رد: ارجو الرد
كُتب : [ 04-30-2008
- 03:38 PM
]
+
سلام ونعمة
إليك تفسير ابينا المتنيح متى المسكين فى هذه الجزئية ( بتصرف )
نحن هنا أمام اصعب مرحلة من مراحل رسالة المسيح
فالمسيح قادم الى جثسيمانى ليقدم نفسه للصليب . او بالاولى يقدم نفسه لصالبيه . بل على وجه الدقة يقدم نفسه للمواجهة الاخيرة مع الشيطان و كل اعوانه من رياسات و سلاطين غير منظورين
و رياسات سلاطين يحركهم الشيطان على الارض لهذه الساعة الخطيرة التى اجتمعت فيها قوات الشر فى السموات و الارض " هذه ساعتكم و سلطان الظلمة " ( لو 22 : 53 )
ان اللحظة الحرجة أو اخطر نقطة فى هذه المواجهة هى ان يقبل المسيح ان يسلم نفسه لهذه القوى الشريرة التى يقودها الشيطان . و لكن الذى يهون على المسيح من فظاعة هذا التسليم ، الذى معناه التنكيل به لاشنع ميتة على الصليب ، ان هذا يتوافق مع ارادة و مشيئة الاب لان بهذا يتم الفداء الذى نزل من اجله من السماء و تجسد " لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية " ( يو 3 : 16 )
معنى هذا ان الاب قدم ابنه ليموت جسدياً من اجل البشرية لكي لا يهلك كل من يؤمن به ، وهذا هو الفداء ، و هذا معناه القبول بأن توضع عليه كل خطايا البشرية بمعنى ان يحاكم كقاتل و صانع شر و مُجدف . و لكن اصعب الخطايا جميعا التى يتحتم ان يقبلها هى ان يكون مخالفا و عاصيا لله ، و معناها ان يقبل اللعنة التى حلت على الانسان و بالتالى غياب وجه الاب عنه ، الامر الذى كان اصعب ما واجهه على الصليب " الهي الهي لماذا تركتني " ( مت 27 : 46 )
نعم ، هذا هو الذى عاناه المسيح فى صلاته للاب فى جثسيمانى . إذ لابد ان يتقرر اولا جثسيمانى ما سيكون على الجلجثة " ثم اخذ معه بطرس و ابنى زبدي و ابتدأ يحزن و يكتئب " لاول مرة يرى التلاميذ المسيح وهو يصلى هكذا . وهو اراد ذلك . فالمسيح هنا يسلم تلاميذه و بالتالى الكنيسة و كل المؤمنين ان ليس لنا الا الصلاة حينما يعصف بنا العالم و تتحد قوى الشر ، فالله هو الملجأ الاول و الاخير و سوف نرى و نسمع من كلام المسيح انه و ان كان لابد من التجربة " فلتكن مشيئتك " لان التسليم ليد الله يحول التجربة الى خلاص و مجد . " فقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت . امكثوا ههنا و اسهروا معي "
لقد صارت نفس المسيح فى مواجهة خيار لابد منه : ان تحمل خطايا و عار البشرية ، و الامر فوق طاقتها و الا تأمل معي كيف ترضى وهى النفس الطاهرة النقية ان تصير نفسا خاطئة بكل مفهوم نجاسات الخطايا من قتل و زنى و نجاسة و طمع و شهوة و شر ، كل شر ، كيف ؟ و ذلك ليس بان تحملها الى ساعة بل تتحملها كصفة شخصية ترضى بها و تظهر بها و تُصر عليها امام المحاكم و تُحاكم بمقتضاها فتوافق و ترضى و لا تدافع و لا تتذمر ، بل توافق ان يُحكم عليها بالموت بمقتضاها ؟! هذه هى حالة نفس المسيح .
هذا هو واقع الخطية على نفس المسيح لما اخذها فى جسده و في نفسه كما اعلنها القديس بطرس " الذى حمل هو نفسه خطايا فى جسده على الخشبة كى نموت عن الخطايا فنحيا للبر " ( 1 بط 2 : 24 ) و كما تنبأ عنها اشعياء ( اش 53 : 6 )
هذا ثمن فادح جدا لخلاصنا من الخطية ،فان تقبل نفس المسيح ان تحمل الخطية حملا حقيقياً تسأل و تحاكم بمقتضاه كان اصعب عليها و امر من حكم الموت نفسه
و هذا هو معنى قوله بالضبط او حرفياً " نفسي حزينة جدا حتى الموت " مع انه لم يكن قد مات بعد !
اليس هذا معناه ان كأس الخطية التى حملها فى جسده كان أمر من كأس الالام على الصليب ؟
و هذا هو عبء الفداء الذى يتحتم ان يضاف على الام الصليب .
حاول بولس كثيراً ان يصف كيف ان الخطية خاطئة جدا ( رو 7: 13 ) و لكن قول المسيح هنا يفوق كل وصف القديس بولس فى التعبير عن أثر و عمل الخطية المدمر . انظروا كيف حولت الخطية نفس المسيح البريئة المضيئة القدوسة الطاهرة الفرحة الشاكرة المجيدة و الممجدة الى نفس حزينة حتى الموت بدون موت !!
اما لاى مدى بلغ ه الحزن فنحن لا و ن ندرك عمقه ،و لكن كان مظهره صراخ المسيح بصوت عضيم : " الهي الهي لماذا تركتني "
" ثم تقدم قليلا وخر على وجهه وكان يصلي قائلا: «يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت».
فلنشرح هذه الفكرة المركزية التى حيرت العلماء فى هذه الاية ، و استلزمت هذه الصلاة المنسحقة التى لم يكن و لن يكون لها نظير. ما الذى وقف هكذا و كأنه عائق فى طاعة المسيح المطلقة للاب و استلزم هذه المراجعة الحزينة المره وهذه المناجاة . و إذ لم يكن السجود كافيا إنطرح على وجهه ملاصقاً التراب ؟ ان هذا امر مرعب لنا جدا . [/FONT]
هل لما اتت الساعه تغيرت الحسابات ؟ امر مستحيل ! هل ظهر امر فى الصليب كان مخفيا عنه ثم عرفه ؟ و هذا ايضا امر مستحيل ! إذاً ماذا جد و استجد ، الامر جلل حقاً و السبب خطير جداً كما قلناه ، و الكأس الذى ظهر بهذه الصورة غير المحتملة هو الذى اوقف الابن الحبيب المحبوب هذه الوقفة ! كأس البشرية الذى ليس له فيه سبب ولا مشاركة ، كأس خطايا البشرية و عارها
يتبع نظراً لضيق الوقت
|