هل يفارق الروح القدس الإنسان ساعة الخطية ويعود إليه في التوبة ؟ بقلم القديس مار فيلوكسينوس
تحت عنوان لا تطفئوا الروح
إن الروح القدس الذي أخذناه من الله هو حياة النفس ، لهذا السبب أعطى للرسل ومنهم لنا جميعاً بالنفخة . وصار بالنسبة للكل مثل النفس لأننا لبسنا الروح لكي يصبح بالنسبة لنا مثل علاقة النفس بالجسد . والروح الذي أخذه آدم بالنفخة من الله كما هو مكتوب " ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفساً حية " ( تك 2 : 7 ) . وفي العهد الجديد أيضاً مكتوب : " نفخ يسوع في وجوه تلاميذه وقال لهم أقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتموها عليه أُمسكت " ( يو 20 : 22 و 23 ) ، فكيف يهرب الروح أمام الخطايا وهو الذي قال عنه الرب أنه يغفر الخطايا ؟ لذلك ليس من الصواب أن نتكلم عن الروح كهارب منا بسبب خطايانا ، بل بالحري إن الخطية هي التي تهرب من حضور الروح . لأن الظلمة لا تدحر النور ، وإنما النور هو الذي يُشتت الظلمة . وهكذا ليس هو النور الذي يهرب أمام الخطية ، وإنما الخطية هي التي تهرب من حضور الروح .
وهكذا إذا كان الروح الذي هو حياة نفسنا ، وهو لذلك أعطى لنا بالنفخة مثل الحياة التي أُعطيت لآدم الأول بواسطة النفخة ، فمن الواضح أنه إذا فارقنا فإن نفوسنا تموت فوراً كما يموت الجسد فور خروج النفس الذي تسكنه . وإذا مات الجسد بانفصال النفس عنه ، فليس هناك حاجة للدواء لأنه يكون غير قابل للشفاء . فالعين لا يُمكن أن تُشفى ، ولا الرجل المكسورة تفيدها الجبيرة ، ولا اليد العاجزة تتشدد قدرتها على الحركة ، ويعجز أي عضو فيه عن نوال الشفاء إذا أصابه جرح ، لأن الجسد قد حُرم من الحياة التي تجعله قادراً على إقتبال الشفاء ، هكذا يحدث للنفس إذا فارقها الروح القدس ، إذ تُصبح مثل الجثة الميتة غير قادرة على نوال الشفاء من أي خطية حيث لا توجد في النفس قوة حياة الروح القدس . وكيف يُمكن استخدام الأربطة والأدوية في شيء فقد قوة الحياة والحركة ؟ هل رأيتم قط طبيباً يُعالج جثة ميتة ؟ كذلك النفس لا تكون لها فرصة للشفاء ، وتكون غير قادرة على صنع توبة عن خطاياها ، إذا فارقتها حياة الروح القدس التي نالتها في المعمودية .
قبل المعمودية نحن نُدعى " الإنسان العتيق " ، ولكن بعد المعمودية فنحن " الإنسان الجديد " . فالروح القدس هو حياة دائمة للإنسان الجديد ، ليس فقط في أثناء هذه الحياة الجسدية ، ولكنه أيضاً يبقى فيه بعد الموت .
- يتبــــــــــــــــــع -