تذكرنــي
التسجيل التعليمـــات التقويم مشاركات اليوم البحث
يمكنك البحث فى الموقع للوصول السريع لما تريد



مناقشات دينية وروحية يتيح لك فتح الحوار والمناقشه فى كل ما يخص حياتك الروحيه


مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع أرسل هذا الموضوع إلى صديق أرسل هذا الموضوع إلى صديق


ماذا تعرف عن ادم وحواء ادخال بسرعه

السلام لكم آدم يرد هذا اللفظ في العهد القديم في العبرية حوالي 500 مرة للتعبير عن " الإنســــــــــــان " أو " الجنس البشري " . وخارج الأصحاحات الخمسة الأولى من

اضافة رد

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية الزملكاوى البرنس
الزملكاوى البرنس
ارثوذكسي صانع
الزملكاوى البرنس غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 82343
تاريخ التسجيل : Oct 2009
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 609
عدد النقاط : 20
قوة التقييم : الزملكاوى البرنس is on a distinguished road
Baptist ماذا تعرف عن ادم وحواء ادخال بسرعه

كُتب : [ 10-29-2009 - 04:30 PM ]


السلام لكم

آدم
يرد هذا اللفظ في العهد القديم في العبرية حوالي 500 مرة للتعبير عن " الإنســــــــــــان " أو " الجنس البشري " . وخارج الأصحاحات الخمسة الأولى من سفر التكوين ، لا نجده بالقطع اسماً علماً على الإنسان الأول إلا في الأخبار الأول ( 1 : 1 ) ، ولربما أيضاً في التثنيــة ( 32 : 8 ) ، أيوب ( 31 : 33 " كالناس " في العربية ) ، وهوشع ( 6 : 7 ) ، كما أنه يذكر في العبرية مرتين في الأصحاح الأول من التكوين في العددين 26 و 27 ، ويذكر 26 مرة في الأصحاحات الثاني والثالث والرابع ، ويذكر كذلك في الأعداد 1 و 3 و 4 و5 من الأصحاح الخامس . وواضح قطعاً ، أنه في الأصحاح الخامس وكذلك في العدد الخامس والعشرين من الأصحاح الرابع هو اسم علم للإنسان الأول .

والإسم يحتمل معنى : (1) خليقة ، (2) أحمر ، (3) مولود الأرض ( أديم ) . وقد يعـــــــــــــني (4) شهـــــي ( للنظر ) (5) اجتماعي والمعنيان الثاني والثالث يجمع بينهما العدد السابع من الأصحاح الثاني من سفر التكوين .

1 - آدم في سفر التكوين : يركز الأصحاح الأول على الله وأعماله في الخليقه ، ثم تأتي خليقة الإنسان في العدد السادس والعشرين وما بعده كتتويج لعملية الخلق ، رغم أن بعض الحيوانات قد خلقت في نفس اليوم الذي خلق فيه الإنسان . ولا يرد ذكر للذكر والأنثى إلا في خليقة الإنسان ( عدد 27 ) ، وهذا دليل على أن الله خلق زوجاً واحداً من البشر ، وقد خُلق الإنسان على صورة الله ( 26 و 27 ) وأعطي سلطاناً على كل المخلوقات علــى الأرض ( 28 - 30 ) .

أما الأصحاح الثاني من التكوين ، فهو ليس قصة أخرى للخلق ، ولكنه إبراز لبعض النقاط التي تركز على الإنسان . وهو شديد الارتباط بالأصحاح الثالث ، فهو بمثابة مقدمة له .
خلق الله الإنسان من تراب الأرض ، " ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفساً حيـــة " ( 2 : 7 ) ، ثم وضعه في جنة عدن ( 2 : 8 و 15 ) وأوصاه ألا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر ( 16 و 17 ) . ودعا آدم كل الحيوانات والطيور بأسمائها ، ولكن لم يكن فيها ما يصلح رفيقاً لآدم ، وهكذا صنع له الله حواء من جسد آدم ( 2 : 20 - 23 ) وقد عاشا معاً في براءة كاملة ( 2 : 25 ) .

ويروي الأصحاح الثالث قصة سقوط الإنسان بغواية الحية الماكرة التي ألقت الشكوك على صدق الله ، وأثارت كبرياء الإنسان ( 3 : 1 - 5 ) . وهكذا وقعت حواء في حبائل الحية وبعدها سقط آدم ( 3 : 6 و 7 ) ، ومما يلفت النظر أنهما على الفور عرفا أنهما قد وقعا في الخطية ، فحاولا الاختباء من الله ( عد 8 ) قبل أن يطردا من الجنة ( 3 : 22 ) .

وقد شمل عقاب الله لهما : (1) دوام العداوة بين نسل المرأة والحية . (2) لعنة التربة التي يعتمد عليها الإنسان في حياته على الأرض ( 3 : 17 - 19 ) . (3) أوجاع الحمل والولادة لحواء . وبعد ذلك ولد آدم قايين وهابيل ( 4 :2 ) .
وبعد مقتل هابيل ، ولدت حواء شيئاً ، عندما كان آدم ابن مئة وثلاثين سنة ( 4 : 25 ، 5 : 3 - وقد جاء في الترجمة السبعينية أنه كان ابن مائتين وثلاثين سنة ) . ومات آدم وهو ابن تسع مئة وثلاثين سنة ( 5 : 5 ) .
ولم يرد اسم آدم بعد ذلك في العهد القديم إلا في ( 1 أخ 1 : 1 ) وما بعده : ويبدو عجيباً أن أحداث الأصحاحات الأربعة من سفر التكوين ، لا تذكر في أسفار العهد القديم الأخرى ، وذلك لأن بني إسرائيل كانوا يفخرون بانتسابهم إلى إبراهيم وليس لآدم .

2- الشبه المزعوم بين قصة التكوين وأساطير ما بين النهرين : إن وجه الشبه بين أساطير بلاد بين النهرين ، وقصة التكوين عن الخليقة ، أضعف جداً منه فيما يختص بقصـص الطوفان . فنقاط التشابه ضعيفة وباهتة ، وواضح أنها لا ترجع إلى مصدر واحد . ففي أساطير مابين النهرين ، كان الهدف من خلق الإنسان هو إيجاد قوة عاملة ، ليتحرر الآلهة من مشقة العمل ، ولا أثر لهذا الفكر في سفر التكوين ، حيث لم يصبح عمل الإنسان شاقاً إلا بعد طرده من الجنة . كما أن كيفية الخلق تختلف اختلافاً كلياً ، إذ نجد في تلك الأساطير أن الإنسان خلق من دم وجسد إله بعد ذبح ذلك الإله ، ثم خلط ذلك بتراب الأرض ، ثم تفلت الآلهة على الخليط ( في بعض الروايات ) ، وهكذا خلق الإنسان .

