[aymonded]

في الإيمان ( سلسلة موضوع الإيمان - كحياة وخبره )
6- الإيمان العقائدي جـ 3

إن معرفة اللاهوت ( ولا أتكلم عن المعرفة العقلية أو الفلسفية والجدلية) بل من جهة المعرفة الاختبارية بالإعلان الإلهي السري في القلب بالروح القدس حسب نعمة الله وعطيته لنا، وهو طريق حي سري يقود الإنسان المؤمن بالمسيح إلى الوحدة مع الله أي الاتحاد به في شخص الكلمة المتجسد، وهذه المعرفة قريبة بطبعها من سرّ الأفخارستيا، وبالتالي هيَّ الخبرة الإفخارستيا أي بتتميم السرّ نفسه ونوالنا منه بالإيمان فندخل في شركة الله الكلمة ونتحد بالله على مستوى الخبرة.

وفي رؤية الآباء، يبرز اللاهوت بوصفة خدمة ينتدب لها الله من يشاء إذ لا يمكن أن يعرف الله إلا من علَّمه الله ولا سبيل لمعرفة الله إلا الحياة فيه، ويقول القديس غريغوريوس النزيزى: [ فالكلام عن الله شيء عظيم، إلا أن تنقية ذواتنا لأجل الله شيء أعظم ]
وهذا ما تعتبر عنة طروبارية الساعة التاسعة أيام الصوم الأربعين المقدسة عند الروم الأرثوذكس: [ لقد ظهر صليبك بين اللصين ميزان عدل, فهبط الواحد إلى الجحيم بثقل التجديف، وارتفع الآخر من الزلات إلى معرفة اللاهوت. أيها المسيح الإله المجدُ لك. ]
فاللص التائب هو شخص لاهوتي إذ مسته القوة الإلهيه المُخلصة، وذلك لأنه خَبَر الله مباشرةً (وهذه هي الصلاة) وعرفة وارتفع إليه بالصلاة فسرت حياة الله فيه فغلب الموت بقوة المسيح الحي الذي أعطاه وعد أنه يكون اليوم معهُ في الفردوس.

والدعوة إلى اللاهوت (أي معرفة الله كشخص حي وحضور مُحيي) تحثنا على تجاوز محدودية علم موسوعي محض بالإيمان، لأن اللاهوت كما نعلم أنه طبيعة الله، وطبيعة الله أي اللاهوت ليس علماً يعتمد على العقل الطبيعي وإنما جذوره في نور الكلمة ، والآباء في تعليمهم، يبرزون التوبة والتخلي عن الذات كمدخل إلى علم اللاهوت ويبرزون الإيمان والحب والصلاة وكأنها واقع يعيشه الفهم المستنير وينفتح على الوحي الباهر الذي يفيض به الله فيتقبله المصلى خاشعاً فيدخل في سر الوحدة مع الله حبيبه الخاص، ويعوزنا الوقت وألف منتدى لنكتب عن خبرات الآباء وأقوالهم في هذا الاختبار الرائع..

المصدر: †† ارثوذكس †† - من قسم: مدرسة الحياة المسيحية