4 – ثالثاً : وماذا عن عطية الروح القدس الذي قال عنه المُخلِّص : [ أطلب من الآب أن يُعطي لكم مُعزياً آخر روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه ، أمَّا أنتم فهو ماكث معكم ويدوم فيكم إلى الأبد ] (يو14: 17)
نحن ننال الروح القدس لأنه روح الآب ، وهو عطية سُكنى الله فينا ، فقد حل ملء اللاهوت جسدياً عندما تجسد ابن الله ، ونقل حلول اللاهوت فينا على هذا النحو :
[1] منحنا أن ننال ذات الطبيعة الجديدة التي كوَّنها الروح القدس نفسه في أحشاء والدة الإله القديسة مريم ، ولذلك نحن نولد [ ليس من مشيئة رجل ، ولا من دمٍ ولحم ، بل من الله ] (يوحنا 1: 13) . وعندما نولد على مثال وشبه ميلاد الرب يسوع ، فإننا نأخذ من الابن ذات الطبيعة الإنسانية الجديدة التي توهب بالروح القدس ، فنصير شركاء المسيح وشركاء شكله (* أنظر التعليق في الرد بعد الموضوع) .
[2] ولأن الرب يسوع أكمل عمله وأسس الخلاص وثبَّت الشركة ، لذلك أخذنا نحن الروح القدس بعد صعوده المجيد ، أي نفس الروح الذي كوَّن إنسانيته وجعل إنسانيتنا على مثال إنسانيته لكي نشترك في الابن المتجسد وننال شركة في بنوته تفتح لنا أحضان الآب حيث روح الآب نفسه . ولذلك الروح القدس شريك خدمة الخلاص المساوي للابن له المجد والمساوي للآب .
ونحن هنا لا نشرح سبب وجوده في الجوهر الإلهي ؛ لأن هذا فوق طاقة أي إنسان ، كما أنه فوق كل طاقة وقدرة أي إنسان أن ينكر وجوده الإلهي ؛ لأنه روح ألأنبياء حسب كلمات الإيمان (قانون الإيمان) [ الرب المُحيي الناطق في الأنبياء ] ، ولذلك نحن نوهَب روح النبوة نفسه لكي نتعلم أسرار الله ، وندرس الكتب المقدسة ، ونقتني المواهب السماوية التي تؤهلنا للحياة في هذا الدهر ، وفي الدهر الآتي لاسيما موهبة معرفة أسرار الله .
رسالة الأب صفرونيوس إلى القس يوسابيوس
من كتاب الثالوث القدوس توحيد وشركة وحياة – الطبعة الأولى 2010
فقرة 4 – من ص 227 إلى ص 228