عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية aymonded
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
aymonded غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58
قوة التقييم : aymonded will become famous soon enough
Heartcross جوهر الحياة المسيحية وخطورة الطريق

كُتب : [ 10-25-2010 - 11:46 AM ]


أن الحياة المسيحية في حقيقة جوهرها الأصيل ، هي حياة القلب ، أي [ إنسان القلب الخفي ] (1بط 3: 4) ، الذي زينته الحقيقية التي يسعى أن يتزين بها [ زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدام الله كثير الثمن ] (1بط 3: 4) ، فالحياة المسيحية ليست مجرد آراء لاهوتية أو أفكار إنسانية تتسم بالعقل والفكر الفلسفي ، أو حتى تدخل في صراع جدلي لإثبات صحتها ، بل هي خبرة حية لرجال ونساء أضاءوا ويضيئوا التاريخ بنور حياتهم الإنجيلية الحية المُعاشة في أعماق قلوبهم من الداخل ، وتُرجمت في حياتهم لحياة مُضيئة بنور المسيح يسوع الحلو لتشع أمام الجميع ليتمجد اسم الله ويصيروا قدوه يحتذي بها كل من يريد أن يسير في نفس ذات الطريق ، وبمعنى رسولي نستطيع أن نتعرف على حقيقة الذين يسيرون في الطريق الروحي الأصيل والذين قال عنهم القديس بولس الرسول : [ انتم رسالتنا مكتوبة في قلوبنا معروفة و مقروءة من جميع الناس ] (2كو 3 : 2) ، وهذه حقاً هي سير القديسين المكرسة لله القدوس الحي ....

فالحياة المسيحية الداخلية ، هي حياة مقدسة متحركة وليست جامدة ، وسر حركتها عمل الروح القدس في باطنها ، وتتحرك بحرارة الإيمان والرجاء والمحبة ، تسعى بإخلاص وبأمانة مستمرة نحو ملكوت الله وبرّه ، تعلو وتهبط وأحياناً تتعثر وتسقط ولكن لا تخون طريقها ، فهي لا تكف عن السعي المتواصل مهما كان وضعها ، بل تنمو وتتقدم ، أحياناً بسرعة وأحياناً ببطء شديد نحو هدف لا ينطفئ من أمام أعيُنها لأنها تتبع وصية الرب الذي كُتبت في قلبها وخُطت في ذهنها ، بل ولا تبرح أعينها قط : [ كن أميناً إلى الموت فسأُعطيك إكليل الحياة ] (رؤ2: 10)

ولكن هناك خطورة في طريق المسيحي الحقيقي الساعي نحو ملكوت الله وبره ، والخطورة تكمُن في عدم الحذر من الوقوع في الإرادة الذاتية أو الحياة مع الله بإرادتي وقدراتي الخاصة ، التي تكون سبباً في تدهور بل وسقوط الحياة ، من الداخل الحي بالروح وقوة الله إلى الخارج الميت بقوة ذاتي وإرادتي واجتهادي الخالي من قوة الله لحفظ الوصية وفهم واستيعاب الكتاب المقدس بالروح وحسب مقاصد الله ، بل بقدراتي العقلية التي أثق فيها كثيراً !!!

يا أحبائي الطريق المسيحي الأصيل هو رحلة شاقة جداً ولذيذة ومفرحة للنفس ومستمرة للدخول إلى القلب بالروح القدس لفحصه وتهذيبه وضبطه على ضوء كلمة الله الفاحصة نية القلب وميوله ، والقاطعة لأغلال الشر والفساد القديم ليتحرر ويدخل في حالة نقاوة ، وعلى الإرادة – في هذه الحالة – أن تخضع لعمل الروح القدس ، وحفظ وصية المسيح يسوع – حبيب النفس الخاص والمُقيم فيها – بالمحبة في طاعة الإيمان الحي العامل بالمحبة .

مشقة الطريق وآلامه هي بسبب مواجهة النفس وكبرياء القلب الخفي ، وعدم قدرة الإرادة للخضوع للروح القدس ، فنحن لا نخضع بسهولة بل بمشقة بالغة ، بسبب ثقتنا المفرطة في أنفسنا ، أو قطع رحلتنا في طريق الله بإرادتنا وتشغيل العقل لخضوع ما هو فوق قدراته وإمكانياته لفهمه وإدراكه ، ووضع بنود لطريق الله حسب المفهوم الشخصي ، بل وتطبيق كلمة الله في إطار خبراتي واعتقادي ، وهنا تكمن الخطورة كلها ، لأني بهذا انحرف عن الطريق المستقيم وادخل في طريق آخر ظناً مني أن هذا هو طريق الله الحي !!! بل من الجائز والممكن أن أُعلم الآخرين نفس ذات الطريق المنحرف الذي أسير فيه !!! ومن هنا ينشأ الضلال ومعي آخرين !!!

عموما نستطيع أن نضبط هذا كله أن وعينا أن الطريق هو طريق الله ، وليس طريق إنسان ، فهو الذي يرسم الطريق أمامنا ويجعلنا نسير وفق إرادته المعلنة لنا من خلال الكلمة بالروح القدس الذي ينقينا ويطهر داخلنا لنستطيع أن نتعامل مع الله خاضعين له لنتحرر من الأهواء الخفية وبالأكثر من الكبرياء المستتر ، ولتحرير الإرادة لتكون إرادة متفقة مع مشيئة الله ومنسجمة مع حركات الروح في الداخل ...
عموما وباختصار شديد ، الحياة المسيحية الحقيقية ، هي حياة داخلية ، مراحلها متتالية قد تبدأ بالتدرج أو قد تتداخل ، وهذا بالطبع حسب عمل الروح القدس وأمانة الإنسان في طاعة الإيمان ، ومراحل الحياة المسيحية تبدأ بالتحرر من الأهواء الداخلية التي هي سبب الخطايا وعلل النفس الدائمة ، ثم تستمر بالإيمان والتوبة الدائمة والاستنارة وفي النهاية تدخل في مرحلة الاتحاد بالله بسر يفوق كل قدرات الإنسان وإمكانياته ...
هذه هي الحياة المسيحية باختصار وإيجاز وإظهار الخطورة التي تكمن فيها ، وآن لنا اليوم أن نفحص قلوبنا بكل جدية على حرارة وصية المسيح واختبارات الإيمان التي للقديسين ، في هدوء وتأمل ، لكي نشارك آباءنا القديسين الذين نفتخر بهم ونكتب سيرهم العطرة بالتمثل بإيمانهم وجهادهم الحلو ، لنتذوق خبرة الإيمان الحي بالروح القدس ...

مجداً للثالوث القدوس الإله الواحد آمين



رد مع إقتباس
Sponsored Links