+ الكتاب يقول: "كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله" (رو28:8)
+ أما نحن نقول أن ليس كل الاشياء، هناك كوارث تحدث للمسيحيين وغيرهم حتى هذه اللحظة! هناك حزن هناك متاعب هناك آلام، هناك مظاهرات تطالب برفع الظلم وتحقيق الحق!!
اذا كيف يتحقق قول تلك الآية؟!
+ ما تم ذكره ليس معناه انه سيكون هناك راحة وسلام وفرح فى العالم، لأن الكتاب أيضاً قال: "في العالم سيكون لكم ضيق" (يو33:16)، وهذا معناه ان العالم ضدنا وقوات الشر ستلاحقنا أينما وجدنا حتى لو فى البراري والجبال مثل الرهبان والنساك!
+ اذا كيف نقول أن كل الأشياء عمل معاً لخيرك؟؟ وهل ينطبق عليّ انا قول تلك الآية؟؟ هذا ما ستكتشفه بعد هذه القصة العجيبة:
+ كان فى إحدى البلدان ملك يهوى الصيد كثيراً، وكان يجد فيه لذته ومتعته، ولأن الصيد يتطلب أن يكون الصياد مثل القناص متخفياً ومتسللاً بهدوء الى فريسته حتى يصيبها دون ان تفر، كان الملك يأخد فقط صديقه معه فى كل رحلة صيد ولا يأخد معه جنود أو حتى خدم من حاشيته.
+ كل فترة والأخرى كان الملك يأخد صديقه وبندقيته ويتطلع الى بعض الصحارى أو الغابات قاصداً ما يصطاده .. كان صديقه مسيحيا ًمؤمناً بتلك الآية التى تقول أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله، فكان عند حدوث أى شئ خيراً كان أم شراً، يقول: خير الحمدلله .. أما الملك كان مسيحياً لكنه لم يكن لديه الإيمان الكافى لتلك الآية، لأنه لم يتذوق أي شئ من محبة الله له، فلم يكن مكترثاً للحياة الروحية ولا للعشرة مع الله.
+ كالمعتاد ذهب الملك مع صديقه الى صحراء ولم يكن معهما أحد، فكان الصديق يجهز البندقية للملك كى يصطاد بها، تسرع الملك لأنه رأى فريسته ساكنة وأخد البندقية وضرب بها لكنه لسبب ما أخطأ وأصاب اصبعه بجرح كبير، فما من صديقه إلا وقال كلمته المشهورة: خير الحمدلله، هنا إغتاظ الملك وسبه وأمر بحبسه بضعة أيام تأديباً له لأنه قال الحمد لله عند اصابة الملك!!
+ تركت الاصابة تشوهاً ملحوظاً فى إصبع الملك، ولكن هذا لم يمنعه من المعاودة لهوايته مرة أخرى، لكن هذه المرة كانت وحده، فصديقه كان فى السجن .. ذهب الملك بالفعل لأرض صحراء وبينما كان يبحث عن فريسته فقد طريقه وتاه ولم يستطع أن يرجع، حتى وجدته بعض القبائل التى تعبد الأوثان وتعيش فى الصحراء، فلما رأووه أرادوا تقديمه كذبيحة لإلهم لأنهم ممن يقدمون الذبائح البشرية كى ترضى عنهم الآلهه، وبالفعل ربطوه وجروه للذبح وأحضروا النار كى تتم تقديم الذبيحة حسب طقوسهم التعبدية.
+ هل تتوقع أن هذه هى النهاية، كى سيفلت الملك من هذا المأزق، ليس له إلا ربه، وهل سيرضى الله ان ينقذه بعد أن آذي صديقه وأودعه فى السجن؟! أهل يستجيب له الله فى هذا المأزق الخطير؟؟ هنا أحبائى أراد الله ان يعلم الملك فقط قول هذه الآية ان كل الاشياء تعمل معاً للخير .. ربما يكون الدرس قاسي بعض الشئ لكنه مفيد للغاية، فالكلام النظرى (الكتاب المقدس) قد أحيانا نتهاون به ولا نضعه موضع التنفيذ لضعف إيماننا، وهنا يضطر الله لتقديم الدرس العملى (التطبيقي) فى شكل ضيقة أو تجربة، فتعالوا معى كيف تدخل الله كى يطبق قول آيته:
+ نظر الملك فى لحظاته الأخيرة الى السماء وطلب عون الله وتذكر قول صديقه وتكراره كلمة الحمدلله، وقال مخاطباً الله أهل يجدر أن أقول الحمدلله على وضعى هذا ؟؟ فأنا ذاهب للهلاك الآن وليس من ينقذنى من أيدي هؤلاء المجانين؟؟
+ وعند إنتهائه من صلاته القصيرة، تطرق أحد الوثنيين الى اصبعه ووجده مشوه للغاية، فصرخ قبل تنفيذ الذبح للجميع: توقفوا لن يجدى ذبحه، فهذه الذبيحة ليست سليمة، لا نستطيع تقديمها!! هناك تهلل الملك فرحاً، وحينئذ حل الرجال رباطاته وتركوه حتى عاد الى قصره .. لكنه عاد مسرعاً الى سجن صديقه كى يتأسف له ويشكره ويصرح له بإيمان تام تحقيق قول تلك الآية الشهيرة...
+ أنتظر من فضلك .. لم تنته القصة بعد .. فالآية لها أيضاً مغزى آخر يجب التنويه له:
+ قابل الصديق الملك بوجه بشوش وترفق بحاله وبحالة الذعر التى مر بها، وقال أيضاً جملته المعتاده: خير، الحمد لله .. حينئذ صاح الملك فى وجهه، الخير كان لى ولم يكن لك، انت قضيت بعض الأيام هنا فى السجن ظلماً .. حينئذ ابتسم الصديق وقال: لا يا سيدي الملك، فهذا خير لى ايضاً، لأنى لو كنت طليقاً وذهبت معك للصيد، لكان الرجال أخذونى ذبيحة بدلاً منك لأنى سليم جسمانياً !!!
+ قد لا يتطرق البعض لقول تلك الآية العجيبة .. لكن عملها لا نستطيع ان نغفله فكم من مواقف تحدث لنا يومياً تشير لتدخل يد الله بقوة لكى تحقق لنا الخير .. هناك تكمله للأية أحب أن أنوه عنها، وهى : "للذين يحبون الله" وهنا دعوة جميلة لنا ان نحب الله من كل قلوبنا وافهامنا وقدراتنا، وليس بالشفتين، إنما بالقلب، فالمزمور يقول: "فالذبيحة لله روح منسحق"..
+ يقول القديس أغسطينوس: "نحن نمتلك الله بقدر ما ندعه أن يمتلكنا" .. فدع الله يتملك على قلبك كى تنعم بلمساته الالهية التى تقلب الأمور لصالحك مهما كان موقفك .. فربما لن نفهم قصد الله من بعض الضيقات التى نمر بها، فكثيراً ما تكون ارادتنا مخالفة لإرادته .. لكننا سنفهم فيما بعد، بعد ان يكون الرب قد انقذنا من الفخ وأضاف لكنزنا السماوى نظير تعب صبرنا وقت الضيقة .. فالله يحبك ويتلذذ بك ولا يريد عذابك أو هلاكك .. فهل تثق به الآن ؟