حينما نتناول الكتاب المقدس أو اللاهوت بالبحث والشرح والتفسير ، وقبل أن نشرح قانون التقوى ( قانون الإيمان ) أو نذهب لنقتبس من كتابات الآباء ، لابد أولاً أن نفهم أن إيماننا لن يكون أبداً قانون مجرد ، ولا إيماننا بالله ومعرفتنا به نوع من أنواع البحث العقلي خاضع لقوانين الفكر البشري ويتوقف على ذكاء وفهم كل شخص ، ولم يكن قانون الإيمان في الكنيسة موضوع لمجرد الدفاع عن الإيمان ، هذا فكر بعيد تماماً عن بساطة الإيمان وقوته ، لأن كثيرين حينما يقولون قانون الإيمان يظنون أنه مجرد إعلان عن الإيمان الصحيح ضد من انحرفوا عن الإيمان !!!
يا أحبائي قانون الإيمان ينبغي أن يُفهم بمفهومه الصحيح ، حتى يصير إيماننا سليم وعميق ، فقانون الإيمان هو صيغة كرازية أكثر منها دفاعية ، فهو مبني على أساس مبادئ الإنجيل الأولى البسيطة ، لأن الإيمان الذي سُلَّم للكنيسة مرة واحدة ، يُمكن تسليمه فقط بالإيمان ، من إيمان إلى إيمان .
فالإيمان الرسولي الذي تسلمناه هو اعتراف صريح ، بسيط وإدراك واعي للعمل الخلاصي لابن الله المتجسد وهو مرتبط بالتقوى وبقوة المحبة لله الحي ، فمستحيل أن يُفصل الإيمان عن التقوى والمحبة أبداً .
الارتباط بين الإيمان والتقوى والعمل بالمحبة هو طريق مسيحي مميز جداً للحياة الروحية بل يمتد ليمس حياتنا في الجسد وتنعكس عليه ، حيث أن فكر الكنيسة مختوم بختم الثالوث القدوس الذي لا يُمحى ، فلم يكن في الكنيسة انفصال بين التقوى والتعليم اللاهوتي ، أو بين العبادة والإيمان كما هو حادث اليوم !!!
فالاهتمام الثابت في الكنيسة منذ البداية موجهاً إلى : تفسير الكتب المقدسة بوقار شديد ، مسترشدة بالإيمان والمحبة بروح التقوى ، متبعه كل دقة علمية وبحثيه بمنطق الروح ، وبإعلانات الله في الكتاب المقدس ، وتناقش كل المشاكل التي تقابلها من هرطقة وغيرها من المستجدات بكل عبادة وصوم بمحبة عميقة لله والناس ، دون تدخل حاد في سرّ الله وبغير تعليم خارج عن الوقار في الأمور التي تخص الله !!!
وحين يتناول علم اللاهوت العلاقة الداخلية للثالوث القدوس في الله الواحد نفسه ، كانت الكنيسة تُصرّ على التحفظ والخشوع الشديد بكل مهابة عظيمة وتمجيد لائق ، سواء في الأسلوب أو في صياغة الفكر أو حتى في اللغة المستخدمة ...
وللأسف كثيرين اليوم لا يعطون التمجيد اللائق بالله ، بل ويكتبون لمجرد عرض فكر أو لكي يكتبوا بحث بصورة معقدة كي ما يثبتوا الحق حسب رؤيتهم دون أن يكتبوا في نور الله لتسليم خبرة حياة الإيمانكما فعل الآباء القديسين ، لأن كل ما كُتب في المجامع ومن شروحات لأجل أن تستقيم حياتنا مع الله ويكون لنا شركة مع القديسين والرسل ن لكي تكون لنا شركة مع الله ، حقيقية وعلى مستوى الخبرة لا لغو الكلام !!!
ليتنا نستفيق ولا نحيا كالفلاسفة بل نعود للنبع الصافي لنشرب من ماء الحياة الأبدية بكل تقوى واحترام لله الحلو الذي أحبنا جداً ، وأن تكون كل كتاباتنا وأقوالنا وبحثنا في إطار الخبرة ومعرفة الله بكل تقوى وخشوع وحب ، ولا تكون لكي ما نجمع معلومات أو ندخل في حوار لنثبت أننا على صواب والآخر على خطأ دون أن نحيا حياة الخبرة مع الله والكنيسة كلها ...