رد: يعني ايه التجديف ع الروح القدس
كُتب : [ 09-15-2011
- 08:22 AM
]
سلام في الرب لك يا أختي الحلوة في المسيح
في الحقيقة كثيرين تحدثوا عن التجديف على الروح القدس، وبدون دقة أو الرجوع للآباء والتعليم الرسولي المعطى من جيل لجيل، وأخذوا عل عاتقهم يشرحون ويتكلمون عن هذا، والبعض قال في خطأ عظيم: [ أن التجديف على الروح القدس يحدث عندما يعود الذين حصلوا على نعمة الروح القدس في المعمودية إلى الخطية ] ، وقد اعتمدوا على ما قاله القديس بولس الرسول في الرسالة إلى العبرانيين :
" لأن الذين استنيروا مرة و ذاقوا الموهبة السماوية و صاروا شركاء الروح القدس. وذاقوا كلمة الله الصالحة و قوات الدهر الآتي وسقطوا لا يمكن تجديدهم أيضاً للتوبة إذ هم يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانية و يشهرونه . " ( عب 6: 4 – 6 )
ولو أن هذه الكلمات صحيحة ، لماذا القديس يوحنا الرسول يقول: " إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين و عادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهرنا من كل إثم " ( 1يو 1: 9 )
وكلمة سقطوا الذي قالها القديس بولس الرسول، ليس هي السقوط العادي والذي هو السقوط بسبب ضعف، أو زَلة خطية عادية، أو أي سبب يدل على ضعف الإنسان أو حتى تراخيه أو بعده عن حياة التقوى أو حياته في حالة من الشر والبعد عن وصية الله...
بل كلمة سقطوا هنا موازية تماماً لما قاله الرب يسوع بخصوص " أما من جدف على الروح القدس فلا تُغفر له " (لو12: 10) وهي موازية لما قاله القديس يوحنا الرسول: " توجد خطية للموت ، ليس لأجل هذه أقول يُطلب " ( 1 يو 5: 16 )
والكلمة المستخدمة παρπίπτω = الارتداد
وبالطبع المقصود ليس أي ارتاد، بل الارتداد بإرادة واعية وتصميم، وليس بسبب خيانة الإرادة أو الخوف أو أي ضعف إنساني ( مثل القديس بطرس الرسول الذي أنكر وهو تحت الضعف الإنساني ولكنه يحب المسيح له المجد، فكان له سند وقوة غفران )، بل المقصود الجسارة وعناد القلب بكل تصميم وعزم، بالنية والقول والفعل والتدبير... مثل يهوذا الذي سقط بالإرادة والنية والقول والفكر والتدبير وخان وباع بيعاً وقبض الثمن ولم يتب، وسقوطه كان بعيداً عن ربنا يسوع المسيح إله الرجاء والمحبة، فلم يكن له سند، ولا حب ولا أمانه ولا ثقة لذلك ينطبق عليه وعلى كل من يسير على نفس ذات النهج قول الكتاب المقدس: " لئلا يكون أحد زانياً أو مستبيحاً كعيسو الذي لأجل أكلة واحدة باع بكوريته. فإنكم تعلمون أنه أيضاً بعد ذلك لما أراد أن يرث البركة رُفض، إذ لم يجد للتوبة مكاناً، مع أنه طلبها بدموع " ( عب 12: 16 و 17 )
ويقول القديس يوحنا الرسول: " إن رأى أحد أخاه يخطئ خطية ليست للموت يطلب فيعطيه حياة للذين يخطئون ليس للموت، توجد خطية للموت ليس لأجل هذه أقول أن يطلب (( ليُترك لدينونة الله ليحكم فيه الرب ولكن لا يحكم عليه أحد )). كل إثم هو خطية و توجد خطية ليست للموت " ( 1يو 5: 16 – 17 )
إذن خطية الموت كما أظهرنا بوضوح أن هذا لا يعني على الإطلاق السقوط في أي خطية أو ضعف إنساني حتى لو كان ارتداد طالما عن خوف أو تحت أي ضعف، فهو قابل للتوبة...
عموماً من سياق النص اللي تحدث فيه الرب وقاله للفريسيين نستطيع ان نفهم معنى التجديف على الروح القدس ، وعموماً هناك فرق جوهري بين الذي يُخطئ ويتعدى الناموس وبين الذي بسبب كفره يجدف على الله نفسه بكل جسارة ووعي وعن معرفة وليس جهل .
ونرى قبل ذلك أتهم الرب الفريسيين بخطايا أخرى مثل محبة المال التي من أجلها أبطلوا وصية الخاصة بالوالدين، ورفضوا كلمات الأنبياء وجعلوا بيت الله بيت تجارة، وفي كل هذا أنتهرهم المخلَّص لكي يتوبوا. أما عندما قالوا أنه ببعل زبول يُخرج الشياطين، لم يقل لهم ببساطة أنهم يُخطئون بل أنهم يجدفون بصورة شنيعة تستوجب العقاب وتجعل المغفرة مستحيلة لأنهم تمادوا إلى حيث لا حدود لخطيئتهم، لأن عندهم الوعي بالنبوات وكل شيء كان لديهم ولهم أن يسلموا التقليد الحي بالنبوة للناس لكي يأتوا للمسيح الرب ولكنهم بعناد دبروا لقتله فهو يعلم سوء قلبهم الشرير لذلك فحص القلب وكشف النية وأظهر فعل قلبهم الخبيث وتجديفهم المقصود على روح الله الواضح أمام أعينهم ولكنهم أخفوا عن قصد وتشويه عمله بعناد قلب لا يُريد الله ...
وهكذا كل نفس عن قصد واعي وقلب عنيد يرفض عمل الله لأن الروح القدس هو الذي يعمل في القلب من الداخل ويحث الإنسان على التوبة فأن أطفأه بقصد وعند ووعي كلي فمن يجعله يتوب ويحرك قلبه نحو الله الحي، لأن عمله أن ينقل كل ما للمسيح الرب ويعطينا وهو الذي يجعل الإنسان أن يقول على المسيح رب ويعلن له الثالوث القدوس في قلبه وهو روح الشركة والمحبة المنسكبة من الله، لذلك قال المسيح الرب وخص الكلام بالروح القدس لا كأنه أعظم ولا أن الرب اقل ( حاشا ) بل لأن الروح القدس إن طُرد من القلب فلن يُستعلن الله ولا يقدر أحد أن يقول على المسيح رب لأن الروح القدس تم طرده بكل تأكيد مع عناد قلب شرير، ولكن هذه الحالات يكشفها الله، لأن التجديف هنا لا يقصد به مجرد كلمة تخرج من الفم بل فعل قلب لا يُريد الله بكل عناد شديد [ حالة قساوة قلب وارتداد واعي وليس عن ضغط ولا إكراه ولا ضعف أو خوف، إنما عن حرية وإرادة للنفس الأخير ]...
النعمة معك، وصلي من أجلي...
|