مفهوم الأب الروحي يأتي من كلمات القديس بولس الرسول من هذه الآيات :
+ " لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل " ( 1كو 4: 15 )
+ " يا أولادي الذين أتمخض بكم أيضاً إلى أن يتصور المسيح فيكم " ( غلا 4 : 19 )
+ " كنا مترفقين في وسطكم كما تُربي المرضعة أولادها ، هكذا إذ كنا حانين إليكم كنا نرضى أن نعطيكم لا إنجيل الله فقط بل أنفسنا أيضاً لأنكم صرتم محبوبين إلينا " ( 1تس 2 : 7 ، 8 )
من هنا تتضح مسئولية الأب الروحي ودوره الحقيقي ، فهو له موهبة الأبوة من الله بالروح القدس ويظل يعتني بأولاده ، ويجاهد من أجلهم حتى : " يتصور المسيح فيهم " ، أي حتى يقتنوا الروح القدس في باطنهم الذي يصور المسيح في داخلهم ، فيعلمهم ويرشدهم إلى كل الحق .
ونرى كلمات الأب الروحي العظيم القديس الأنبا أنطونيوس الكبير ، وهو يركز على اقتناء الروح القدس ليجعل الطريق واضح أمام أولاده وفي نفس الوقت هو توجيه لكل أب روحي ن ليعلمه الطريق الذي يسلكه فهو يقول :
[ أحبائي في الرب ...
أكتب إليكم كأبناء أعزاء . فانه حتى الآباء الجسديين يحبون أولادهم أكثر حينما يجدون هؤلاء الأولاد متشابهين لهم . وهكذا أنا أيضاً فبقدر ازديادكم في التمثل بي ، فإني أصلي إلى الله لكي يعطيكم ما سبق وأعطاه لآبائنا المغبوطين . وأصلي لكي ما آتي إليكم وأسلمكم أسراراً أخرى أيضاً ، لا أستطيع أن أكتبها إليكم على الورق . فعيشوا في فرح وسلام مع أب المراحم ، لكي ما تنالوا الموهبة التي نالها آبائكم ...
والآن أمكم سارة ( يمثل الروح بسارة في العهد القديم التي ولدت حسب وعد الله ) التي هي الروح تفرح بكم . هذه التي أكملت حملها وولدت روحاً إلهياً فيكم وتشتهي أن تكملكم كما طلبت منها عنكم .
وهذا الروح الناري العظيم الذي قبلته أنا اقبلوه أنتم أيضاً ، وإذ أردتم أن تنالوه ويسكن فيكم فقدموا أولاً أتعاب الجسد وتواضع القلب ـ وارفعوا أفكاركم إلى السماء ليلاً ونهاراً ، واطلبوا بكل قلوبكم هذا الروح الناري القدوس وحينئذ يُعطى لكم ....
وأنا أبوكم اجتهد معكم وأصلي لأجلكم لكي تقبلوه ... ]
( الرسالة 8 للقديس الأنبا انطونيوس الكبير )
والأب الروحي يسلك للوصول لهذا الهدف ليس بالإرشاد والكلمات والوعظ فقط ، بل بالحياة والقدوة الحسنة أيضاً ، بل ويحمل أثقالهم ، أي يشاركهم في ضعفهم وآلامهم وأحزانهم وحتى أفراحهم : " من يضعف وأنا لا أضعف ؟ من يعثر وأنا لا ألتهب ؟ " ( 2كو 11: 29 )
هذا هو ما يفعله الأب الروحي الحقيقي ، الذي له موهبة الأبوة من الله لا من الناس ، فهو يحس بمسئوليته عن نمو أبنائه الروحي ، فهو دائماً ما يسكب نفسه أمام الله ويجاهد في أن يقوموا من عثراتهم وضعفاتهم ...
عموماً سوف نكمل حديثنا ونضع صور حقيقية للآباء الروحيين من خلال أمثلة تاريخية واعية كان لها ( ولا زالت ) أبوة على مستوى البذل والعطاء لنتعلم ونعرف من هو الأب الروحي الحقيقي ، ولكي يجتهد كل أب روحي في صلواته طالباً من الله نفس ذات القوة لكي يمارس أبوته بالتقوى وعمل الروح القدس بكل نشاط والتزام بحب عميق لكي يلد أولاد للمسيح مثل القديس بولس الرسول الذي سلمنا الطريق الحقيقي الذي حسب الحق ...
النعمة معكم
صلوا من أجلي