يدفن الماضي في مقبرة الزمن حيث لا امكانيه للرجوع, لكن علاقته وثيقه بحاضرنا, وبالتالي بمستقبلنا. فهو حجاره اساساته, ودعامه بنائه, ونقطة ارتكازه. لكن لماذا ترانا نبحث منقبين ومتسائلين: اين الماضي؟ واي ماض؟ ماضي البهجه الدائمه والسلام العميق.. ماض الصمود الجبار ضد ما يخالف كلمة الله وارادته.. ماضي العلاقه القويه والشركه الطيبه مع الرب.
نعم لقد بنينا انذاك امالا مفرحه, ومنيننا النفس بمستقبل باهر, اذ علينا الانتقال من قوة الى قوه ومن نصره الى نصره. واذا بنا في حاضر كنا نخشاه, ونرتعد من تصور عيشه. حاضر يعاكس الماضي, ببؤسه ومرارته, بقحله وبرودته, وكانه يكاد ينسينا ما تذوقناه وما تمتعنا به.
ماذا جرى؟ فمعتقداتنا ما زالت سليمه, وخدمتنا مستمره, ونحن لم نزل اعضاء كنائس محليه.
ماذا حدث؟
هل سمحنا لنفوسنا الان بقبول ما رفضناه سابقا بعنف وشده؟ هل شخصياتنا اليوم تتنكر لتلك بالامس؟
هل ما قاومناه في نفوسنا بفرح انذاك نقاومه الان بانزعاج وتململ؟
اين الماضي؟ الماضي الذي فضلنا فيه خدمة الرب على الراحه والنزهات, الذي احببنا فيه الصلاه والشركه مع الرب بدلا من قتل الوقت بالتسليات غير البناءه. اين هو ماضي الحياه الملتهبه والخدمه الناريه القائمه على التضحيه والجهاد برغبه وفرح؟ اين الماضي الذي كنا نسعى فيه للملىء الدائم بالروح القدس عوضا عن سعينا اليوم للشبع من خرنوب العالم؟
اخي, اين اكتسابات السنين من معرفه, واختبار, ونضج؟ هل ترضى بحاضر ادنى من ماضيك؟ فماذا للمستقبل اذا؟
لندع المبررات جانبا ولنواجه الحقيقه, حاكمين على نفوسنا قبل ان يحكم علينا. فان مطاليب الله للبركه لم ولم تتغير, وطريق البركه معبد بالجهاد والتضحيه, فان كنا نعيش حياة الراحه واللامبالاه, فستبقى نيران ذكريات الماضي الوهاجه, تشعل من وقت لاخر ضمائرنا المسحيه, لكي نثور على الحاضر المظلم الذي نعيشه.
لنقف هنيهه ولنقارن حاضرنا بماضينا, ونسع للزرع المبارك لكي يكون مستقبلنا حصادا مجيدا.
ولنتذكر دائما بان خطة الله لنا, هي حياة النمو المستمر, من حسن الى احسن ومن جيد الى افضل, اي ان نكون صادقين في المحبه ننمو في كل شيء الى ذاك الذي هو الراس المسيح. وكما كتب بولس الرسول الى كنيسة فيليبي قائلا: "ولكني افعل شيئا واحدا, اذ انا انسى ما هو وراء وامتد الى ما هو قدام".