6 – الخلاص هو شركتنا في الثالوث ، وهي شركة لا وجود لها إلاَّ بتجسد الابن ، الذي في تجسُّده جَمعَ الصليب والقيامة معاً ؛ لأنه – كشخص – أعلن لنا سلطانه على الموت بالصليب الذي هو علامة الانتصار ، وقوته التي تجعل القيامة تسري في كياننا الميت ، وتُعيدنا إلى حياة ابدية بصورة أكمل وأجمل وأعظم ، وهي صورة المسيح الحي القائم من الأموات بمجد الآب وبقوة الروح القدس .
أعلن الربُ الثاؤريا (1) ، ثاؤريا التدبير على ثلاث مراحل :
أولاً: بالميلاد من الروح القدس ، ومن العذراء القديسة مريم ، أي ثبات الاتحاد بين اللاهوت والناسوت بواسطة الروح القدس الذي قدَّم له الناسوت من والدة الإله .
ثانياً : بمسحة الروح القدس وبالصليب وبالقيامة حيث اشترك روح الحياة في غلبة الموت بالصليب ، وفي هبة الحياة العديمة الفساد ؛ لأن عطية الجسد والنفس الإنسانية بواسطة الروح القدس في التجسد ، كمُلت بغلبة الموت والفساد .
ثالثاً : بالصعود ودخول السماء عينها ، ولأن الروح مسح الابن المتجسد، أي اشترك معه في كل تدبير الخلاص مُعلناً لنا بعد ذلك شهادته عن تجسد الرب وموته المُحيي وقيامته المقدسة .
____________________
(1)الثاؤريا هي : الرؤية التأملية الداخلية – تأمل إدراكي ينتهي باكتشاف الحق ؛ فالثاؤريا أو التاورية في لغة الإنجيل ، يُعبَّر عنه بالتفاتة عقلية مستنيرة فيها يتواجه العقل مع حقيقة جديدة فائقة عن المعرفة العادية وعن الإدراك الطبيعي تُستعلن بالروح القدس ، والتأمل هنا لا يقصد به التفكير في آية أو في الإلهيات بالعقل لخروج مجرد إحساس أو أفكار شخصية حسب رأيي واستنتاجاتي الخاصة حسب ما سرحت وفكرت ، بل هو وسيلة إيمان عالية تُضيف خبرات وإدراكات روحية لم تكن موجودة سابقاً تفوق في قوتها ومسرتها كل خبرات وإدراكات العقل العادية ولا تحتاج لإثبات أو برهان لأن الله يُستعلن فيها لقلب الإنسان بنور فائق يُنير العينين ويفتح الذهن لمعرفة الكتب .
الثالوث القدوس توحيد وشركة وحياة
تحت عنوان الثالوث القدوس وتدبير الخلاص