الجزء السابع و الاخير
=========
تدخل نعمه الي البلكونه و تنظر الي زكى الواقف علي الباب باستغراب بعض الشئ لانه كان في اللحظه دى في عينيه نظره غريبه جدا اول مره نعمه تشوفها في عينين زكي و تحاول نعمه الوصول بايديها لباب قفص العصافير عشان تحط لهم الاكل لكن الباب كان بعيد حوالي 5 سم عن اصابعها
نعمه : تعالي يا زكى افتح باب القفص عشان انا موش طايلاه
زكى : لا يا ستي ..انا ماباحبش العصافير و لا باحب ريحة الاكل بتاعهم
و تقف نعمه علي اطراف اصابعها و تحاول تفرد جسمها و ايديها علي الاخر عشان صوابعها تو صل لباب القفص لدرجة ان وسطها بقي فوق مستوى درابزين البلكونه بحاجه بسيط
و تصرخ "قسوه : ياللا يا "انتقام" بسرعه ..الفرصه دى موش حاتيجى تانى ابدا..دى فرصة العمر اللي زكى مستنيها من سنين
و يحرك انتقام ايدين زكى القويه و جسمه كله في دفعه و احده قويه موجهه لكتف نعمه
لكن في اللحظه دى ييجى "دبور" ضخم و يقرص نعمه في قصبة رجلها ...و تصرخ نعمه من الالم و في اللحظه اللي هي بتوطى فيها بحركه سريعه لا اراديه من شدة الالم و قوة قرصة الدبور المفاجئه تمر ايدين زكى و تقل جسمه كله -اللي كان مندفع بقوه- من فوق ظهر نعمه اللي وطت عشان تمسك مكان القرصه بايدها
واللي كان من لحظه بيقول انه موش بيحب العصافير
لقي نفسه بيرفرف غصب عنه مع العصافير
وهو نازل للارض من الدور التالت كان بيحسدها علي اجنحتها الصغيره اللي بتخليها تطير و تنزل من الدور العشرين للارض من غير ماتتكسر و لا تموت
=========
" احمدى ربنا يا مدام انها جت علي كده.. ده الارتجاج اللي حصل في مخ زكى ماحدش بيقوم منه..و الحمدلله هايعيش " ده كان كلام الدكتور للام في قسم الحالات الحرجه
الام : لكن يا دكتور هو بعد مايفوق ممكن كل شئ يرجع لطبيعته زي الاول و يعيش عادى
الدكتور : اكدب عليكى لو قلتلك ايوه..زكى يبقي محظوظ و ربنا بيحبه لو الاصابات اللي في الجمجمه و كسر العمود الفقري ما عملوش شلل كامل او غيبوبه ما يفوقشى منها
كل اللى تقدرى تنتظريه يامدام هو انسان بياكل و يشرب و يتكلم لكن علي كرسي بعجل و كمان موش حايبقي فيه حركه فى الايد اليمين ..صلي له ان الموضوع ما يزيدش عن كده
=======
فات اكتر من شهر دلوقتي وكل الكلام اللي قاله الدكتور للام و الاب حصل باستثناء ان زكي بقي موش بيعرف ينام غير بالمنومات لكن الدكتور قال ان دى مسالة وقت و مع العلاج ممكن النوم يبقي طبيعي و ده لان زكى من كتر ماكان ذكى كان عنده كهربا زياده في المخ لكن مع الاصابه الكهربا ابتدت تقل و ابتدت تظهر عليه اعراض الضمور في الاطراف
لكن الشئ الغريب كان ان زكى كل ماينام يحلم بكابوس ..و كان وهو نايم دايما يصحى امه-- اللي بتبقي نايمه علي كرسي في الغرفه اللي هو فيها باذن مدير المستشفي-- علي صراخه و كانه بيتخانق مع حد في الحلم :
" سيبي وداني ..اوعي ايديكي دى ..انا مش باحبك..سيبي ودانى"
=========
الاوضه اللي كان فيها زكى كانت زحمه جدا بعد ادارة المستشفي ما سمحت بالزياره نظرا لاستقرار الحاله
كل الجيران و اصحاب زكى و اصحاب نعمه و ابونا و الشمامسه و الخدام و ناس كتير من شعب الكنيسه من اصحاب و معارف الام و الاب و الجد و الجده كانوا بيروحوا يزوروه تقريبا 3 مرات في الاسبوع
لكن في مره جت واحده ست و قعدت جنب نعمه في اوضة زكى المزدحمه بالزوار و دار الحديث ده بينهم
الست : ايه اللي في رجلك ده يا حبيبتي ؟؟ ده عامل زي ما يكون حاجه قرصت
