العودة إلى النفس هي اكتشاف " الرتبة الأولى " ، أي صورة الله ؛ لأن الخطية هي ترك هذه الصورة ، وانغلاق الإنسان في كيانه الذي يخلقه لنفسه بدون الله ، والذي له شكل الحياة ، ولكنه – بالقدرات الإنسانية وحدها – هو غير قادر على البقاء إلى الأبد .
وحقاً قيل " إن الموت هو انفصال النفس عن الله " ، انفصال من جانبنا وسقوط في بئر الذات الخالي من الحياة . عن هذا قال رب الحياة مخلصنا الصالح " من وجد نفسه يضيعها " ؛ لأنه وجد نفسه بدون الله ، وحبس ذاته في ذاته ، أمَّا من قدَّم ذاته ، أي بذلها ، فقد رَبحها .
ولأن البذل لا يتم بدون شركة ، فلذلك أضاف قائلاً : " لأجلي ولأجل بشارة الحياة " ( مرقس 8 : 35 ) . وقال أيضاً عن الإنسان الذي يضل طريق الحياة : " ماذا يربح الإنسان إذا ربح العالم كله وخسر حياته أي نفسه " ( مرقس 8 : 36 ) ، لأن ما يراه الإنسان ربحاً ومكسباً وفيراً ، إنما هو يكلفه كيانه ، ويستعبده لما يملك ؛ لأن الموت جلب الإفراط في الحرص على ما نملك ، وجلب ذلك الأنانية وحب الذات المزيف ؛ لأن مَنْ يقتني لا يحيا وحده ، وإذا شارك الآخرين يظن أنه صار يملك أقل ، مع أن وصية رب المجد واضحة ، إلاَّ أنه عندما شرح غباوة الغني في مَثل الغني الذي ترك كل شيء لأن حياته قد أُخذت منه ، قال عن هذا : " من هو ليس غنياً بالله " ( لوقا 12 : 21 ) .
رسالة الأب صفرونيوس إلى تلميذه تادرس – المئوية الثانية في التوبة مترجم عن المخطوطة القبطية تحت عنوان
التوبة وعمل الروح القدس في القلب