رد: مسابقة القسم الأدبي - الحلقة الأولى
كُتب : [ 04-16-2011
- 01:09 AM
]
انظر إلى / امرئ القيس بن حجر الكندي ( الملك الضليل ) يرسم لنا صورة حية مما يقع في فصل الربيع في جزيرة العرب يصوره تصويرا دقيقا جميلا بفلم مادته الكلمات واطار صورته البديع من الحروف وهو يقول من معلقته : وهو يقعد مع صحبه بين ملح ضارج الشقة من أرض القصيم وكانت من منازل بني تميم ويسمى ملحها الى يومنا هذا ملح ضاري على لغة بني تميم التي تقلب الجيم ياءا وماء العذيب من مناهل نجد في خبوب بريدة الغربية كما ذكر الشيخ / محمد بن ناصر العبودي في معجمه وينظر إلى السحاب المركوم حين تكونه في السماء وهو ينظر شمالا إلى جبل قطن وجبلي أبانين ووادي ستارة ويصور ما يرى فيقول :-
أحار - ترى برقاً - أريك وميضه
= كلمع اليدينِ في - حبي - مُكلل
يضيءُ سناهُ أو مصابيح راهب
= أهان السليط في الذَّبال المفتَّل
قعدتُ وأصحابي له بين ضارج
= وبين - العذيب - بعد ما - مُتأمل
على قطن بالشـيم أيمنُ صوبهِ
= وأيسرهُ على - الستارِ - فيذبلِ
ويا حار منادى مرخم أي يا حارث ترى برقا كلمع اليدين أي كسرعتهما في حركتهما في الحبي المكلل أي السحاب المركوم وضؤ برقه كمصابيح الرهبان التي أكثروا فيها من الزيت على الذبال الفتائل لشدة البرق كذلك يراه وهو يقعد مع أصحابه بين ملح ضارج وماء العذيب ويتجه في نظره إلى الأفق الشمالي من مقعده فيرى ويتوقع بالشيم ( أي التوقع ) أيمنه على جبل قطن بالقصيم ولا يزال يعرف بهذا الاسم إلى يومنا هذا وأيسره على وادي الستار وهو يعرف اليوم بوادي ستاره جنوب شرق المدينة المنورة بديار سليم أي أن مطر هذا السحاب سيمتد على مساحة ما يقارب 300 كيلو متر ويمضي في رسم الصورة ويقول :-
وأضحى يسحُّ الماء عن كل فيقة
= يكبُّ على الأذقان دوحَ الكنهبل
أي أن مطره أصبح غزيرا ويكب الماء كبا أي بشدة عن كل فيقة أي أن المطر يسح مرة ويخف أخرى والفيقة هي الفترة مابين الحلبتين ومن شدة سيله أصبح يقتلع أشجار الكنهبل من جذورها ويقلبها على رؤسها ثم يمضي في رسم صورة تأثير هذا المطر على البيئة ويقول :-
كأن مكاكي - الجواء غدية
= صبحن سلافا من رحيق مفلفل
ومر على القنان من نفيانه
= فأنزل منه العصم من كل موئل
ومن روعة الجو الذي يحدث أثناء نزول المطر ترى طيور المكاكي جمع مكاء والمعرفة محليا بأم سالم في منطقة الجواء بالقصيم وتعرف اليوم بعيون الجواء من فرحتها بالمطر والجو الرائع يقفزن يمينا وشمالا وكأنهن قد شربن سلافا أي في الصباح الباكر رحيقا مفلفل ( عصير العنب المتخمر ) فأسكرهن وأصبحن يتمايلن من شدة السكر كما وأن مطره قد مر على جبل القنان وهو بالمنطقة التي حددها أيضا فأنزل منه العصم أي الوعول حيث دخل الماء عليها في كل كهف وتحت كل حجر مما اضطرها للنزول رغم عصمة أماكنها في رؤوس الجبال ويمضي قائلا :-
وتيماءَ لم يترُك - بها جِذع نخلة
= ولا أطماً إلا مشيداً - بجندل
كأنَّ أباناً في - أفانينِ ودقهِ
