عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية aymonded
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
aymonded غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58
قوة التقييم : aymonded will become famous soon enough
Sm96 سر عدم فهم كلمة الله وإقامة لغة حوار صحيحة مع الله - طبيعة الكلمة وقوتها

كُتب : [ 03-11-2011 - 02:02 PM ]


لا يستطع إنسان أن يفهم مخارج كلمات وألفاظ لغة غريبة عنه ، بل دائماً ما يفهم اللغة التي ينطق بها وتعلمها منذ الصغر أو درسها ومارس النطق بها لأنها لغته الخاصة والتي يتحدث بها داخل المجتمع الذي يعيش فيه ، فلا يستطيع الإنسان أن يفهم لغة من هو غريب عنه ، وبالتالي لا يقدر أن يتفاهم معه أو يفهم قصده :[ فأن كنت لا أعرف (أجهل) قوة اللغة (إذا جهلت معنى الألفاظ – لا أعرف معنى اللغة) [ I don't know the meaning of the language ] أكون عند المتكلم أعجمياً (أجنبي – غريب لا أعرف) والمتكلم أعجمياً عندي (لا يستطيع أن يفهمني) ] (1كو14: 11)

فالتواصل مع الآخر وإنشاء علاقة مودة وصداقة لا يتم إلا بمعرفة وإتقان اللغة التي يتكلم بها ، الأمر الذي بدونه يكون الإنسان غريباً عن الآخر ، لا يستطع أن يتفاهم معه أو يُقيم حوار ، وهكذا بالنسبة لعلاقتنا بالله القدوس الحي ، فلكي يكون لنا القدرة على إنشاء علاقة حية مع الله لابد لنا أن نفهم ونستوعب اللغة التي يكلمنا بها !!!

فلو نلاحظ أن أحياناً كثيرة لا يستطيع البعض أن يفهم كلمة الله ويستوعب أسرارها ويستشعر قوتها في حياته الشخصية
، فقد يفحصها ويفهمها على المستوى العقلي وترتيب الكلام والمعاني القاموسية في أساسيات اللغة ولكنه لا يستطع أن يدخل لسرها المجيد وتُحفر في قلبه ليحيا بها وبها يتعلم أصول الكلام مع الله ليُقيم حوار بإيمان حي رائي الله ناطق بالمحبة في سر التقوى !!! وحينما يأتي لكلمة الله بهذه الحال تكون النتيجة الطبيعية [ فلم يفهما الكلام الذي قاله لهما ] (لو 2 : 50)
يا أحبائي أن كلمة الله لها طبعها الخاص ، فطبعها سماوي وليس أرضي ، لأن اللغة الأرضية ميتة ليس فيها حياة لأنها وليدة العقل وليست هي الشخص أي ليست شخصية فيها حياة ، أما اللغة السماوية تنبض بحياة الله ، لأن كلمة الله كلمة حياة ، لأن الكلمة هو الله ، والله ليس كلمة منطوقة مثل كلمة البشر ، بل هو شخص الله القدوس الحي ، فحينما يتكلم الله ينطق بشخصه ، لأن كلمة الله شخص الكلمة المتجسد ، حينما يفتح فاه ليُعلم يسكب حياة بتعليمه في قلب من يصغي ويسمع ليعمل ويُطيع سلطان كلمة الحياة الخارجة منه !!!
فكلمة الله حينما تخرج من الله تُحفر في القلب بالروح الناري وتشع حياة وتعمل وتنجح فتُثمر لحساب مجد الله وتغير الإنسان وتشع فيه نور وتملئه حياة [هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي لا ترجع إليَّ فارغة بل تعمل ما سررت به و تنجح فيما أرسلتها له ] (اش 55 : 11)
طبيعة كلمة الله :
+ في البدء كان الكلمة و الكلمة كان عند الله و كان الكلمة الله (يو 1 : 1)
+ الكلام الذي أكلمكم به هو روح و حياة (يو 6 : 63)
+ أن إنجيلنا لم يصر لكم بالكلام فقط بل بالقوة أيضاً و بالروح القدس و بيقين شديد (1تس 1 : 5)
+ و كلامي و كرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع بل ببرهان الروح و القوة (1كو 2 : 4)
كلمة الله طبيعتها أزلية ، فهي شخص المسيح الرب متكلماً عبر الدهور [ أنا هوَّ ] : [ الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة ، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه ] (عب1: 1و 2) ، فقد كلمنا الله في المسيح [ بكل حكمة وفطنة ، إذ عرفنا بسرّ مشيئته حسب مسرته التي قصدها في نفسه لتدبير ملء الأزمنة ، ليجمع كل شيء في المسيح ما في السماوات وما على الأرض ] (أفسس 1: 8 – 10)
كلمة الله تحمل حضرة إلهية ويستحيل فصلها عن الله ، لأن كلمة الله لا تنفصل عنه قط لأنها تعبر عن شخصه وتشع حياته وتعلن سر مشيئته ، فهي كلما استُعلنت للإنسان فذلك يُعتبر نزول شخصي لله محب البشر ، وهو نزول مصحوب بعلامات ملموسة في داخل القلب بحركة توبة عميقة وإحساس بمجد الله الخاص مع شعور ناري بقوة الله : [ لأن إلهنا نار آكلة ] (عب 12 : 29)
استعلان كلمة الله للإنسان هو في الواقع معجزة عظيمة جداً ، وهو تنازل مدهش لله الأزلي الأبدي للإنسان المحدود الزمني ، وهذا بالطبع إذا كنا نستطيع أن نكتشف طبيعة الكلمة وقوتها ونستشعرها كحضرة الله في ملء قوته !!!

