""" فأنتم كذلك عندكم الان حزن ولكنى سأراكم ايضا فتفرح قلوبكم ولا ينزع احد فرحكم منكم """ يو 16 : 22
*** الشجرة المحنية ***
----------------------------
لاحظت هايدى ان ابنتها الصغيرة الوحيدة مارينا شاردة الفكر منذ ان عادت من المدرسة ... وفى المساء دخلت هايدى حجرة مارينا وصارت تشاركها العابها , ثم صلى معا , وبدأت الام تتحدث مع طفلتها لتعرف فيما هى تفكر ...
فى صراحة قالت مارينا : " اننى ياأمى فى حيرة , لدينا طفل فى المدرسة يعانى من ظهره , فهو محنى , وبعض الاطفال معنا يسخرون به , انه ياامى طفل رقيق الطبع جدا ومحب , انى احبه , لكنى اخشى ان التصق به فأخسر كل اصدقائى فى المدرسة , انه يكاد يسير وحده , ليس من يرغب ان يسير معه, ويتحدث معه , عندما نمارس الرياضة فى المدرسة لا يستطيع ان يشترك معنا , يبقى وحده فى فناء المدرسة , لكن ابتسامته لا تفارقه , ماذا افعل ؟؟؟؟ ..
"انى اسأل نفسى ياأمى ... لو اننى اعانى من انحناء الظهر ... هل يهرب الكل منى ؟؟؟ "
صمتت الام قليلا ثم روت لابنتها قصة المساء , وكانت تدور حول " الشجرة المنحنية " ..
كان بعض الرسامين الفنانين يعبرون بين الاشجار لكى يرسموا لوحات فنية جميلة للآشجار ... لاحظوا شجرة منحنية وقد التفت اغصانها حول مبنى قديم صغير .. كان المسافرون يجدون راحتهم فى هذا المبنى الذى تظلله الشجرة وتنحنى عليه كمن تحتضن من به ...
وقف الفنانون فى حيرة .. البعض يقول انه منظر شجرة غير مستقيمة , ليس فيها جمال الاشجار الاخرى المحيطة بها , واخرون قالوا " لا , بل انها تحمل صورة رمزية للحب , حيث تنحنى لتحتضن غيرها وتظللهم من حرارة الشمس " , اختلف ايضا رجال القرية ان كانوا يسمحون لاطفالهم باللعب تحتها , اذ كان البعض يخشون من شقوطها عليهم ...
هبت عاصفة شديدة فأهتزت الاشجار المستقيمة وسقطت ... اما الشجرة المحنية فلم تتأثر كثيرا بالعاصفة , بل انحنت شجرتان بجوارها واتكأتا عليها ...
انكسرت كل اشجار المنطقة ولم تبق سوى هذه الشجرة المحنية وقد استند عليها الشجرتان اللتان حولها ...
جاء وقت الربيع فأزهرت الشجرة المحنية والشجرتان الاخريتان , قصارت رائحة المنطقة جميلة .. اخرجت الشجرة بذورا تساقطت وتبعثرت هنا وهناك فنبتت شجيرات كثيرة ..
حزن كثيرون قائلين ستمتلئ المنطقة بأشجار محنية فيضيع جمال المنطقة , ولكن حدث ان ظهرت الخضرة الجميلة مع اشجار مستقيمة , وادرك الكل قيمة الشجرة الام المحنية التى افضت بالحب على الكثيرين ...
ربى والهى..
انزع عنى يارب روح النقد المدمر ..
هب لى عينان فأرى فى الشجرة المحنية امومة وحبا .
أرى فى كل انسان ما هو حسن جميل .
ادرك انه حتى نقائص الاخرين يمكن ان تكون للبنيان .
ايها الصالح العجيب انت تحول الضعف الى قوة ..
والتشويه الى جمال ..
والامور المحزنة الى مصدر فرح ..
علمنى ان اتشبه بك ياكلى الصلاح ..