دراسة في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
الذبيحة טֶבַח – ط ب ح ؛ θυσίας σΦάζω
Sacrifice 166 – Sacrifices 142 – Sacrificing 12
20
3 - يسوع يقدم نفسه ذبيـــــــــحة
[ب] يسوع المسيح حمل الله
للرجوع للجزء السابق أضغط : هنـــــــــــــــا
ب – يسوع المسيح حمل الله :
في العهد القديم قدم إبراهيم ذبيحة لله كبشاً عوضاً عن ابنه اسحق : " فناداه ملاك الرب من السماء وقال : إبراهيم إبراهيم : فقال هاأنذا فقال لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئاً ، لأني الآن علمت أنك خائف الله فلم تُمسك ابنك وحيدك عني ، فرفع إبراهيم عينيه ونظر : وإذا كبش وراءه مُمسكاً في الغابة بقرنيه ، فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضاً عن ابنه " ( تكوين22: 11 – 13 )
أما في العهد الجديد فيسوع هو نفسه الحمل الذي رفع خطية العالم بتقدمة ذاته على الصليب بإرادته وسلطانه ، كما يصفه إنجيل يوحنا : " ها هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم " ( يوحنا 1: 29 )
وقد مات يسوع في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الجمعة السابق لعيد الفصح ، وهي الساعة التي كانت تُذبح فيها أمام الهيكل بأورشليم ، الحملان الفصحية ، ويؤكد إنجيل يوحنا هذا الشبه بين يسوع والحمل الفصحي ، عندما يُشير إلى أن يسوع وهو على الصليب لم يُكسر له عظم على مثال الحمل الفصحي :
+ " ثم إذ كان استعداد ، فلكي لا تبقى الأجساد على الصليب في السبت ، لأن يوم ذلك السبت كان عظيماً ، سأل اليهود بيلاطس أن يُكسر سيقانهم ويُرفعوا ، فأتى العسكر وكسروا ساقي الأول والآخر المصلوب معهُ وأما يسوع فلما جاءوا إليه لم يكسروا ساقيه لأنهم رأوه قد مات ... والذي عاين شهد وشهادته حق ، وهو يعلم أنهُ يقول الحق لتؤمنوا أنتم ، لأن هذا لكي يتم الكتاب القائل عظم لا يُكسر منه " ( يوحنا 19: 31 – 36 )
+ " وقال الرب لموسى وهارون : هذه فريضة الفصح ... في بيت واحد يؤكل ، لا تخرج من اللحم من البيت إلى خارج وعظماً لا تكسروا منه " ( خروج 12: 43و 46 )
+ " يحفظ جميع عظامه . واحده منها لا ينكسر " ( مزمور 34: 20 )
لقد افتدانا يسوع من الخطية مظهراً أن العبادة الحقيقية ليست تقدمة ذبائح الحيوانات ، بل تقدمة الذات في سر الموت والقيامة مع المسيح لتتميم إرادة الله في البرّ والقداسة . وهذا ما يشرحه القديس بولس الرسول بقوله : " لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع ، قد أعتقني ( حررني ) من ناموس الخطية والموت ، لأنه ما كان الناموس عاجزاً عنه فيما كان ضعيفاً بالجسد [ ما لم يستطعه الناموس لعجزة بسبب الجسد ] فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ، ولأجل الخطية دان الخطية [ قضى على الخطية ] في الجسد ، لكي يتم حكم ( برّ ) الناموس فينا " ( رومية 8: 2 – 4 )
ولنفهم كلمات القديس بولس الرسول على ضوء النبوات التي تشرح سر عمل الله في قلوبنا بناموس روح الحياة في المسيح يسوع :
+ " هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل سيقولون بعد هذه الكلمة في أرض يهوذا و في مدنها عندما أرد سبيهم يباركك الرب يا مسكن البر يا أيها الجبل المقدس ... لأني أرويتُ النفس المُعيية وملأت كل نفس ذائبة ... ها أيام تأتي يقول الرب وأقطع مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا عهداً جديداً . ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم يوم أمسكتهم بيدهم لأخرجهم من أرض مصر حين نقضوا عهدي فرفضتهم يقول الرب . بل هذا هو العهد الذي أقطعهُ مع بيت إسرائيل بعد تلك الأيام يقول الرب . أجعل شريعتي في داخلهم واكتبها على قلوبهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً . ولا يُعلمون بعد كل واحد صاحبه وكل واحد أخاه قائلين : اعرفوا الرب ، لأنهم سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم يقول الرب . لأني أصفح عن أثمهم ولا أذكر خطيتهم بعد [ وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابته فيكم ، ولا حاجة بكم إلى أن يُعلمكم أحد ، بل كما تُعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء ، وهي حق وليست كذباً . كما علمتكم تثبتون فيه ( 1بطرس 2: 27 ) ] " ( أرميا 31: 23 ، 25 ، 27 – 34 )