نعمه : دبور قرصنى
الست : هي لسه رجلك بتوجعك ؟؟
نعمه : لا ..خلاص ..هي مش بتوجعني دلوقتي ..بس ساعات باحس اني عاوزه اهرش فيها
الست ( و هي بتبتسم ابتسامه غريبه لها معني ):
ياه ..ده ضرورى كان دبور وحش و كبير قوي
و تضم نعمه لصدرها و تبوسها وه بتقول : معلش ياحبيبتي ...بس من النهارده خلاص ..مش هاتحسي انك عاوزه تهرشي فيها تاني
و تطلع الست من شنطتها اربع اناجيل حجمهم صغير و تديهم لنعمه و هي بتقول : خدي و احد ليكى وواحد لزكى وواحد لماما وواحد لبابا
و تقوم نعمه عشان توزع الاناجيل و لما ماما تسالها مين اداهملك تدور نعمه علي الست و لما ماتشوفهاش
تقول لماما "مشيت..كانت قاعده علي الكرسي ده "
و تفتح الام الانجيل
الصوره اللي في اول صفحه حلوه قوى و تصرخ الام وتنادى علي الاب " تعالي شوف ..الحقني"
الاب (مندهش و مفزوع) : فيه ايه ..؟؟
و تشاور الام علي الصوره و تصرخ من الدهشه " دي الست اللي كانت و اقفه جنبي في الكنيسه لما كنت باصلي لزكى قدام صورة العدرا الملكه و لما لقيتني ولعت كل الشمع تقريبا من غير ما اخد بالي قالتلي "ممكن شمعه"...انا افتكرت حاجه غريبه دلوقتي كمان ..ازاى انا ما اخدتش بالي ..لما اديتها لشمعه كانت مطفيه ..لكن هي حطتها علي طول في الرمل قدام الصوره من غير ماتولعها من شمعه تانيه ..ومع ذلك ..و مع ذلك...
الاب : ومع ذلك ايه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الام ..الشمعه اللي هي حطيتها في الرمل كانت مولعه "
و تفتح نعمه الانجيل اللي معاها هي كمان وسط اندهاش الجميع و التفافهم حوالين الام عشانوا يشوفوا الصوره اللي في اول صفحه في الانجيل اللي معاها
و تصرخ نعمه " دي الست اللي وصلتني للبيت يوم العيد بالليل و كمان اديتني بلوفر البسه عشان الدنيا كانت برد قوى و انا كنت حاموت من البرد بدل البلوفر اللي قطعه زكى و رماه تحت السرير"
و علي ذكر نعمه لاسم زكى و موضوع البلوفر تتحول نظرات الجميع بحركه لا اراديه لتنظر لزكى اللي في لحظه لما لقي كل العيون بتنظر له نظرات كلها ادانه و دهشه و اشمئزاز و لوم و عتاب و اتهام ...حاول يهرب من نظراتهم.. ففتح الانجيل اللي كان معاه.. بالايد الوحيده اللي فيها حركه
و في لحظه كان بيصرخ هو كمان ..
و يشد صفحات الانجيل بايده و اسنانه ..
عشان يقطعها
" مش كفايه و انا نايم ...جايه لي كمان وانا صاحي عشان تشدى ودانى"
و ينظر اكثر ثلاثه فى العالم كله يحبون زكى اليه بعيون تبكي دما بدل الدموع علي ما فعله هذا الشيطان الصغير العنيد بجسد و عقل زكي
حقا لقد كلفه اكثر بكثير مما كانوا يظنون ليس لكي يفارق قلب المسكين زكي بل لمجرد ان يصبح مقيدا و تقل خطورته
و تتقبض ما بقيت لزكى من عضلات فيها حياه..
لتعلن سخط الشيطان الحبيس داخل الجسد الصغير المشلول علي كل نظرة شفقه ممن حوله..
و كل بادرة محبه ممن يحبون زكى حبا خالصا علي الرغم مما فعله
و ينظر الاب باسي الي الانجيل الممزق ثم الي وجه زكي الغارق في دموع و رجفه هيستيريه و يصلي في سره :
"نشكرك يا اله الكون علي ماحدث..
علي الاقل اصبح هناك امل في نجاة روح ابني حبيبي زكي ..
و لو كان ذلك ثمنه هلاك الجسد
فالشيطان الان مقيد ..
و لن يستطيع ايذاء احد اخر..
غير تلك الاعضاء البشريه الباقيه في جسد زكي التي هو الان حبيس جدرانها ..
و ربما استطعنا انقاذها هي الاخرى من شره"
=========
النهايه