عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية aymonded
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
aymonded غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58
قوة التقييم : aymonded will become famous soon enough
Sm96 الحزن لأجل الله

كُتب : [ 09-23-2010 - 11:07 AM ]


الحـــــزن لأجـــــل الله

حينما ندخل في خبرة سقوط الخطية المُرّ ، نتأذى نفسياً جداً ونتضايق ونحزن ، وهذا أمر طبيعي لأن الخطية ليست من صميم كيان الإنسان ، بل هي غريبة عن طبعه ، وتسبب خلل نفسي في حياة الإنسان السوي الطبيعي ، وقد تجعله يصل لحد الكآبة وقد تتأذى نفسه وتتحطم في النهاية إن لم يتم معالجتها الصحيحة ,,,

فكل من يفعل الخطية يشعر بحزن وضيق وربما يصل أحياناً لحد الكآبة وانكسار النفس لأن هذه هي طبيعتها لأنها تحمل في داخلها الموت الذي يؤدي للفساد ، ولكن ليس كل حزن يقود للتوبة الحقيقية ، فالحزن أنواع ، بمعنى أن ليس كل حزن ينشأ من نبعٍ واحد ، وليس شرطاً أن يقود النفس لتوبة حقيقية تسبب نقاوة للقلب وسيرة عطرة بالتقوى في سر الشركة الحية مع الله القدوس محب النفس وكل البشر بلا استثناء ...


الخطية عموماً تسبب الحزن للجميع بلا استثناء ، حتى لو لم يُصرح الإنسان بذلك ، لأن هذه طبيعتها ، والحزن الذي يلي الخطية ينبع من ينابيع مختلفة منها :
1 – الحزن النابع من الكبرياء : فبعضاً من الناس – وعلى الأخص الخدام أو الكارزين أو من يقدمون الخدمات أو من لهم رتب كنسية بأي شكل أو وضع – يتخيل نفسه فوق ما هي ، أو يشعر في نفسه أنه مستحيل أن يُخطأ ويقع تحت ضعف ، لأنه قوي ومُعلم للناس ، وعندما يرى سقطته ، وأنه ضعف أمام خطية ، يسقط الصنم الذي كونه عن نفسه ، أو يجد الفكرة التي كونها عن نفسه قد تحطمت وانسحقت تماماً ، باختصار يشعر أن كبرياءه أنجرح !!! وهذا هو جرح الكبرياء ، أي الحزن بسبب الكبرياء وقد يصل إلى بكاء مرّ ولا يقدر الإنسان أن يتوب ، بل يحاول جاهداً أن يدافع عن كبرياءه المجروح أمام الجميع ، ويصبح عائق لتوبته وخلاص نفسه ، وأن حاول أن يُصلح حياته ، فذلك من أجل أن يعيد صنم ذاته الذي يعبده ، وأن لم يفلح في الإصلاح ، يداري خطيئته واهماً الجميع أنه فوق الخطية وحياته مستقيمة ، ومثل ذلك من الصعب أنه يعرف الله أو يتعامل معه ، فتفسد حياته ويقود الآخرين معه للهلاك ، ويشركهم في عبادة ذاته !!!

2 – الحزن النابع من الطمع : هناك حزن نابع من الطمع في الجوائز السماوية ، فالإنسان الذي بنى حياته مع الله على أساس ، هات وخد ، بمعنى أني أحيا مع الله ولا أصنع خطية لكي يباركني الله ويضبط حياتي وينجيني من كل ضيق وشدة ، ويعطيني المكافأة والجوائز السماوية هنا على الأرض وفي السماء ، لأني استحققتها عن جدارة ، لأني أحفظ نفسي من السقوط والخطية ، لذلك نسمع كثيرين حينما يدخلون في تجارب أو مشقات وصعوبات الحياة ، يستغربون ويشتكون قائلين : ماذا فعلت حتى أن الرب يجازيني هكذا !!!

عموماً حينما يسقط الطماع يحزن لأنه سيخسر الجوائز والعطايا الإلهية ، ويحاول أن يقوم لكي يقدر أن يطالب الله بالجوائز والمكافآت التي يستحقها بسبب توبته ورجوعه لله ، ومثل ذلك الحزن لا يقود لنقاوة القلب ولا معاينة الله ، لأنه مبني على الطمع الذي يقود لعبادة أوثان ، أي الأشياء الثمينة بالنسبة لتلك النفس ، لأنها تؤلِّه ما هو غير الله ، ولا تقدر أن تحبه بل تحب ما يقدمه !!!

3 – الحزن النابع من الخوف : كثيرين يتربون على فكرة مشوهة عن الله ، ويقيمون علاقة غير سوية مع الله على أساس أنه إله يجازي ويحاسب على كل هفوة وخطية ويلقي كل من يخطأ في الجحيم ، فتبنى حياة هذا الإنسان على أساس الخوف ، ويحاول أن يبتعد عن الخطية خوفاً أن الله يلقيه في المحن القاسية في الأرض أو يضره بأي شكل ، وعند مجيئه الثاني المخوف والمملوء مجداً سيحاسبه اشد حساب على خطاياه الكثيرة ، وهو حينما يتقدم للتوبة يضع أمام عينيه الدينونة الرهيبة التي تنتظر الخطاة !!!

وهذا الحزن لا يقود لتوبة سوية وسليمة بل تنشأ عبد خائف ومرتعب من الله القاسي الذي يجازي الإنسان حسب أعماله ، وبذلك يبني صورة عن الله لا تدخله في حرية أولاد الله ، بل تُنشأ أمام عينيه صورة كونها هو عن الله ، ومستحيل أن يصل لنقاوة قلب ، أو يقدر أن يُقيم علاقة حب مع الله أو يعرفه كإله محب البشر، بل يتعامل مع الله كسيد وعبد ذليل ليس له حول ولا قوة ويغط على نفسه بشدة لكي لا يعمل أي خطأ يغضب الله منهه وبذلك يقع تحت وهق نفسي لدرجة المرض ...

4 – الحزن لأجل الله : الإنسان الذي عاش حياة مسيحية حقيقية وعرف الله كشخص حي وحضور محيي في خبرة تلامس قلبي معه ، إذا أخطأ يحزن برجاء حي ، لأنه بالخطية التي ارتكبها استهان بالله الكلي الصلاح في قلبه وأبعده عن عينية ، وحيث أن المسيحي الحقيقي بالقلب والفكر والروح ، في نموه الروحي لا يتحرك بدافع الخوف من العقاب ، ولا بدافع الحصول على الجوائز السماوية ، أو رغبة أن يأخذ شيئاً على الأرض ولا حتى في السماء ، بل يتحرك بدافع المحبة نحو الله المحبوب لديه ، لأنه يرى أنه ابناً لله في الابن الوحيد ، في سر التجسد ، وأنه مقبول عن الله كأب حنون له ، وبصلاحه خلصه وأعطاه مجد عظيم في قبوله بمحضره ، لذلك فهو كابن حينما يرتكب الخطية أو أي أعمال خاطئة ، يشعر في نفسه أنه يُحزن محبة الله ، وهذا يُسمى الحزن لأجل الله ، وليس لأجل أي شيء آخر ...

وكما قال أحد الآباء : [ كل المسيحيين الذين تحركهم دوافع الحزن السامية يُفضَلون على غيرهم الذين يبكون وينوحون بدافع الكبرياء وحب الذات ، لأنهم ينوحون ويحزنون من أجل المحبة الإلهية ]



رد مع إقتباس
Sponsored Links