+ " وأرش عليكم ماءً طاهراً فتطهرون من كل نجاساتكم ومن كل أصنامكم أطهركم . وأعطيكم قلباً جديداً واجعل روحي في داخلكم [ لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع ، قد أعتقني ( حررني ) من ناموس الخطية والموت ] وأجعلكم تسلكون في فرائضي وتحفظون أحكامي وتعملون بها ... وتكونون لي شعباً وأنا أكون لكم إلهاً . وأخلصكم من كل نجاساتكم " ( حزقيال 36: 25 – 29 )
+ " هكذا قال السيد الرب : هانذا أفتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي وآتي بكم إلى أرض إسرائيل [ و أقامنا معه و أجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع (أفسس 2 : 6) ]. فتعلمون إني أنا الرب عند فتحي قبوركم وإصعادي إياكم من قبوركم يا شعبي . واجعل روحي فيكم فتحيون ، وأجعلكم في أرضكم فتعلمون أني أنا الرب تكلمت وأفعل يقول الرب " ( حزقيال 37: 12 – 14 )
ومن خلال هذه النبوات وكلمات القديس بولس يتضح لنا أنه إذا تجدد الإنسان داخلياً بسر عمل الله في المسيح يسوع وتحوَّل بروح الله الذي يرسله الآب لنا باسم يسوع ليسكن ويحل فينا [ واجعل روحي فيكم فتحيون - و أما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء و يذكركم بكل ما قلته لكم (يو 14 : 26) ] ، يستطيع بسهولة ومحبة أن يطيع مشيئة الله ، فهي لم تعد إكراها وغصباً ، لأنها لا تُفرض عليه من الخارج ، بل صارت الشريعة ، شريعة روح الحياة المحفورة بنور الله في القلب من الداخل ، لتناسب الحياة الجديدة التي أخذناها بولادتنا الجديدة من فوق ...
فالمسيح يسوع له المجد ، اتخذ على وجه تام مصير وضعنا الخاطئ ، بدون أن يكون هو خاطئ لأنه بار ، وببره يبرر الكثيرين : " لأنه جعل الذي لم يعرف خطية ، خطية لأجلنا ، لنصير نحن برّ الله فيه " ( 2كورنثوس 5: 21) ، " الذي حَمَلَ هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة ، لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبرّ . الذي بجلدته شُفيتم " ( 1 بطرس 2: 24 ) ، " وتعلمون أن ذاك أُظهر لكي يرفع خطايانا " ( 1يوحنا 3: 5 ) ، " المسيح افتدانا من لعنة الناموس ، إذ صار لعنة لأجلنا . لأنه مكتوب : " ملعون كل من عُلق على خشبة " ، لتصير بركة إبراهيم للأمم في المسيح يسوع . لننال بالإيمان موعد الروح " ( غلاطية 3: 13 – 14 )
فقد صار الرب يسوع نفسه ذبيحة كفارة ، وهنا تحقق كمال فعل الذبيحة القديمة في المسيح يسوع ، فأُبطلت كل الذبائح وانتهت تماماً لأن المسيح نفسه وبذاته أي بشخصه الإلهي هو الذبيحة الحقيقية ، والذي بموته حكم على الخطية في الجسد وقضى على فعلها وأفرغها من سلطانها وأبطل الموت الذي هو حكمها كنتيجة طبيعية ملازمة لها ...
ففي ذبيحة الخطية في العهد القديم ، يكشف موت الضحية المقدمة عوض الخاطي ، عن الحكم الملازم للخطية ، لأن الخطية خاطئة جداً ومن يفعلها يموت ، لأن نتاجها الموت ، أما في المسيح يسوع ، يتم إماتة الخطية في الجسد ، ليميت الجسد التي تعمل فيه الخطية ، وبالتالي يفرغها من سلطانها إذ يصنع بحياته إنسان جديد فوقاني بجسد جديد لا يتعامل مع الخطية ، فلا يعود لها سلطان لأنها ميتة والإنسان المؤمن في المسيح ميتة بالنسبة له ، فلا يتعامل معها مرة أخرى لأن لا سلطان لها عليه ، حتى لو ضعف وسقط ، بل يقوم فوراً لأن الموت أُبتُلع لحياة ، ومن المستحيل أن يسود موت على حياة !!!