العودة للنفس – العودة إلى الله
نحن مخلوقون على صورة الله ومثاله حتى وإن كنا غارقين في أوحال الخطية ؛ لأن نعمة الله المُعطاة لنا لا تهلك ولا تتبدد ؛ لأن الله لا يُعطي نعمة ثم يندم عليها ، بل – كما ذكرت الأسفار المقدسة – أنه يندم فقط على هلاك الإنسان . والدليل على بقاء صورة الله فينا ، الأمثلة الحية الباهرة للسلوك في العهد القديم : إبراهيم ويوسف وإيليا ويوشيا الملك وغيرهم .
وحتى في تاريخ الأمم نفسه ، نجد – رغم الوثنية – من قاوم الوثنية ، ووعَّى الناس إلى الأخلاق الفاضلة ، أي التشبُّه بأخلاق الله : الصلاح والمحبة والخير . ولذلك يقول الرسول يعقوب إن جميع البشر خُلقوا على صورة الله ( يعقوب 3 : 9 ) .
وحسب التدبير جاء الرب ابن الله الذي هو صورة الآب ، وأعلن لنا في الناسوت حقيقة هذه الصورة بعلاقته وشركته مع الآب ، واتكاله المطلق عليه لكي يعلن لنا أن الشركة لا وجود لها إلاَّ بالعودة إلى المصدر أي الآب ، ذات العودة التي أعلنها في أقنومه الإلهي . ورغم أنه مساوي للآب في كل شيء ، وله ذات الصفات الأقنومية ، إلاَّ أنه جعل كل شيء في حياته من الآب للآب ، حتى بعد أن قَبِلَ الروح القدس في إنسانيته لأجلنا ، فقد جعل كل أعماله بما فيها إخراج الشياطين هي بقوة الروح القدس ؛ لأنه " وَحَّد " عمله وقوته بالقوة ، أي ذات القوة التي له ، وهي ذات قوة الروح القدس مؤكداً بذلك الشركة الكاملة .
رسالة الأب صفرونيوس إلى تلميذه تادرس – المئوية الثانية في التوبة مترجم عن المخطوطة القبطية تحت عنوان
التوبة وعمل الروح القدس في القلب