وَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ أَنَّ يُوحَنَّا أُسْلِمَ، انْصَرَفَ إِلَى الْجَلِيلِ. وَتَرَكَ النَّاصِرَةَ وَأَتَى فَسَكَنَ فِي كَفْرَنَاحُومَ الَّتِي عِنْدَ الْبَحْرِ فِي تُخُومِ زَبُولُونَ وَنَفْتَالِيمَ،لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «أَرْضُ زَبُولُونَ، وَأَرْضُ نَفْتَالِيمَ، طَرِيقُ الْبَحْرِ، عَبْرُ الأُرْدُنِّ، جَلِيلُ الأُمَمِ. الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي ظُلْمَةٍ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا، وَالْجَالِسُونَ فِي كُورَةِ الْمَوْتِ وَظِلاَلِهِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ».
(متى 4 : 12 – 16)
وتقابلها الآية في.
(أش 9 : 1 ، 2)
1 ـ المسيح نور الظلمة الروحية :
قبل مجيء المسيح كانت البشرية الممثلة في الأمم ترزح في كورة ظلال الموت تحت برودة الظلمة الروحية وظلام العدم حتى أشرق فجر الميلاد على صوت بشرى الملائكية كقول النبي أشعياء:
ولكن لا يكون ظلام للتي عليها ضيق كما أهان الزمان الأول أرض زبولون وارض نفتالي يكرم الأخير طريق البحر عبر الأردن
جليل الأمم الشعب السالك في الظلمة أبضر نوراً عظيماً الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور
أكثرت الأمة عظمت لها الفرح ونحن نعلم جيداً أن هذه الآيات انطبقت على ميلاد الرب يسوع
2 ـ المسيح فرح البشرية :
المسيح جاء فرحاً سمائياً للبشرية فيه اختلطت أصوات المرنمين من بني البشر مع أصوت الملائكة بلا تفريق تشدهما معاً رؤويا واحدة وهي الحب الأبوي المطلق وفرحاً سمائياً لأنه قد جاء ملء الزمان لإتمام مقاصد الله لاسترداد الملك المغتصب وتحرير البشر المأسورين تحت سلطة إبليس.
3 ـ المسيح مصدر التعزية :
بميلاد المسيح سمع الإنسان لأول مره بعد خطيئة آدم صوتاً من السماء يعزي قلب الإنسان ويدعوه للسلام والسرور مبارك هذا اليوم لأنه يوم عزاء للبشرية إن القارئ للنبوات الأخيرة وخاصة بعد نبوة اشعياء يصدم من كثرة الويلات والأحزان والتهديدات التي تنبأ بها الأنبياء الواحد تلو الآخر على الأمم والشعوب وحي من جهه ...
وحي من جهه... وحي من جهه...
حتى يكاد قلب الإنسان ينخلع من فرط تهديدات السماء الغاضيه ولكن شكراً لله القادر على كل شيء الذي أنهى عهد الغضب وفتح صفحة جديدة نور إعلان للأمم ومجداً لشعبك
(لو 22 : 32)
وما أجمل أشعياء النبي وما أروع صوته المعزي وهو يقول عزوا عزوا شعبي
(أش 40 : 1)
وهذا هو اليوم الذي صنعه الرب نبتهج ونفرح فيه (مز 118 : 24)
لأنه يوم خلاص مجاني ويوم فداء من لدن الله الآب.
4 ـ المسيح معطي الحياة الابدية :
ميلاد الرب يسوع هو اليوم الذي نبدأ به سنتنا سنه الرب المقبولة لا بل نبدأ به حياتنا مع الله وخلاصنا الأبدي هي حياة يسميها الكتاب حياة أخرى لها سمات روحية لا تخضع لمؤثرات هذا الزمان ولا تستمد سعادتها من الجسد انفضوا هذا الهيكل وأنا أقيمه في ثلاثة أيام
(يو 2 : 19)
وإن كانت الحياة التي عاشها الرب يسوع على الأرض وهي حياة الجسد وكان لها كل السمات الجسدية وخضعت لكل المؤثرات الزمانيه إلا أنه بالقيامة ثبت أنها كانت حقاً ليست من الجسد ولا بالجسد بل حياة الهية أظهرت في الجسد فإن الحياة قد أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا
(1 يو 1 : 2).
وعلي نفس النمط نحن نبدأ حياتنا الإلهيه التي هي الحياة الحقيقية والأبدية بالميلاد الثاني عندما نأخذ روح المسيح أي روح الإبن الروح القدس روح الآب المنبثق من الآب في الإبن به نولد من جديد وهكذا تبدأ الحياة الأبدية تتحرك في أحشائنا فنبتدئ نعيش مع المسيح في الله حياة أبدية تتخطى كل مؤثرات الزمان
وتتجاوز كل عيوب ونقائض الجسد.