الرسالة الثانية
للقديس الحامل الإله أبانا الأنبا آمون عن
فلاحة النعمة والمعونة الإلهية
إلى أحبائي في الرب ، سلاماً
إذا أحب أحد الرب من كل قلبه وبكل روحه وبكل قوته فإنه يثبت في خوفٍ ، والخوف يلد فيه النوح ، والنوح يلد الفرح ، والفرح يلد القدرة ، ومن خلال هذا تُثمر النفس في كافة الأمور . وعندما يرى الله مدى جمال ثمرها فإنه يقبلها إليه كرائحة طيبة ، ويغتبط بهذه ( النفس ) في كل حين مع ملائكته ، ومن ثم يهبها حارساً ليحفظها في جميع سُبلها ولكي يقودها إلى موضع راحتها كي لا يقوى عليها الشيطان . ذلك أن إبليس عندما يرى الحارس وهو القوة المُحيطة بالنفس ، فإنه يهرب خائفاً من الاقتراب من ( مثل هذا ) الإنسان ، ويأخذ حذره من القوةالكامنةفيه . ومن هنا ، يا أحبائي في الرب ، ويا من تحبهم نفسي ، أعلم أنكم محبون لله , ولذلك عليكم أن تمتلكوا في أعماقكم هذه القوة لكي يهابكم الشيطان ، ولكي تصبحوا حكماء في كل ( أعمالكم ) ولكي تزيدكم حلاوة النعمة السابقة من ثمرها ، لأن حلاوة النعمة الروحية أشهى من العسل والشهد ، وكثيرون من الرهبان والعذارى لم يعرفوا مدى عظمة حلاوة النعمة هذه فيما عدا قليلين في أماكن متفرقة .
حيث أنهم لم يحصلوا على العون الإلهي وما لم يعمل البعض في أمكان ( مختلفة ) على فلاحة هذه القوة والعناية بها ، فأن الرب لن يمنحها لهم ، لأن الله يعطيها للذين يعملون في فلاحة هذه القوة ، ذلك لأنه ليس محابياً للأشخاص ولا متحيزاً لهم ، بل يهبها لأولئك الذين يفلحونها ويرعونها من جيل إلى جيل .
والآن ، يا أحبائي ، أعلم أنكم أحباء الله . وحيث إنكم تقومون بهذا العمل فإنكم (بهذا) تحبون الله من كل قلبكم . وبناءً على هذا فإنني أنا أيضاً قد أحببتكم من كل قلبي بسبب استقامة قلوبكم . وعلى ذلك اكتسبوا لأنفسكم هذه القوة الإلهية لكي تمضوا كل أوقاتكم في حرية , ولكي يغدو عمل الله سهلاً معكم . فهذه القوة الممنوحة للإنسان هاهنا ( من شانها ) أن تقوده من جديد إلى تلك الراحة إلى أن يعبر كل سلطان للهواء . ذلك أن القوة الكامنة في الهواء تعوق الناس ولا تسمح لهم بالوصول إلى الله ، لذا دعونا الآن أن نُناشد الله بلجاجة حتى لا تمنعنا ( هذه القوى ) من الصعود إليه . وطالما حظى الصديقون بمثل هذه القوة الإلهية فليس بوسع أي شخص أن يقف في طريقهم أو يمنعهم . هذه هي فلاحة ( النعمة ) إلى أن تسكن القوة نفس الإنسان ، فتحث الإنسان على ازدراء كافة إهانات البشر ( الآخرين ) وكافة صنوف تكريمهم أيضاً .
[ ولذلك فإن النعمة الإلهية عندما تسكن في الإنسان فإنها تجعله يحتقر كل إهانات الناس ( له ) وتكريمهم أيضاً ، وتجعله يزهد في ضروريات هذا العالم ، ويرفض راحة الجسد ، ويطهر قلبه من كل فكر نجس ، ومن كل حكمة هذا العالم التافهة ] ، وأن يدعو ( الله متوسلاً ) بصيامه ودموعه أثناء الليل والنهار ، ولن يتوانى الله المتحنن عن منحكم إياها . وعندما يمنحها لكم فإنكم سوف تمضون سنوات عمركم في راحة ويُسر وسوف تجدون طلاقة كبيرة في الحديث في حضرة الله ، ولسوف يُحقق لكم حينئذ كافة مطالبكم ، وفقاً لما هو مكتوب . ولكن إذا ما تخلى عنكم اللهيب الإلهي وانحسر عنكم بعد حصولكم عليه ، فإن لكم أن تبحثا عنه مرة أخرى وهو سوف يأتي إليكم ، لأن اللهيب الإلهي مثل نار وهو يغير من الفتور بقدرته الذاتية ، فإذا رأيتم قلبكم مُثقلاً ( بالهموم ) في أي ساعة ، فأتوا بأنفسكم لتجلس في مواجهتكم ولتختبروها بسريرة ورعه وإيمان ، وهكذا فأن الاشتياق إلى الله سوف يعود إليكم مرة أخرى ويضطرم كالنار ...
رسالة القديس آمون – ترجمة الدكتور جرجس بشرى
عن مجلة مدرسة الإسكندرية – السنة الثانية – العدد الأول
يناير – إبريل 2010 [ من ص 20 إلى ص 22 ]