3- المفهوم الكتابي : تذكر خليقة الإنسان بكل دقة وتفصيل في سفر التكوين ، فهـو ليس الله ، ولم يأخذ شيئاً مادياً من الكائن الأسمى أو من أي كائن سماوي . كما أنه منفصل ومتميز تماماً عن كل صور الخليقة الأخرى ، فهو الكائن الوحيد الذي "نفخ الله فيه نسمة حيـــاة " ( تك 2 : 7 ) . ونقرأ عقب كل مرحلة من مراحل الخلق هذه العبارة : " ورأى الله ذلك أنه حسن " ( تك 1: 10 و 12 و 18 و 21 و 25 ) ، أما بعد خلق الإنسان فنقرأ : " ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جداُ " ( 1: 31 ) . وفي ذلك إشارة الى أن خلق الإنسان هو ذروة الخلق وغايته ، فالإنسان هو المخلوق الذي يقف على الخط الفاصل بين الله وبين سائر الخليقة ، فهو من تراب الأرض ولكنه خلق على صورة الله وأعطى سلطاناً على كل الأرض .

وهناك آراء كثيرة لتفسير عبارة " على صورة الله " ، ولكن أكثرها قبولاً هو أن الإنسان خلق كائناً روحياً مستقلاً ، له امكانية الشركة مع خالقه ، التي نجد الإشارة إليها في اللقاءات عنـــــــــد " هبوب ريح النهار " ( 3 : 8 ) . فالإنسان شغل مكانة سامية في خليقة الله حتى قال المرنم متعجباً : " من هو الإنسان حتى تذكره وبمجد وبهاء تكلله . تسلطه على أعمال يديــك . " ( مز 8 ) المجد والجلال لله وحده ( مز 8 : 1 و 9 ) . ولكن عصيان آدم شوه هذه العلاقة . ولنلاحظ أن الخطية لم تكن أصلاً في الإنسان ، بل كانت غريبة عنه قبل السقوط ، ولكنها بدخولها إلى العالم ، دمرت كل ماهو صالح ، ليس في الإنسان فحسب ، بل في الخليقه . وكلمة " الإنسان " في التكوين ( 3 : 22 ) تعنى أن ما حدث قد شمل الجنس البشري كله .

4-آدم في أسفار الأبو كريفا والكتابات المزيفة : في الأسفار اليهودية غير القانونية ، يضعون آدم في مكانة أسمى من أي إنسان آخر ، ففي سفر يشوع بن سيراخ ، نجد في نهاية أسماء كثيرين من أبطال إسرائيل : " وفوق كل نفس في الخلق آدم " ( 49 : 19 ) ، كما نجد في سفر أخنوخ الثاني : " الملاك الثاني المكرم المعظم والممجد "( 2 أخنوخ 30 : 8 ) . كما نجد أيضاً بوضوح أن أثر خطية آدم قد امتد وشمل كل الجنس البشري ، فنقرأ في أسدراس الثــــــــاني ( 3 : 21 ) " لآن آدم الأول قد حمل قلباً شريراً فانهزم وتعدى ، وليـــس هو فحسب ، ولكن كل المولودين منه ، وأيضاً : " لأن بذرة الشر زرعت في قلب آدم منذ البداية ، وما أعظم ما أنتجته من فجور حتى الآن " ( 2 أسدراس 4 : 30 ) .
ونجد هذين المفهومين مجتمعين في كتابات فيلو ( فيلسوف يهودي عاش في القرن الأول الميلادي ، وهو يمثل اليهودية الهيلينية ) ، وقد ميز فيلو بين الإنسان الأول ( تك 1 ) ، الإنسان السماوي غير المخلوق وهو أكثر من مجرد فكرة تمثل كمال البشرية في فكر الله ، وبين الإنسان الثاني ( تك 2 ) ، وهو الإنسان الترابي ، آدم التاريخي وجد البشرية الخاطئة .

5- آدم في العهد الجديد :
(أ) في الأناجيل : لما سئل المسيح عن ناموس الطلاق ( مت 19 : 3-9 ، مرقس 10 : 2-9 ) أشار إلى خلق آدم وحواء (دون أن يذكر اسميهما ) ، وبيّن الطبيعة الجوهرية لرابطة الزواج في فكر الله أصلاً ( انظر تك 1 : 27 ، 2 : 24 ) ، وأما ما جاء عن الطلاق في ناموس موسى ، فهو أمر ثانوي سمح به " لأجل قساوة قلب " الإنسان (مت 19 : 8 ) .

سبق أن ذكرنا أن اليهود كانوا يميلون إلى العودة بنسبهم إلى إبراهيم أبي الأمة ، وهو ما يظهر في سلسلة النسب في متى ( 1 : 1-17 ) ، أما لوقا الذي يتوجه بإنجيله إلى الأمم ، فيذهب بنسب المسيح إلى آدم أب الجنس البشري ( لو 3 : 23 -38 ) ، وهي المرة الوحيدة التي يذكر فيها "آدم " بالاسم في الأناجيل .
(ب) في الرسائل : توجد إشارة تاريخية إلى آدم في رسالة يهوذا (14) حيث يذكر أن أخنوخ هو السابع من آدم . كما يستند الرسول بولس على حقيقة خلق آدم قبــــــــــــل حواء ( التي أخذت منه ) لبيان أفضلية الرجل أساساً فيمايتعلق بالعبادة الجمهــورية ( 1 كو 11 : 8 ، 1 تي 2 :13 و 14 ) ، ويؤيد ذلك بالإشارة إلى أن حواء هي التي خطت الخطوة الأولى نحو السقوط ( 1 تي 2 : 14 ) .
كما توجد إشارة بعيدة إلى آدم بالمقارنة مع المسيح : " الذى لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله " بينما استجاب آدم لتجريبة أن يكون " كالله عارفاً الخير والشر " ( تك 3 : 5 ) فأكل من الشجرة التي نهاه الله عنها ( تك 3 : 22 مع في 2 : 6 ) .

وأول الإشارات الثلاث التي لها أهمية بالغة فيما كتبه الرسول بولس ، نجدها في رسالة كورنثوس الأولى ( 15 : 22 ) حيث يذكر اشتراك كل الجنس البشري في تعدي آدم ، وأنه إذا كان هناك هذا الرباط الوثيق بآدم في الموت ، فهناك الارتباط الوثيق بالمسيح للحياة ، وهو الموضوع الذي يشرحه بتفصيل أكبر في رومية ( 5 : 22) كما سيأتي بعد .

