التوبة في قاموس اللغة العربية تعني : الرجوع عن المعصية أو الشر ، وهي تحمل الندم على فعل العصيان ، أو تعني الكف عن الخطية وترك الشرور ... وهذا المفهوم منتشر عند الكثيرين ، ويتم تسليمه في التعليم من الخدام وغيرهم من الوعاظ ...
وطبعاً هذا المعنى لا يعبر عن المعنى في الكتاب المقدس وعلى الأخص في العهد الجديد ، إذ يعتبر معنى قاصر وضعيف جداً لمعنى التوبة الحقيقي ، لأن هذه الكلمة بهذا المعنى مستحيل أن تُعبَّر تعبير دقيق عن دقة وعمق علاقة الإنسان بالله في المسيح يسوع له المجد ...
وقد شرح الآباء بعبارة عميقة واحدة كلمة التوبة ب (( عودة الإنسان إلى نفسه وإلى الله )) ، وفي أعمال الرسل يتكلم عن الأمم الذين تابوا قائلاً : " الأمم الراجعين إلى الله " ( أع15 : 19 ) .
والكلمة اليونانية Μετανοια لا تعني فقط تغيير الفكر كما هو شائع ، بل أيضاً تعني في الأساس العودة إلى الأصل ، أي صورة الله ، وهذه هي عودتنا الحقيقية ، لأن العودة والرجوع من الفعل اليوناني بل وفي القبطي أيضاً : هو رفع كل حاجز ومانع يمنع الإنسان من إدراك حقيقة كيانه كصورة لله ...
وهذا واضح من رسائل القديس العظيم الأنبا أنطونيوس الكبير حين قال : (( من يعرف نفسه يعرف الله ، ومن يعرف الله يستحق أن يعبده بالروح والحق ))
ويقول الأب صفرونيوس :
[ يقول ربنا له المجد عن الابن الشاطر ( الضال ) أنه " عاد إلى نفسه " ( لو15: 17) . العودة إلى النفس هي بداية عودتنا إلى الله ؛ لأن من لا يعود إلى نفسه التي هي كيانه هو غير قادر على العودة إلى الله الذي له طبيعة وكيان مختلف تماماً ، بل ويعلو على كل طبيعة مخلوقة .
قبل أن تؤمن بأي شيء ، يجب أن تحب نفسك محبة حقيقية ، لكي تُعلمك محبة الذات الحقيقية غير الكاذبة ، أن تختار الإيمان لما فيه من صلاح وخير .] ( رسالة الأب صفرونيوس إلى تلميذه تادرس – المئوية الثانية في التوبة – مترجم عن المخطوطة القبطية تحت عنوان التوبة وعمل الروح القدس في القلب ص 43 فقرة 41 و 42)