قصيدة ذهب الذين
للشاعر الأفوه الأودي
ذَهَبَ الذين عَهِدتُ أمسِ برأيِهِـمْ *** مَن كانَ ينقُـصُ رأيُـهُ يَسْتَمْتِـعُ
وإذا الأمورُ تَعاظمتْ وتَشَابَهـتْ *** فهنـاكَ يَعْترفـونَ أيـنَ المَفْـزَعُ
وإذا عَجاجُ الموتِ ثارَ وهَلْهَلـتْ *** فيهِ الجيـادُ إلَى الجيـادِ تَسَـرَّعُ
بالدَّارِعينَ كأنَّها عُصَـبُ القَطـا *** الأسرابِ تَمْعَجُ فِي العَجاجِ وتَمْزَعُ
كُنا فوارسَهـا الذيـنَ إذا دَعـا *** دَاعِي الصَّـبَاحِ بـهِ إليهِ نَفْـزَعُ
كنّـا فـوارسَ نَجـدةٍ، لكنَّـها *** رُتَبٌ، فبعضٌ فوقَ بعـضٍ يَشْفَـعُ
ولكلِّ ساعٍ سُنَّـةٌ مِمَّـن مَضَـى *** تَنْمي بـهِ فِي سَعْيـهِ أو تُبْـدِعُ
وكأنَّما فِيـها المَذانِـبُ خِلْفَـةً *** وَذَمُ الـدِّلاءِ على قَليـبٍ تُنْـزَعُ
فينـا لثعلبـةَ بنِ عـوْفٍ جَفْنَـةٌ *** يأوِي إِلَيـها فِي الشِّتـاءِ الجُـوَّعُ
ومَذانبٌ مـا تُستعـارُ وجَفْنَـةٌ *** سَوداءُ عنـدَ نَشيجـها ما تُرْفَـعُ
مَن كان يَشْتُو، والأرامـلُ حولَـهُ *** يُرْوي بآنيَـةِ الصَّريـفِ ويُشْبـعُ
فِي كلِّ يـومٍ أنتَ تفقِـدُ منهُـمُ *** طَرَفـاً، وأيُّ مَخيلـةٍ لا تُقْلِـعُ ؟
لَم يبـقَ بعدَهُـمُ لعينَـيْ ناظـرٍ *** ما تَسْتَنيـمُ له العيـونُ وتَهجَـعُ
إلا الملامَـةَ من رجـالٍ قد بُلُـوا *** فهموهمـو، وأخو الملامةِ يَجْـزَعُ
إنَّ بَنُـو أوْدَ الــذي بِلِـوائـهِ *** مُنِعَتْ رِئامُ، وقد غَزاها الأجْـدَعُ
وبهِ تَيَمَّـنَ يـومَ سـارَ مُكاثِـراً *** فِي النَّاسِ يَقْتَـصُّ المناهِـلَ تُبَّـعُ
ولقد نكـونُ إذا تَحلَّلَـتِ الحُبـا *** منَّا الرئيـسُ ابنُ الرئيـس المَقْنَـعُ
والدَّهـرُ لا يَبْقـى عَلَيـه لِقْـوَةٌ *** فِي رأسِ قاعِلــةٍ نَمَتْـها أربِـعُ
مِن دونِها رُتَـبٌ، فأدنَـى رُتْبـةٍ *** منها عَلى الصَّدَعِ الرَّجِيـلِ تَمَنَّـعُ
(( منقول عن موسوعة الشعر العربي ))