وفي حديثه عن القيامة ( 1 كو 15 : 45-49 ) يذكر اختلافاً أصيلاً بين طبيعتي الممثلين العظيمين للإنسان : آدم ، لإنسان الأول " ، والمسيح " الإنسان الثاني " فالأول جبل من التراب مخلوقاً من لحم ودم ، كائناً فانياً قابلاً للفساد ، وكل الناس بناء على حقيقة ارتباطهم العرقي الوثيق بآدم يشتركون في هذه الطبيعة التي لا تستطيع أن ترث ملكوت الله . أما المسيح - في مفارقة واضحة - فهو الرب من السماء ، كائن روحي سرمدي غير قابل للفساد ، وهو روحي محيي ، وكل الذين له يشتركون في طبيعته ويحملون صورته . والدرس المستفاد من ذلك ، هو أن القيامة يجب ألا تُحمل على مفهوم مادي فحسب ، بل هي في تحقيق هذه العلاقة بالمســـيح ، في مشاركته طبيعته الروحية الخالدة ( 1 كو 15 : 53 و 54 - انظر أيضاً التشبيه المأخوذ من الطبيعة ودلالته في الأعداد 35 - 44 ) .

كما نجد مقارنة بين ارتباط الجنس البشرى بآدم ، وارتباط المفديين بالمسح ، وذلك في رومية ( 5 : 12-21 ) . والموضوع هنا هو عمل المسيح في الفداء ، فخطية آدم قد جعلت كل الجنس البشري تحت الدينونة والموت ، ( ولا يذكر هل هو موت روحي أو جسدي ، وإن كان الأرجح أنه يعني الاثنين . كما أنه ليس ثمة اختلاف بين هذا الجزء بتأكيده على عمل آدم عملاً خاطئــاً ، وبين 1 كو 15 : 45-49 حيث يؤكد على طبيعة آدم الخاطئة ، وحيث لا ذكر لخطية آدم و لعمل المسيح الكفاري ، وإن كان الأمران يشكلان أساس الحــوار ) . وهذا التورط في خطية آدم ينطبق على كل الأجيال السابقة لناموس موسى ، الذي حدد الأشكال الرئيسيه للمعاصي . ويعترض البعض بأن تعليم بولس يعوزه الأساس الأخلاقي بالنسبة للفرد ، إذ يبدو منه أن الناس يهلكون بسبب فساد موروث ، أو لأنهم شركاء في خطية آدم . وفي الحقيقة يبدو أن الأمرين صحيحان في نظر بولس ( حيث أن الثاني نتيجة للأول ) كتفسير منطقي لشمول الخطية لجميع الناس ، كما يذكر في أماكن أخـــــــرى ( مثلاً رومية 3 : 9-23 ) . وكيفية انتقال الخطية ليس هو الموضوع الرئيسي هنا ، فعندنا تعدي آدم دخلت الخطية إلى العالم . ويرى بولس أن الخطية قوة جبارة لها تأثيرها على جميع الناس حتى فيمن سيتبررون ( رومية 7 ) ، إلى أن تدخل المسيح تدخلة الفعّال . وعلى أي حال ، لم يكن هذا مفهوماً فجّاً أو آلياً للتأثيرات الرهيبة القاتلة التي للوراثة ، فهو يبين بوضوح مسئولية الفرد الأدبية في قوله : " اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع " ( رومية 5 : 12 ) . لكن الموضوع الرئيسي في رومية 5 هو المفارقة الواضحة بين آدم والمسيح باعتبارهما رأسين للجنس البشري ، وهذه المفارقة الحادة بين أثر خطية آدم الواحدة في التعدي ، وبين بر المسيح الواحد ، فلا يوجد تكافؤ بين الاثنين ، فعمل المسيح يفوق بما لا يقاس ، في نتائجه النهائية ، حيث يمحو الأثر الشرير لمعصية آدم . وعمل المسيح كان هبة مجانية من جري خطايا كثيرة ، كان يجب - منطقياً - أن تنال قصاصها العادل . وهذه الهبة المجانية - التي لا يستحقها الإنسان في ذاته - جاءت للإنسان بالتبرير والغفران والحياة . والتركيز هنا هو على نعمة الله المجانية التي ملكت ، وجعلت من موقف الموت ، موقفاً للحياة بعمل المسيح الكامل ، فصار الرأس الروحي الجديد للبشرية المستردة ، وذلك بالمقابلة الواضحة مع آدم الذي كان الرأس الطبيعي الأول للجنس البشري .

وثمة ملحوظة أخيرة هي أنه في كل هذه الإشارات لآدم في العهد الجديد ، نجد أن المسيح وتلاميذه قد أقروا بالحقيقة التاريخية عن وجود آدم ، الإنسان الأول ، وسقوطه كما هو مدون في الأصحاحات الأولى من سفر التكوين .


آدم - أسفار آدم :

يطلق هذا الاسم على عدد من الكتابات غير القانونية ، عن أحداث حقيقية أو وهمية في حياة الأسرة الأولى . وتوجد الآن ترجمتان من القصة : (1) رؤيا موسىفي اللغة اليونانية ، (2) حياة آدم وحواء في اللاتينية . ويظن بعض العلماء أن الكتاب الأول أسبق ، وإن كان البعض الآخر يعتقد أنهما يأخذان عن مرجع واحد .

وتوجد بعض ترجمات لكتب صغيرة في لغات أخرى : (1) في الأرمينية وهي قريبة جداً من مخطوطة رؤيا موسى . (2) في السلافية توجد تسع مخطوطات منقحة عــــــــــــن اليونانية . (3) نصوص سريانية وعربية من "عهد آدم " أو " رؤيا آدم " ، وبعض ما جاء بها منقول عــــــن " رؤيا موسى " . (4) مخطوطات حبشية عن " صراع آدم وحواء " ولعلها مقتبسة عن " عهد آدم " ، وهي والمخطوطة السريانية " كهف الكنوز " ، تتوسعان في التعليق على بعض أجزاء من " رؤيا موســـى " . (5) توجد نصوص أرمينية في مجلد واحد مع الترجمـــــــــــة الأرمينية " لحياة آدم وحواء " وتشمل - على الأقل - سبعة بحوث ، يبدو أنها من عمل مسيحيين أو غنوسيين ، تحمل طابع العداء لليهودية . وهي تشبه المخطوطات الحبشية في الدفاع عن العزوبة . ويبدو أنه لا علاقة بين المخطوطتين الكبيرتين والمخطوطة الغنوسية " رؤيا آدم " التي وجدت في نجع حمادي بصعيد مصر .