فكلمة الله المرسلة للإنسان لها سلطان ، ولنا أن نعود للآية التي بدءنا بها الموضوع والتي قال فيها الرسول [ فإن كنت لا أعرف قوة اللغة ] ، فكلمة قوة مترجمة عن اليونانية δύναμις والتي دخلت للعربية بمعنى [ ديناميت ] ، وتدل بشكل عام على القوة والقدرة أو الشدة والسلطان ، ولكنها تدل بوجه خاص – في العبرية – على القوة الحربية والجيش ، ونجد أن بولس الرسول قال عن كلمة الله [ وسيف الروح الذي هو كلمة الله ] (أف6: 17) ، وعملها في الإنسان الذي يؤمن بها : [ لأن كلمة الله حية و فعالة و أمضى من كل سيف ذي حدين و خارقة إلى مفرق النفس و الروح و المفاصل و المخاخ و مميزة أفكار القلب و نياته ] (عب 4 : 12) وهي بذلك تنقي القلب [انتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به ] (يو 15 : 3) ، بهدف [طوبى للأنقياء القلب لأنهم يُعاينون الله ] (مت 5 : 8) .
سر عدم فهم كلمة الله وإقامة لغة حوار صحيحة مع الله :
مبدئياً لابد أن نعرف أن عدم قدرتنا على إنشاء علاقة صحيحة وإقامة حوار مع الله هو عدم قدرتنا على استيعاب وفهم كلمة الله ، وسر عدم فهمنا الكلمة وضحه الرب بنفسه قائلاً : [ لماذا لا تفهمون كلامي ، لأنكم لا تقدرون أن تسعوا قولي ] (يو8: 43)
إذن المشكلة في عدم سماع أقوال الله لذلك لا يقدر الإنسان أن يحيا بحياة الله فيضعف إيمانه ويخاف الدينونة وتصيبه الكآبة حينما يرى أو يسمع عن موت أحد الأحباء ، مع أن لو سمع قول الرب سيفهم كلامه ويدخل فوراً في سر الحياة الأبدية على المستوى العملي [ من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة ] (يو5: 24) ، [ الكلام الذي أكلمكم به هو روح و حياة ] (يو 6 : 63)


