بسم الآب والإبن والروح القدس
يحدثنا رب المجد فى بشارة الإنجيل لمعلمنا مار متى البشير فى الإصحاح الخامس عن التطويبات وأولى هذه التطويبات فى العدد 3 :
( طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السموات )
إذن فمن هو المسكين بالروح ؟
عندما نتحدث عن أغنياء هذه الدنيا المحدودة نقول: ( كم عند زيد من البنايات وكم عنده من المصانع .. فلان كم عنده من الأملاك .. فلان ذو أموال كثيرة ) . نقول هذا منذهلين بالرغم من معرفتنا التامة بأن كل هذه الأشياء ينسلخ منها الإنسان ويتركها بموته.
أما المسكين بالروح فيبلغ ملكوت السماوات ويشاهد مجد الله ومنه لا يتفرغ . ويقول الفلاسفة ( إن الأرض وما فيها لا توازى جزءاً من السموات ) .
لذلك أقدم لكم هذا الموضوع لكى نعرف من هو ذلك المسكين بالروح والسعيد الذي له ملكوت السماوات .
* فالمسكين بالروح : هو المتواضع برأيه والذي يدافع عن هذا التواضع دون تعصب أعمى ويتوكل على الرب التوكل الروحى
* المسكين بالروح : هو الذي يطرح عنه كل الاهتمامات الدنيوية والكبرياء فيعيش زمانه هادئاً .
* المسكين بالروح : هو الذي يشاء أن يخلص الكل ويقبلوا إلى المعرفة . وهو الذي لا يتعظم بأرائه .
* المسكين بالروح : هو الذى تلطمه على خده الأيمن فيحول لك الأيسر لا خوفاً منك بل حباً بخلاصك وطوعاً لوصايا السيد .. وهو الذي يصنع السلامة أمام الله والناس بقلب نقى فيشاهد إذاً الله في كل حين .. وهو الوديع والمتواضع القلب الذي يمزقه الحزن عندما يجد الناس يهملون كلام الله .
* المسكين بالروح : هو الذي يجوع ويعطش إلى البر يحب المعرفة وينشدها دائماً.. وهو الذي يغتبط أو يكون مسروراً عندما يضطهد من أجل تعاليمه المستقاة من الإنجيل .. وهو الذى يحب وصايا الله .
* المسكين بالروح : هو ليس من يشاء أن يرحم فقط بل الذي يعمل الرحمة روحياً وجسدياً كلما وجد إلى ذلك سبيلاً .. وهو الذي تراه دائماً مشغولاً بتلك الرحمة .
* المسكين بالروح : هو ليس ذلك الذى لا يقتل بل الذى لا يشاء أن يقتل ولا يشاء أن يغضب ولا أن يحقد ولا أن يلعن ولا يشتهي الضرر لأحد وعندما يصطدم بأمواج التجربة لا يعثر بل يثبت على قاعدة الإيمان والرجاء والمحبة ويرتقي على درجة الكمال.
* المسكين بالروح : هو الذي يعترف بأن الله خلق جميع الشعوب الساكنين على وجه الأرض سواسية ويعترف بأن الله لا يميز الواحد عن الآخر إلا إذا امتلك ثلاثة أشياء : الإيمان بالله والعمل المرضى لله والعقل الذى تنتج عنه قوة المعرفة بتفسير كلمة الله وتعليمها .
* المسكين بالروح : هو الذي لم يسلك فى مشورة الأشرار وفي طريق الخطأة لم يقف وفي مجلس المستهزئين لم يجلس . لكن في ناموس الرب مسرته، وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلاً . وقد قال عنه أبينا داود النبى والملك في المزمور الأول:
( إنه يكون كشجرة مغروسة عند مجارى المياه التي تعطي ثمرها في حينه وورقها لا ينتثر وكل ما يصنع ينجح فيه )
++ نطلب من إلهنا القدوس له كل المجد أن يهبنا الحكمة والتواضع والمحبة وإنكار الذات ولنتجرد من كل ماهو زائل لنحيا هذه الحياة المباركة ناظرين فقط لشخصه المبارك دون سواه مهما كانت مغريات العالم . فالعالم كله يزول وشهوته معه وأما من يعمل إرادة الله فهذا يثبت إلى الأبد .
وأشكركم أخوتى الأفاضل على سعة صدركم ..
لإلهنا كل المجد والإكرام والعزة والسلطان والسجود إلى الأبد آمين