ولوجود بعض الأفكار المشابهة لأفكار المعلمين اليهود ، ولخلوها من الهجـــوم على المسيحية ، استنتج " ولز " أن الأصل ( ولعله عبري أو أرمني ) كتبه شخص يهودي ربما كان يقيم في الإسكندرية فيما بين سنة 60 ميلادية والقرن الرابع بعد الميلاد - مع ترجيح التاريخ المبكر - حيث أن " بيفيفر " يظن أنه يرجع إلى ما قبل 70 م .

وتبدأ النسخة اليونانية بطرد الأبوين الأولين من الجنة ، وقد رأت حواء في حلم مقتل هابيل بيد قايين . وقد عانى آدم من المرض والألم لأول مرة في نهاية حياته ، وحاول شيث وحواء الحصول على زيت من شجرة الحياة لعلاج آدم . كما أن وحشاً هاجم شيثاً ولم يحترم صورة الله في الإنسان . وظهر ميخائيل رئيس الملائكة وأخبر شيثاً أن آدم لن يشفى . وعندما مات آدم أخذت نفسه - بعد تطهيرها - إلى السماء الثالثة . وأوصت حواء ابنها شيثاً بتسجيل أحداث حياة أبويةعلى ألواح حجرية . وقد قامت الملائكة مع شيث بدفن آدم ، وفي نفس الوقت دفن جسد هابيل أيضاً . وماتت حواء بعد ذلك بأسبوع ، وأعطىميخائيل شيثاً تعليمات عن دفنها ، وحذره من البكاء عليها أكثر من ستة أيام ( انظر سفر اليوبيل 2 : 23 ) .

وبعض الأجزاء المفقودة في النسخة اليوناينة ، موجودة في النسخة اللاتينية ، فبعد طردهما من الجنة ، طلبت حواء من آدم أن يذبحها لأنها سبب هذه المصيبة ، ولكن آدم اقترح عليها فترة للتوبة ، يقف هو فيها في نهر الأردن لمدة أربعين يوماً ، وتقف هى في نهر الدجلة لمدة سبعة وثلاثين يوماً ، ولكن حواء اقترفت جرماً آخر في اليوم الثامن عشر ، إذ أغواها الشيطان ، الذي أتاها في شبه ملاك نور أن تخرج من النهر لأنه قد غفر لها . ولكن آدم كشف خداعه ، وعندئذ أعلنهما الشيطان بأنه يغار من آدم لأن الله قال: " لتسجد لـــه كل ملائكة الله " ( انظر مز 8 : 5 مع عب 1 : 6 ) .

