 15) ، لأنهم بصومهم - في رفع العريس عنهم بالجسد - يطلبون وجه العريس أن يُشرق عليهم ويعطيهم ملء نعمته ويحضر معهم ويحل بالإيمان في قلوبهم في أيام غربتهم على الأرض ليحيوا به ، وبالأكثر في أيام الضيق والشدة ، وهم يطلبون مجده سائلين أن يأتي سريعاً ليحيوا معه عياناً في المجد الآتي ...

وأيضاً لأن آدم قبل السقوط لم يكن يأكل الحيوان أو غير ما هو نباتي ، لأن كان في صلح وسلام دائم مع الخليقة كلها ، وأيضاً سبب السقوط هو شهوة الأكل بعصيان كلمة الله وانفتاح الإنسان على شهوات الأطعمة والتلذذ بها بانحراف عن طريق التقوى وليس بالشكر ، وبصومنا نعلن تحررنا من قيد الشهوة وسلطان الخطية المستتر فيها والتي كانت سبباً للسقوط والإغراء لمخالفة الوصية ، معلنين جوعنا الحقيقي وشهوتنا لملكوت الله ومجيئه وبكلمته الحية وحدها نحيا ونشتهيها جداً ، والمسيح الرب رد آدم وبنيه لرتبتهم الأولى وما هو أعظم إذ جعلنا أبناء لله وفي داخلنا ملكوته [ لأن ها ملكوت الله داخلكم ] (لو 17 : 21) ، وصيامنا تعبير على أنه [ ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله ] وهذا ما هو مكتوب حسب كلمة الله وإعلان الرب يسوع في التجربة ، ونحن بصومنا هذا نقول بالفم وعلى المستوى العملي آمين تعالى أيها الرب يسوع حسب وعدك [ ها أنا آتي سريعاً ] فنحن منتظرين ملكوتك ومستعدين أن نحيا معك كما أعددت لنا لأننا كآدم في الفردوس نحيا في صلح وسلام تام مع الطبيعة ومع كل الناس والأعداء ، بمعنى مختصر أننا نعلن أننا على الأرض نمارس حياة الملكوت السماوي وفي صلح تام مع الخليقة كلها [ و لكننا بحسب وعده ننتظر سماوات جديدة و أرضاً جديدة يسكن فيها البر ] (2بط 3 : 13) ، [ أنا يسوع أرسلت ملاكي لأشهد لكم بهذه الأمور عن الكنائس أنا أصل وذرية داود كوكب الصبح المنير. والروح و العروس يقولان تعال ومن يسمع فليقل تعال ومن يعطش فليأتِ و من يرد فليأخذ ماء حياة مجاناً ] (رؤيا 22: 16 - 17) ، ونحن نقول للرب تعالى ايها الرب يسوع ، لا بالكلام بل بالعمل والحق في شكل الصوم القلبي قبل الجسدي ....

ثالثاً : بالطبع لا يُأخذ الصوم بصورة حرفية متشدة والتركيز على الأكل والشرب وماذا نأكل وماذا نشرب كما نراها عند البعض ، أو نضع الموضوع في صورة تحريم قاطع مانع متشدد لأكل لحم ودسم ونضعه في صورة حرمان من ملكوت الله ، لأن هذا خطير لأنه انحراف واضح عن الإيمان ولا يتفق مع روح الإنجيل [ ولكن الروح يقول صريحاً أنه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحاً مضلة و تعاليم شياطين. في رياء أقوال كاذبة موسومة ضمائرهم. مانعين عن الزواج و آمرين أن يُمتنع عن أطعمة قد خلقها الله لتتناول بالشكر من المؤمنين وعارفي الحق. لأن كل خليقة الله جيدة و لا يُرفض شيء إذا أُخذ مع الشكر. لأنه يُقدَّس بكلمة الله و الصلاة ] (1تيموثوس 4: 1 - 5) ، ولا نحيا حرفيين كما نرى عند البعض وعلى الأخص المتشددين الواقعين تحت سلطان الحرف ، بمعنى لو أكل مع شخص غير صائم صوم الزيت والنبات فيقوم بثورة وكأنه شر وسبب السقوط ، أو لو أكل شيئاً واكتشف ان فيه ما هو فطاري يشعر وكأن صيامه ضاع ويحزن وكأنه خسر ملكوت الله ، أو لم يجد ما يأكله في رحلة أو مكان ما فأكل شيء لا يُأكل في الصوم ... الخ الخ ...
عموماً مثل هذه المواقف المتعددة والمتشددة توضح وتثبت إثبات قاطع أن هذا الإنسان لم يدخل بعد في حرية مجد أولاد الله ولم يصم بعد الصيام اللائق بملكوت الله ، فكل ما يصنع - حتى لو التزم بتدقيق شديد وعمل نسك يفوق كل نساك العالم - هو خارج عن روح الصيام ومقيد تحت الشكل والحرف ، لأن الله حررنا من ناموس الحرام والحلال الذي هو ناتج من عبودية الإنسان للحرف الذي يقتل ، وهذا كفيل أن يُطفيء روح الله ، لأن
الصوم حركة محبة قلبية صادقة بإيمان حي نحو الله وشركة مع المؤمنين والكنيسة كلها
، وبالتالي ثمرها يظهر في الحرية التي حررنا المسيح بها من عبودية الحرف ، وأيضاً يظهر نحو الناس ومحبتهم بلا شرط أو قيد ، وهذا هو بالصدق عمل الله في القلب من خلال الصوم الذي يجعل الإنسان يطلب باستمرار مجيء الرب المخلص ويشفق على الخليقة كلها ويسكب نفسه في الصلاة من أجل كل ضعيف وفقير وخاطئ بل وعلى الأخص الأعداء مهما كانوا قساة أو ظَلَمة ، وهذا يُظهر أن هذا الصوم مبارك ومقبول عند مخلصنا الصالح القدوس ...

وأختم بكلمات القديس بولس الرسول : [ لأن ليس ملكوت الله أكلاً و شرباً بل هو بر و سلام و فرح في الروح القدس ] (رو 14 : 17) ، وليس معنى كلامي أننا لا نصوم حسب تقليد الكنيسة ، بل لنا أن نحفظه بالتزام ومحبة صادقة ووعي في روح التقوى والوقار ، ولكن من المهم جداً أن نركز على المعنى الروحي للصوم وليس لحفظ الحرف ، لأن الحرف يقتل اما الروح فيُحيي ، فلنحذر جداً من أن نضع الصوم في صورة أكل وشرب ونتقيد بحرفيتها وننسى التوبة والغذاء السماوي الحي بكلمة الله التي تُنير العينين وتعطي راحة داخلية وحرية حقيقية وأيضاً ممارسة سر الشركة ، أي الإفخارستيا [ من يأكلني يحيا بي ] ..

ومبارك من يحيا ملتزماً مع الكنيسة كلها بطقس الصوم المقدس في سر التقوى ومحبة الله وبإيمان واعي ، واعياً تماماً لما يصنع ، فاهماً مشيئة الله ومتمماً وصاياه ، حياً بناموس روح الحياة في المسيح يسوع الذي أعتقنا من ناموس الخطية والموت (رومية8) ، نعمة ربنا يسوع تفيض داخلك سلام ومسرة مع كل شعبه وكل الذين دُعيَّ عليهم اسمه القدوس آمين فآمين


التعديل الأخير تم بواسطة aymonded ; 03-16-2011 الساعة 09:10 AM

رد مع إقتباس