سؤال مهم للغاية يسأله الكثيرين :
* ماذا يحدث لنعمة المعمودية ، إذا عدنا للخطية واستهان الإنسان بكرامة البنوة ؟
طبعاً أنا لن أجيب من نفسي ولكني سأكتب ما قاله الأب صفرونيوس كما هو لأنه أجاب باستفاضة ولا يحتاج لتعليق آخر وهو يقول :
[ المعمودية " ختم لا ينحلّ " ، ولذلك تُعطى مرة واحدة ، لأننا نولد مرة واحدة من الآب بابنه يسوع المسيح وبنعمة الروح القدس .
ونحن لا نعيد معمودية المرتدين ، بل نقبل توبتهم . ولا نُعيد المعمودية بالمرة للذين نالوا هذا السرّ في الكنيسة الجامعة . يقول الرسول : إن النعمة ليست مثل الخطية ، ولا الهبة مثل السقوط ، ولا يمكن مقارنة آدم الأول بآدم الأخير : الرب يسوع المسيح . وقد لَّخص الرسول التعليم كله في عبارة واحدة وهي أن " عطية الله بلا ندامة " ( رو11: 29 ) ؛ لأن الرب يسوع لا يندم على ما أعطاه لنا من عطايا مثل المغفرة ، وميراث الملكوت ، وسُكنى الروح القدس ، والشركة في جسده الإلهي ودمه الكريم .
وإذ أعاد الإنسان إلى سيرته الأولى وارتد ، فأن خطاياه الأولى لا تُحسب عليه ؛ لأننا عندما نسمع قول الرسول أننا سوف نعطي حساباً ( رو14 : 12 ، 1بط 4: 5 ) ، فإن ردَّنا هو حسب تعليم الآباء الرسل ( فهو ) مُلخَّص في عبارة واحدة : " كرحمتك يا رب ولا كخطايانا " ( القداس الإلهي ) .
وعندما يتوب المرتد ، فأن خطاياه لا تُحسب عليه ؛ لأن نعمة غفران الخطايا تمحو كل ما سبق ، ولذلك يقول الرسول عن الأمم – بشكل عام – إن الله لم يحسب لهم خطاياهم السابقة ( رو3: 25 ) كمانع يمنع عنهم نعمة ( الإنجيل ) وبشارة الخلاص .
والذين يأتون للمعمودية ، لا يأتون كأبرار وقديسين ، بل كخطاة وينالون غفران خطاياهم . والرب لا يحسب لنا خطايانا السابقة بالمرة أي تلك التي غُفرت ، والحساب ليس على أعداد وكمية الخطايا ، بل على سلوك المحبة . ولذلك فالحساب على الأعمال موجز في كلمة واحدة " حسب أعماله " ، أي الغاية التي كنا نسعى إليها ، والخدمة التي اخترناها لكي نقدمها للرب وللإخوة والبشر جميعاً ؛ لأن أعمال المحبة لها هدف واحد ، وهو " المحبة " ، ولذلك قال الرب : كنت جوعاناً ، وعطشاناً ومريضاً ومسجوناً ، وهو كل هؤلاء ، لأن كل هؤلاء هم إخوته بسبب تجسده . ] ( رسالة الأب صفرونيوس إلى تلميذه ثيؤدوروس عن المئوية الثانية في التوبة – التوبة وعمل الروح القدس في القلب ص25 – 26 فقرة 23 )
_________
وسوف نتحدث في الجزء الثاني عن الاستهانة بكرامة البنوة