حواء
«لأن آدم جبل أولاً ثم حواء»
مقدمة
لا أعلم ان كانت هناك شخصيات كثيرة تعرضت لها أقلام الكُتّاب والأدباء والشعراء والفلاسفة ورجال الدين في حقب التاريخ المتعددة كما تعرضت لشخصية حواء، ولا أعلم أن هناك شخصيات كشخصية هذه المرأة، فمنهم من سار وراء أفلاطون، الذي نبه الأذهان، في معرض حديثه عن الحب، إلى أنها وقد جاءت به إلى الأرض قد أمدت الحياة البشرية، بما ليس له مثيل أو ضريب بين الناس، وأن الحب الذي تزرعه فينا ليس الا شعاعًا من نور حب الآلهة في السماء.. ومنهم من قفا أثر خطوات شوبنهور عدوها الألد، فنعتها بكل شر وصب عليها كل سخط وحملها كل رذيلة، وعدها مأساة الوجود المفزعة المنكرة الرهيبة التي تركت أبشع الآثار في التاريخ البشري، ومنهم من لم يؤمن بأفلاطون أو شوبنهور، وبما ارتآه فيلسوف اليونان القديم أو الفيلسوف الألماني المحدث كل على حدة، بل رآها مزيجًا من كل شيء، وسار وراء الأسطورة الهندية القديمة التي تقول : إن الخالق أودع في حواء «استدارة القمر، وعمق البحر، وتدافع الأمواج، ولمعان النجوم، وشعاع النور، وقطرات الندى، وتقلب الريح، وعطر الورد، ورقة النسيم، ونشوة الراح، ونضارة الذهب، وقسوة الماس، وحكمة الحية، وتلون الحرباء، وشرود الغزال، وزهو الطاووس، وشراسة الأسد، وغدر الزمان، ومكر الثعلب، ولدغة العقرب، ونغمة اليمامة، وهذيان الببغاء» ومنهم من أعياه هذا الجد المزيج بالعبث، وهذا التعقيد المتشح بالبساطة، فنفض يديه وتجنب الحديث عنها، وتبع الأسقف مارتنسن الذي اعتقد أن العقل الإنساني والزمن لم يبلغا بعد من القوة والنضوج، ما يعينها على التكلم بطلاقة دون ذلل عن هذه الشخصية المدثرة بالأسرار، وما أحاط بها من ظروف، تعد أعوص ما جابه الوجود البشري من أعماق..!! على أنني مع ذلك أحس أننا سننال غنى كثيرًا ونحن نتأمل هذه الشخصية العجيبة التي وقفت على رأس التاريخ البشري لتكون أمه، ولتوجهه هذا التوجيه الهائل الأبدي : من هي؟ لم خلقت؟ وكيف خلقت؟ كيف جربت وسقطت وعوقبت ونهضت؟ واني ارجو في نور كلمة الله أن تتمكن من دراستها دراسة صائبة منصفة، بل أرجو أن تنير لنا هذه الكلمة مناحي الضعف أو القوة في كل ما كتب عنها.
حواء : من هي؟
في أغلب الديانات القديمة، من بابلية، وأشورية، ومصرية، وهندية، ويونانية، نجد ذكرا للمرأة الأولى وزوجها، بصور تقرب أو تبعد عن قصة الكتاب، ولئن لم تبلغ هذه الأقاصيص جمال القصة الأخاذة التي دونها موسى في سفر التكوين، ولئن لم ترق إلى سموها ونقاوتها وبساطتها، فانها مع ذلك تقف شاهداً على اعتراف جميع الأجيال والشعوب بحقيقة شخصيتها، كالأم الأولى التي جاءت منها الأجيال البشرية قاطبة، وأن ما ذهب إليه دارون وأشياعه من أصحاب النشوء والارتقاء، مردود واه ضعيف.. على أننا ونحن نتلمس صفحات الوحي، لا ندحة لنا عن الاعتراف، بأنها شخصية صعبة التحليل، وذلك لأن موسى حين عالج قصتها لم يضعها، قصة تاريخية خالصة أو رمزية خالصة بل وضعها قصة اتشح فيها التاريخ والحقيقة ثوبًا من الأموز، فأنت أذ تقرأ عن المرأة التي بنيت من ضلع رجل، وشجرة معرفة الخير والشر، وشجرة الحياة، والحية المغرية لابد تحس أن هناك معاني كثيرة متعددة تستتر وراء هذه الأسماء والعبارات الرمزية، وأن هذه المعاني تكلفك أشق الجهد وأضناه في سبيل بلوغها، والوصول إليها، أضف إلى ذلك أن موسى وهو يتحدث عنها، لم يقصد أن يرينا من هي حواء، بقدر ما آثر أن يرينا ما رسالتها ولذا نراه يمر مروراً سريعًا على طريقة تكوينها، ليقف بنا فقط عند تجربتها، وأثر هذه التجربة في نفسها وزوجها والكون بأجمعه، وقد سار الناس وراء موسى، فلم يعنوا بالنظر إلى حواء كامرأة، تاريخية لها شخصيتها وطباعها وخصائصها التي تنفرد بها عن غيرها، بل عنوا بالنظر إليها كامرأة رمزية مثالية، تعد عنواناً وصورة للمرأة في كل الأجيال، ومن المؤسف أن كثيرين من الذين اجتهدوا في تحليل شخصيتها الخاصة لم يستطيعوا التخلص مما لصق بأذهانهم من صور عامة عن المرأة، أو بما كان لهم من ظروف خاصة في حياتهم، فهناك مثلاً ذلك التقليد اليهودي الطريف الذي يقول إن حواء أعطت زوجها ليأكل معها حتى يموت لئلا يتزوج بامرأة أخرى تأتي بعدها، وهي محال أن تستريح في قبرها ومعه أخرى تأخذ مكنها، ولا أخال القاريء في حاجة إلى أن يدرك أن هذا التقليد أملاه الشعور العام بما يعتقده الكثيرون عن غيرة المرأة وشدة أنانيتها، وملتون الشاعر الانجليزي الضرير الذي يعد أبدع من كتب عن حواء في الفردوس المفقود والمردود، لماذا يصورها لنا أثرة، متكبرة، شديدة الاعتداد بذاتها؟ أغلب الظن أنه فعل ذلك تحت تأثير الحياة الزوجية المعذبة التي عاناها، لقد كان هذا الشاعر نفسه بائسًا في حياته الزوجية، ولقد ألقت زوجته - وهو لا يدري - ظلا عميقًا عنيفًا على ما كتب.
على أننا مع ذلك يمكننا أن نقول، ونحن في أمن من الزلل أن حواء كانت تتمتع بحظوظ ثلاثة : «الجمال، والسذاجة، وقوة العاطفة»..
الجمال
أما أنها كانت جميلة فهذا مما لا ريب فيه وقد حرص الفن على أن يبرزها دائمًا رائعة الحسن وضاحة الجبين، مشرقة المحيا وما نظن أن صورة واحدة لرسام ما شذت عن ذلك، والتقليد اليهودي يقول إن آدم بهر بجمالها، واستقبلها أحر استقبال، مشدوها صائحًا بالقول : «هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي» وهل يمكن أن تكون غير ذلك، وقد خلقها الله لتكون ختام عمله في الجنة والتاج الذي يضعه على مفرق الرجل.. ان الكلمة بني التي استعملها موسى وهو يصف عملية خلقها كلمة غنية في الأصل بالمعاني التي تشير إلى دقة وروعة وقدرة ونشاط الحكمة الإلهية في إبداعها، لم تكن حواء جميلة فحسب بل كانت، فيما أعتقد آية ونموذجًا للجمال، لم تبلغه امرأة أخرى من بناتها بعدها.... وذلك لأن جمالها خلق قبل أن تعرفه الخطية ويمسخه الشيطان، وما تبقى لها بعد ذلك منه إن هو إلا مسحة رائعة متكسرة تشهد بعظمة تلك الأصول القوية الأولى التي عصف بها السقوط، وهوى بها ما تبعه من أمراض وأوجاع وأحزان ودموع وتعاسة وشقاء وشر وآثم هي المعاول القاسية الهدامة لكل حسن وجمال، ألا ما أفظع الخطية وأبشعها أثرًا في خلقة الإنسان وخلقه، فالخطية أعدى أعداء الجمال، وأشدها تنكيلاً بروعته، وفتتنه وحسنه، ولن يعود الجمال إلى عرشه الضائع، ومجده السليب، ولن يسترد ما ولي عنه من أنوار أخاذة قديمة، حتى تتحرر الأرض من الآثم، وتغسل من الفساد، وتتطهر من الشر، ويقف ذلك الجمع الهائل الذي أبصره الرائي القديم من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة أمام العرش، وأمام الخروف، متسربلين بثيابهم البيض، وفي أيديهم سعف النخل، حين ترجع حواء وأبنائها وبناتها المخلصون إلى الفردوس الأبدي المردود!!