= كبيرُ أناسٍ - في - بجاد مزَّمل
كأن ذرى رأس المجيمر غدوةً
= من السيلِ والغثاء فلكة مغزَل
وتيماء نجد هي البعائث بلد ولد سليم من قبيلة حرب لأمرائهم اّل مطلق التابعة لمنطقة حائل حاليا وهي بنفس الاتجاه شمالا وتبعد قليلا عن المنطقة التي حددها لم يترك فيها المطر من شدته وقوة سيله نخلة إلا اقتلعها من جذورها ولا أطما أي حصنا أو قصرا إلا ما بني بحجر أما ما شيد من الطين فقد أتى عليه هذا المطر الشديد وكأن جبل أبان وهما جبلين معروفين إلى اليوم بهذا الاسم أحدهما أحمر ويسمى أبان الأحمر والأخر أسود ويسمى أبان الأسمر يقول : كأن أحدهما يرى من خلال الودق وهو حبات المطر الكبيرة يقول كأن منظر أبان من خلاله كبير أناس في بجاد مزمل أي رجلا كبيرا في السن التحف بجادا أي غطاءا مخطط أبيض من شدة البرد كما وأن رأس رجم المجيمر من السيل والزبد المتكون من المياه التي تحيط به فلكة مغزل أي رأس المغزل ( وهو أداة يغزل بها الصوف ) ثم يمضي في تصويره فيقول :-
كأنَّ سباعاً فيه غرقى غُديةً
= بأرجائِهِ القصوى أنابيشُ عنصلِ
يقول عشية انتهاء هذا السيل وتوقف الوديان تجد جثث السباع أو الذئاب التي فاجأها وهي بالأودية فأغرقها ملطخة بالوحل حتى لكأنها أنابيش عنصل وهو نبت يشبه البصل ينبشون عنه التراب فيخرج ممرغا بالطين ويعرف اليوم لدى البادية بالعناصل ثم يختم صورته هذه البديعة برسم تأثير اكتمال نبات العشب الذي نتج عن هذه الامطار والسيول التي تحدث عنها فيقول :-
وألقى بصحراء الغبيط بعاعه
= نزول اليماني ذي العياب المحمل
أي أنه القى نتاجه وهو العشب المنوع الجميل بصحراء الغبيط وهي بلاشك ضمن المنطقة التي حددها لجمال هذا العشب وتعدد ألوانه وأزهاره وأوراقه كأنه القماش الذي يأتي به باعة القماش الذين كانوا يطوفون بأقمشتهم في صرة يحملونها فاذا جاؤ الى مساكن البدو أخرجو قماشها ونشروه على الأرض لتتمكن النساء من رؤيته واختيار ما يناسبهن منه وهو من اليمن ومن حضرموت بالتحديد والعياب جمع عيبة وهي كيس من جلد الحيوان يخزن فيه البدو حاجياتهم ويحمل على ظهور الإبل وقد يخزن فيه التمر لطعامهم وهل ترى أيها القاريء الحبيب صورا أبلغ وأجمل من تلك تمعن وأنت الحكم ولا شك أن امرأ القيس صاحب ملكة شعرية فذة كيف لا وقد عده النقاد والأدباء بل والشعراء أنه " من أشعر الشعراء في الجاهلية " ومن المقدمين في طبقة الشعراء الأولى وقالوا : إن امرأ القيس صاحب النصيب الأوفر في الشعر لأن الشعر في تعبيرهم كان جملاً فنحر فأخذ امرؤ القيس رأسه ومن لطيف شعره أنه وهو عائدٌ من عند قيصر الروم وقد أشتد به المرض وأسرع السم في جسده رأى قبر امرأةً من بنات الملوك في سفح جبلٍ يقال له " عسيب " فسأل عنها فأخبر بقصتها فقال :-
أجارتنا إنّ الخطوبَ تنوبُ
= وإني مقيمٌ ما أقامَ عسيبُ
أجارتنا إنّا غريبانِ هاهنا
= وكلُ غريبٍ للغريبِ نسيبُ
فكان هذا آخر شيء تكلم به ثم مات فدفن إلى جانب المرأة
هههههههههههههههههههههه
طبعاً منقول
من غير مقول
|