طبعاً سماع كلمة الله في الآية لا يُقصد به سماع الأذن الخارجية أو مجرد قراءة عادية لحفظ الكلمة ودراستها ، بل يقصد بهذه اللفظة (يسمع) في الآية ليس المعنى العادي الذي يُقال في حديث عادي لمجرد الاستماع ، بل تشير هذه اللفظة أولاً إلى حاسة الإدراك من خلال الأذن البشرية لسماع خبر ، والخبر ليس بخبر عادي ، بل خبر هام جداً يحتاج لانتباه شديد ومن نوع خاص . ولكن فوراً وبمجرد الحصول على هذا الخبر العظيم يحدث فهم ، وهذا الفهم يتطلب الإنصات والإصغاء والتمعن في الخبر الذي ينتظر الإيمان والتصديق العميق بثقة في المتكلم لأنه ليس بإنسان حتى يُشكك في كلامه : " فناداه ملاك الرب من السماء وقال إبراهيم إبراهيم فقال هَاَّنَذَا " ( تك 22: 11 ) ، وعادة السمع يتطلب معرفة وفهم للغة المنطوق بها الخبر ، حتى يستوعب الإنسان الخبر ويفهمه ويقبله " هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض . فبددهم الرب من هُناك على وجه كل الأرض " ( تك 11: 7و8 ) ، فلا يقدر أن يقبل إنسان خبر بلغة لا يفهمها أو يتعرف عليها ، ومن هنا حملت اللفظة اليوناني (يسمع) ، بل والعبري أيضاً معنى الفهم والإدراك للطاعة !!!
وللسمع مغزى أكبر بكثير جداً في الإعلان الكتابي عما له في أي مكان آخر أو في الفكر العلمي أو الأدبي ، لأن الله يتقابل مع الإنسان لقاء حي وشخصي من خلال كلمته ، والذي يحدث فيها رؤية على مستوى الإيمان الحي ، الذي يجعل الإنسان فور سماعه لكلمة الله يقدم الطاعة : " اسمعوا كلمة الرب يا بيت يعقوب وكل عشائر بيت إسرائيل " ( إرميا 2: 4 ) " بالإيمان إبراهيم لما دُعيَ أطاع أن يخرج إلى المكان الذي كان عتيدا أن يأخذه ميراثا فخرج و هو لا يعلم إلى أين يأتي" (عب 11 : 8)
" فاسمع يا إسرائيل واحترز لتعمل لكي يكون لك خير وتكثر جداً كما كلمك الرب إله آبائك ... " ( تث 6: 3 )

وهذه هي طبيعة السماع الذي بالإيمان : [ الحق الحق أقول لكم انه تأتي ساعة و هي الآن حين يسمع الأموات صوت ابن الله و السامعون يحيون ] (يو 5 : 25) ، وهذا هو الذي حدث حينما سمع لعازر صوت ابن الله الحي وهو ميت ومكث في قبره 3 أيام وقد أنتن ، فقام فوراً حينما نداه الرب يسوع [ لعازر هلم خارجاً ] (يو 11 : 43) ، وهذه طبيعة كلمة الله تُقيم النفس وتقدس الإنسان ...


إذن يا أحبائي لابد من أن نتعرف على كلمة الله لا بصفتنا أننا مثل باقي الناس ، بل بصفة أننا أولاد الله في المسيح مختومين بختم الروح ، لذلك نصلي للروح القدس الرب المُحيي أن يمس قلوبنا ويفتحها باسم الرب يسوع لنتقبل سر الكلمة فينا فتسري حياة الله في داخلنا ، وتُحفر في قلوبنا بنار الله فننطق بها وتصبح لغتنا الخاصة التي بها نتحاور مع الله ، لأن الله لا يسمع إلا للغة السماء ، لغة الأولاد الذي يأن فيهم الروح ويذكرهم بكلام الرب لينطقوا به ويصلوا به ويكون حياتهم [ و أما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء و يذكركم بكل ما قلته لكم ] (يو 14 : 26)
________________
وإذ كان لي الكثير لأكتبه ، ولكن لأنه مكتوب أعطِ الحكيم فرصة فيزداد ، لذلك أترك لكم الفرصة لتفحصوا الكلمات بالروح ويتحسس كل واحد موضعه فيها ، تاركاً المجال لروح الله أن يعمل ليوصل سر الكلمة بفهم لكل قلب يطلب الله بإخلاص وإيمان ، لتسكن فيكم كلمة المسيح الرب بغنى حسب مسرة مشيئته ، النعمة معكم آمين



رد مع إقتباس
Sponsored Links