السذاجة
كانت حواء اذن من الناحية البدنية ذات جمال كبير، على أنها من الناحية العقلية كانت ساذجة قاصرة غريرة ضيقة التفكير محدودة الإدراك، وقصة عدن فيما اعتقد تشجعنا كثيراً على هذا الاستنتاج، فهي كما وصفها جورج ماثيسون «قصة الطفولة في أدق ما في الكلمة من معنى، طفولة الطبيعة الإنسانية التي لم تلف وراءها السنين الطوال من المعرفة والاختبار والمران والتجربة، الطفولة التي لم تكن قد اشتبكت بعد في نضال الحياة، وجابهت ما فيها من تنوع واختلاف وتلون وصعوبة توقد العقل وتشحذ التفكير».. بدأت حواء حياتها في الجنة وكانت أمامها أيام طويلة، قبل أن تبلغ مرتبة الوعي والإدراك والنضوج الكامل، وما الجنة في الواقع إلا روضتها ومدرستها التي كانت ستستعين بها على النمو والرقي والتقدم الفكري، كما أن المجرب اتجه إليها دون آدم لأنه أدرك أنها أقل فطنة وذكاء وتحذرًا.
قوة العاطفة
على أن ما فاتها من هذه الناحية قد عوضته في وقدة الشعور وحدة الإحساس والتهاب العاطفة، وأظننا جميعًا نتفق مع ما ذهب إليه أفلاطون وفيلو والكنيسة في العصور الوسطى من أنها تمثل الجانب العاطفي والإحساسي في الرجل وأن منطقها يسكن بين جنبيها، أكثر مما يرتفع إلى عقلها، وأن حجتها تأتي دائمًا من وراء حواسها أكثر منها من وراء النقاش المنطقي العقلي الرتيب، ولقد ورثت بنات حواء عن أمهن هذه الخلة العاطفية وكانت سلاحهن الجبار في الخير أو الشر على حد سواء، فقد استطعن بالضعف والابتسامة والحنان والدموع أن يهززن العالم ويوجهن التاريخ البشري بأكمله على مدى الأجيال!!
حواء : لم خلقت!!
لا يحتاج المرء إلى كبير عناء، وهو يتأمل ما كتب موسى في سفر التكوين عن حواء حتى يدرك أن الله خلقها لتؤدي رسالة مزدوجة : حواء الزوجة وحواء الأم.
حواء الزوجة
كان كل شيء في جنة عدن حسنًا، جميلاً، ظليلاً، ولكن آدم أحس مع ذلك أن قلبه موحش فارغ، وأن شيئًا غير يسير من الإحساس الكئيب بالانفراد والعزلة يتمشيء بين ضلوعه، أنظر إليه، أنه يكاد يودع جميع الحيوانات والطيور والبهائم التي جاءت إليه ليسميها بعين نهمة مشوقة، لقد جاءته أزواجًا وأزواجًا، أما هو فلم يجد معينًا نظيره، كان في حاجة صارخة إلى حواء.. إلى حواء التي ستهز حياته هزا عنيفًا بل ستخلق هذه الحياة خلقًا رائعًا فذا جديدًا. لا أود أن نسير مع أفلاطون في خياله العنيف : إن المحبة الكائنة بين الرجل وامرأته هي الخير الوحيد الحقيقي الأبقى في الأرض وأن المحبة الزوجية هي العربون الأمثل الصافي لمحبة السماء، ولا أريد أن نجنح كثيرًا مع العقيدة الخيالية التي أخذ بها المفسر الإنجليزي البارع يعقوب بهن : «إن آدم بمفرده كان في طريقه إلى السقوط، وأن الله جاءه بحواء لتنقذه من الانحدار الذي أوشك أن يتردي فيه وحين قال : «ليس جيدًا أن يكون آدم وحده» كان يبصر في أغواره البعيدة عناصر السقوط والهدم».. ولكني مع ذلك أود أن أقول دون تردد : أن أثر حواء في حياته كزوجة كان أثرًا هائلاً منقطع النظير.. لقد كانت قيثارته الشجية المبدعة التي علمته أعذب ألحان الحياة، والسحر الذي نثر حوله جوا من النور والدعة والإشراق والجمال، لقد كانت له بمثابة الرجع العميق لصوته الذي يهتز في أرجاء الجنة، والصدى الحلو الذي يتردد إليه كلما تحدث أو فاه أو ترنم كانت صديقه الحنون الذي يأنس إليه، كلما أخذه تعب أو كلال، والمؤنس الذي يناجيه ويناغيه في ظلال الشجرات السادرة ساعة الهدوء، وبالجملة لقد علمته كيف يحب، ويتذوق، ويبتسم، ويتغنى، ويرضى، ويناضل، ويبتكر ويتقدم... لقد علمته كل شيء. أليست هذه هي رسالة المرأة دائمًا للرجل؟ من علمه المحبة، والفن، والشعر، والموسيقى، والأدب. والابتكار، وغيرها؟ من أوقد فيه العبقرية، والذكاء، والحمية، والنضال، والانتصار سواها؟ من ذا الذي ينسى أن «التاج محل» إحدى عجائب الدنيا العظيمة بناها وفاء رجل لزوجته العزيزة؟ ومن ذا الذي يجهل أن دانتي كتب آيته الخالدة من أجل بياتريس؟ ومن ذا الذي يغفل وهو يذكر هوبر السويسري من أبرع أساتذة الحشرات في التاريخ الحديث أن يحنى رأسه بإعجاب لزوجته العظيمة الزوجة التي أحبته، وأصرت على زواجه رغم فقدانه البصر، ودرست له وأعانته في بحوثه وتجاريبه حتى أخرج للعالم كنوزه الخالدة في علم الحشرات؟ إن ما تقدمه المرأة لزوجها يعجز القلم مهما اقتدر عن الالمام بأثره؟
حواء الأم
كانت رسالة حواء الثانية السامية والرفيعة التي بلغت مستوى رسالتها الأولى : رسالة الأمومة لقد خلقها الله لتكون أمًا، وليملأ بأبنائها وبناتها الأرض، وقد خلفت حواء قايين، وهابيل، وشيثا، وأبناء، وبنات كثيرين، ولكنها خلقت فيهم ومعهم غريزة من أسمى وأقوى غرائز المرأة إطلاقًا، غريزة الأمومة، ولعل حواء وهي تخلع على بنيها الثلاثة أسماءهم، قد كشفت في الحين نفسه عن العناصر الثلاثة لهذه الغريزة المضطرمة في أحشائها، وبين حناياها، ففي قايين نرى الأمومة في ولعها وشوقها، وفي هابيل تبصرها في حزنها وألمها، وأما في شيث ففي انتظارها ورجائها.
