عدو الإنسان غير المنظور يدخل إلى النفس ويحاول أن يداعبها من خلال ثغرات ميول القلب - وعلى الأخص من جهة الغرائز - مثيراً شهوات القلب حتى يقنع الإنسان بالاستماله نحوها ، فيحيد عن الطريق الصحيح للشر الغير موجود ، ويتهيأ للإنسان أنه من الداخل كله شرور وأن أصل الخطية وجذرها في داخله ، فيميل نحو الخطية ويلقي نفسه في أحضانها بوقاحة وجرأة !!!
ثم بعد ذلك يتسرب للإنسان الشعور القاتل والمحزن الذي قد يصل لحد الكآبة كارهاً فعله المشين ، متكدراً بما قد حدث ، ويشعر بالحياء والخوف والقلق المضني ، ثم يحاول عدو كل خير أن يدفعه إلى أحضان الخطية بعد أن يجعله يائساً من نفسه ، حتى يغرق بالتمام فيها فلا يستطيع أن ينتصب ابداً ، فالخوف والخجل يحيط به ويخنقه ، حتى أنه لا يجد أملاً في الرجوع لله نهائياً ، ويرميه عدو كل خير في هاوية الضلال واليأس القاتل للنفس والذي يشل كل حركاتها ويفقدها وعيها بالتمام ، حتى يصيب الإنسان نفسه بالموت ....
المخيف في حياتنا ليست الخطية في حد ذاتها أو ضعفنا الإنساني ، بل الخوف الحقيقي ألا يعود الإنسان إلى حضن الله حبيبه بعد الخطية ، ولا يقبل أن يتوب خجلاً وخوفاً وأن ينظر لطريق التوبة كطريق صعب متعب ، وأن يعتقد أن الله لن يقبل توبته مهما كلف الأمر لأنه غاضب كارهاً ما قد صنع ، رافضاً إياه وملقيه في الخارج عنه ولن يهتم به أبداً !!!
مع أن لا يذهب الأصحاء إلى الطبيب بل المرضى ، ورب المجد يسوع لم يقيم أحياء من الموت ، بل الموتى !!! " و نحن اموات بالخطايا احيانا مع المسيح بالنعمة انتم مخلصون " (اف 2 : 5)
في الحقيقة أن الإيمان بأن رحمة الله لا تُحدّ ، جدير بأن يعتق النفس من دمار اليأس الهادم لكل قوى الإنسان !!!
الموضوع عن جد خطير ، لذلك علينا أن نحصن أنفسنا ضد الجرأة على الخطية وضد الخجل والخوف الذين يعقبان جرم اقتراف الخطية المشوهة للنفس ، والمدمره لكل قوى الإنسان الداخلية ، ودراسة الأمور الإلهية السامية ستحمينا من الخطية وستساعدنا حتى لو سقطنا على النهوض بقوة وسهولة ....
فلنتقدم لله بجراحاتنا ليداويها ، ولا نخجل منها ، لأن المريض أن خجل أن يكشف نفسه أمام الطبيب وهرب من الكشف والعلاج سيموت حتماً ولن ينتفع بخجله شيئاً ...
وهبنا الله قوة حياة التوبة والبعد عن الشر والشرير ؛ النعمة معكم كل حين