دعت حواء ابنها الأول قايين أي «اقتناء» وهذا الاسم إن دل على شيء فانما يدل على أول ما تحس به الأمومة إزاء الأبناء : الولع والشوق والفرح والبهجة بمجيئهم.. الولع الذي جعل سارة تدعو ولدها اسحق أو الضحك «قد صنع إلى الله ضحكًا، كل من يسمع يضحك لي» والذي حدا براحيل أن تقول ليعقوب : «هب لي بنين. وإلا فأنا أموت» والذي دفع باليصابات أن تخفي نفسها خمسة أشهر قائلة : «هكذا فعل الرب في الأيام التي فيها نظر إليّ لينزع عاري بين الناس».
أما الثاني فكان هابيل أي «نفحة» أو «بطل» وهو يشير إلى الناحية الحزينة من الأمومة التي تبكي أبناءها الحزانى أو المتألمين أو الصرعى، كما بكت حواء ابنها هابيل، الأمومة التي تدفع أقسى الضرائب من الدم والدموع والألم في سبيل أولادها، كما دفعت هاجر المصرية التي طرحت ابنها في ظلال الشجر وجلست بعيدًا عنه تبكي لأنها لا تستطيع أن تراه يموت وكما هبت راحيل منتفضة من قبرها تصيح في وحي النبي مذعورة على أبنائها القتلي : «صوت سمع في الرامة، نوح بكاء مر، راحيل تبكي على أولادها، وتأبى أن تتعزى عن أولادها لأنهم ليسوا بموجودين». وكا قيل عن الأم العظيمة النموذجية : «وأنت أيضًا يجوز في نفسك سيف».. قد ينسى الشاب في الحرب أو الغربة أو الفشل أو المرض أو الجوع أن يبكى ولكن أمه هيهات ومن المحال أن تنسى»..
أما الثالث فهو شيث أي «عوض» وهو الناحية الانتظارية أو الرجائية في الأمومة، وماذا تنتظر لابنها ومنه؟ تنتظر المجد والحب!! أنها وهي تهدهد سريره الصغير تحلم له أعز الأحلام وأروعها، تريده لو استطاعت ملكًا جليلاً، حتى ولو بنى عرشه ومجده على أنقاضها كما كانت تتمنى أم نيرون لولدها... وماذا تنتظر منه؟ أنها تريد فقط رجع محبتها، وصدى حنانها، تريده أن يبتسم لها ويقدر عطفها ألا ليتنا مثل ليفنجستون الذي وقف أمام قبر أبيه وأمه يبكى وهو يضع الرخامة المنقوشة : «تحية ابن إلى والديه العظيمين الفقيرين» ولما طلب منه أن ينزع كلمة «فقيرين» أجاب : كلا؟ فلولا فقرهما لما استطعت أن أدرك تمامًا عظمة نبلهما وحياتهما الباذلة التي خلقتني، ودفعتني من بين أنياب الحرمان ومرارته،.. أيها الأبناء : ما أثقل الدين عليكم تجاه الأبوة والأمومة!!
حواء : كيف خلقت؟
في إبداع حواء وخلقها أرجو أن لا يغيب عن ناظرينا أمران ظاهرا الوضوح : إن حواء خلقت أثناء نوم آدم، وإنها أخذت ضلعًا من أضلاعه.
خلقت أثناء نومه
هذه هي العطية العظيمة، جاءته في شبه مفاجأة ومباغته «فأوقع الرب سباتاً على آدم فنام» والكلمة «سبات» تعني في أصلها نومًا ثقيلاً، كان آدم غائبًا عن نفسه ووعيه وإدراكه حين جاءته نفسه الثانية، كان نصيبه منها نصيب المستلم المتقبل، وقام الله بالتدبير والتكوين والإبداع والخلق، وهذا في نظري أساس كل زواج سليم، الزواج الذي يستسلم الإنسان فيه للإرادة الإلهية الحلوة، الزواج الذي ينام فيه الرجل نوم الرضيع الهانيء، الزواج الذي يغضي فيه عن كل الأغراض الأنانية الضعيفة.. ألا ليتنا نعرف كيف ننام عن تلك الشروط البغيضة التي كانت وما تزال أساس الشقاء البيتي والتعاسة الزوجية!!
أيها الشاب يا من تريد أن تختار زوجتك : حذار أن تثور فيك تلك الطباع الضعيفة الممقوتة، فتطلب ما ألف الكثيرون أن يطلبوه دون ارادة الله - مراراً يصر المرء على الجمال وينسى ذلك القول الحكيم الكريم : «الحسن غش والجمال باطل. أما المرأة المتقية الرب فهي تمدح» فكأن الجمال مقبرة سعادته وهدوء باله، ومراراً يبحث المرء عن الثروة جلاده ومعذبه الفظيع، وكم مرة بحث عن الجاه وما أشبه فعاش حياة تعسة شقية.. أيها الشاب أتعلم كيف نام اسحق عن هذه كلها؟ أنظر إلى هذا الزواج النموذجي تعلم كيف تتزوج! لقد أودع اسحق الأمر كله بين يدي الله وخادمه الأمين، ولم يسع هو مع ذلك الخادم. ولو ليبصر فقط الزوجة التي ستشاركه الحياة، الأمر الذي يعد من أبسط البديهيات في عصرنا هذا... فكافأ الله تسليمه برفقة الجميلة المعينة المدبرة.
أخذت ضلعًا من أضلاعه
هذا هو الأمر الثاني الترتيب في خلقها، وأظننا نذكر قولة متى هنري المشهورة بهذا الصدد : «إن الله خلقها ضلعًا تطوق قلبه ليحبها تحت إبطه ليحميها، ولم يخلقها من قدمه لئلا يدوسها، أو من رأسه لئلا تسيطر عليه» ولعل الاضطراب الذي عانته البشرية قديمًا وحديثًا يرجع إلى رغبة الرجل أو المرأة في الشذوذ عن هذا الوضع، والخروج عليه. فاذ نسى الرجل أن المرأة نظيره، وأنه رأس لها وليس رئيسًا عليها إذ : «الرجل ليس من دون المرأة ولا المرأة من دون الرجل في الرب» وأن الرأس مهمته في الجسد القيادة فقط وليس السيطرة والاستبداد، اختل كل تعاون سليم محمود بينهما، واذا نسيت المرأة أنها لم تخلق لذاتها بل خلقت من أجل الرجل لتصبح مجده، ورامت أن تستقل عنه وتناهضه لضاعت وأضاعته.. هذه خلاصة حكمة الرسول العظيم، الحكمة التي ما تزال اختبارات الأجيال البشرية تضفي عليها كل يوم وضوحًا وتألقًا ونورًا.
حواء : كيف جربت وسقطت وعوقبت ونهضت؟
أظن أنه ليس من المستحب كثيرًا ونحن نستعرض قصة السقوط أن ندخل في شكليات عقيمة لا جدوى لها : بأية صورة جاءت الحية إلى حواء؟ هل هي ذات الحيوان المعروف لدينا، أم أن هذا صورة ممسوخة عن الأصل القديم؟ وكيف استطاعت أن تتكلم وبأية لغة؟ وإنما يغنينا حقًا أن التجربة قد حدثت وأن المجرب الحقيقي كان الشيطان وأنه سعى إلى المرأة عن طريق الحية، وفي ثوبها، لأن هذا المخلوق أحيل الحيوانات وأصلحها في الإغراء والسقوط. فهو الحيوان الوحيد الذي يؤثر على ضحاياه بتأثير رائع من عينيه، كما أنه يسعى إليها في هدوء ودون جلبة، واذ يدنو منها يقترب إليها في بطء وعلى غرة، وهي لا تعرف من أية جهة يباغتها فهو يدور حولها ويلف كأنما يسعى إليها من كل جانب وهو يصرعها بأية ناحية من جسمه لأنه لا يملك كغيره من الحيوانات سلاحًا خاصًا كقرن أو مخلب أو أنياب وهو يسكن في جحره عدة شهور، ولكنه ما أن يخرج حتي يضحى أكثر من القرد تسلقًا، وأقدر من السمكة سباحة، وأسرع من الغزال عدوًا، وأشد من النمر انقضاضًا!!..
كيف أسقطت الحية حواء؟ هل كشفت لها عن وجه الخطية البشع المريع؟ وهل حدثتها عن التعدي والعصيان والتمرد والموت والهلاك؟ كلا! لقد دثرت كل هذا وأخفته وراء ملمس ناعم ومظهر خلاب وهمست في أذنها بكلمات مداهنة معسولة عن شجرة جميلة وثمرة حلوة وإدراك واتساع كالله في معرفة الخير والشر : «فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهية للنظر فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضًا معها فأكل فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر»، «لأن كل واحد يجرب اذا انجذب وانخدع من شهوته ثم الشهوة اذا حبلت تلد خطية والخطية اذا كملت تنتج موتًا» بذا قال الرسول يعقوب وقد سار وراءه، وفي أعقابه الرجل الذي أحسن التأمل في هذه العبارة وكان له من ظروفه الخاصة ومن الأحداث التي تحيط بعصره ما أعانه على تصوير مراحل التجربة تصويرًا دقيقًا بارعًا قال توما الكمبيسي : «أن التجربة تأتي إلينا أولا فكرة غامضة لا نستطيع أن نتبينها، ثم تأخذ هذه الفكرة صورة معنية واضحة مجلوة لا تلبث أن تظهر لها حلاوة ندية غريبة تتساقط قطرة فقطرة على القلب حتى تخدره. ومن ثم تتحول إلى قوة مدمرة تعصف به». كان خطأ حواء أنها أصاخت الأذن، فنظرت فاشتهت فمدت يدها وأثمت، وكان يجمل بها أن تفزع وتهرب... ألا ليتها في تلك الساعة قد ذكرت كلمة الله الأبدية المحذرة بالموت! ألا ليتها وهي تقترب من الشجرة شعرت بالذنب وألم الضمير!! إلا ليتها مدت بصرها حينئذ عبر القرون، ورأت الأجيال الغارقة في الدم والدموع والعار والتعاسة والشقاء! بل ألا ليتها رأت أرهب المناظر وأخلدها عن جبين الدهر، منظر ابن الله الحزين يركع بين أشجار الزيتون وعرقه يتصبب كقطرات دم نازلة على الأرض!! ألا ليتها فعلت هذا! إذن لارتدت مصعوقة عن قطف الثمرة.. لكنها لم تفعل فسقطت وعوقبت، وكان عقابها أشد من عقاب آدم لا لأنها أسبق في التعدي فحسب، بل لأنها قادته إليه، وإن كان ايرانيوس يجتهد كثيرًا أن يذكرنا أن العقاب من حيث الوضع البشري هو أهم ما تتشوق إليه المرأة وتنتظره، فلا أنزع إليها ولا أرغب من ولادة الأولاد والحياة الزوجية : «بالوجع تلدين أولادا وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك» ولكن، ألا نحتاج أن تتذكر أيضًا أن هذا العقاب أضحى فيما بعد تجربة بنات حواء، إن لم تحفظهن عناية الله؟ بل ألا نحتاج أن نقول مع صديقنا هوايت «أيها الأزواج : أيها الشباب الذي تخضع له النساء، ألا ليت الله في عونهن حتى لا يكون عقابهن سبب هلاكهن الأبدي لنصل لنا ولهن بكل حرارة ويقين: «بنفسي أشتهيتك في الليل يا الله... تلذذ بالرب فيعطيك سؤال قلبك.. لأنه تعلق بي أنجيه أرفعه لأنه عرف اسمى. من طول الأيام أشبعه وأريه خلاصي.. أما أنا فالبر أنظر وجهك أشبع اذا استيقظت يشبهك»؟
لم يكن العقاب هو المرحلة النهائية الأخيرة في قصة أمنا حواء وهيهات أن يكون، ووراءها تلك المحبة السرمدية العلية، التي سبقت فأعدت خلاصها، وخلاص بنيها قبل تأسيس العالم، في نسلها العظيم الذي يسحق رأس الحية، هذه المحبة التي طوقتها بالحنان والعطف والجود غداة السقوط فصنعت لها ولزوجها أقمصة من جلد وألبستهما لتغطي عريهما.. ولقد أدركت حواء بعد سقوطها أنها خدعت : «الحية غرتني» ومن ثم كانت شديدة اللهفة والشوق إلى مجيء الولد المخلص الذي أخطأته فظننته قايين يوم قالت: «اقتنيت رجلاً من عند الرب». ولما أنجبت هابيل دعته «البطل» ولعلك تدرك أن هذه التسمية لا تمليها إلا نفس شديدة الحساسية بالندم والحزن والتوبة والإدراك بأن : «كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الآب بل من العالم والعالم يمضي وشهوته وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد» وإني من أشد الناس إيمانًا وأجزمهم يقينًا أن حواء سعت بكليتها في أيامها الأخيرة إلى هذه المشيئة الحلوة وصنعتها بذا قال موسى في سفر التكوين وقال بولس في رسالته الأولى إلى تيموثاوس، وقال ملتون في خياله البديع في الجزء الأخير من الفردوس المفقود.
دعنى إذن أغنى لحواء ومعها ومع بنيها جميعًا هذه المقطوعة القديمة لمرنم إسرائيل الحلو : «الرب رحيم ورؤوف. طويل الروح وكثير الرحمة لا يحاكم إلى الأبد، ولا يحقد إلى الدهر، لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا، لأنه مثل ارتفاع السموات فوق الأرض قويت رحمته على خائفية، كبعد المشرق عن المغرب، أبعد عنا معاصينا، كما يترأف الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه لأنه يعرف جبلتنا، يذكر أننا تراب نحن «الإنسان مثل العشب أيامه. كزهر الحقل كذلك يزهر لأن ريحًا تعبر عليه فلا يكون. ولا يعرف موضعه بعد. أما رحمة الرب فإلى الدهر والأبد على خائفيه وعدله على بني البنين، لحافظي عهده وذكرى وصاياه ليعملوها».



رد مع إقتباس
Sponsored Links

اضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ماذا تعرف عن مدينة السامرة : احد السامرية اشرف وليم التأملات الروحية والخواطر الفكرية 0 03-20-2013 06:52 PM
ماذا تعرف عن باب النبؤات بدير السريان وما به من نبؤات ؟ تعرف على باب النبؤات بدير الس Rss مواضيع منقولة من مواقع اخرى بخدمة Rss 0 03-31-2012 12:10 AM
ماذا تعرف عن الحب! sameh wael الموضوعات الشبابية 10 06-18-2010 12:09 AM
ماذا تعرف عن مريم المجدلية ادخال مش هتندم الزملكاوى البرنس سير القديسين المعاصرين 0 10-28-2009 04:58 PM
ماذا تعرف عن الرجال عماد حسنى المنتدى العام 12 11-09-2008 03:04 AM

Rss  Rss 2.0 Html  Xml Sitemap SiteMap Info-SiteMap Map Tags Forums Map Site Map


الساعة الآن 08:06 AM.