الارشاد الروحى

خداع الخطية وحرق قوى النفس – التجارب والشرور

خداع الخطية وحرق قوى النفس

خداع الخطية وحرق قوى النفس - التجارب والشرورإذا حمل إنسان جمرة نار في يده فهو حتماً سيحترق، ولكنه إذا ألقى الجمرة المُشتعلة، فهو ينفض عنه ما كان يحرقه فينقذ نفسه من الحريق، وأن ظن أحد أنه يقدر أن يحمل جمر نار ولا يحترق، فهو قد فقد الحس، لأن النار أن أحرقت المناطق الحسية فإن الإنسان يفقد الحس وتظل تأكل فيه دون أن يدري لأنه لا يشعر بلهيبها، والكتاب المقدس يقول : ” أيأخذ إنساناً ناراً في حجرة ولا تحترق ثيابه ؟ ” ( أمثال 6: 27 )

خداع الخطية المُزيف:
” لا يقل أحد إذا جُرب إني أُجرب من قِبَل الله. لأن الله غير مجرب بالشرور، وهو لا يُجرب أحداً. ولكن كل واحد يُجرب إذا انجذب وانخدع من شهوته. ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطية والخطية إذا كملت تنتج موتاً ” ( يعقوب 1: 13 – 14 )؛ ” القلب أخدع من كل شيء وهو نجيس من يعرفه ” ( إر17: 9 )
الشرّ غريب عن طبيعة الله ولا يتعامل معه على الإطلاق تحت اي مبدأ أو حجة يراها الإنسان، ومستحيل أن يدفع أي أحد لارتكابه أو وضعه في حالة عثرة ليمتحن إيمانه، فالله لا يُجرب أحد بالشرور والخطايا على الإطلاق، ولا يضع طريق فيه شرّ أمام الإنسان، ومكتوب :
” لا تَقُلْ : الرب جعلني أحيد فإنه لا يعمل ما يُمقُتهُ
لا تَقُلْ : هو أضلني ؛ فإنه لا حاجة لهُ في الرجل الخاطئ
الرب يبغض كل قبيحة وليست محبوبة عند الذين يتقونه ” ( سيراخ 15: 11 – 13 )
فالإنسان تستهويه الشهوة وتُغريه، وهو الذي يتوافق معها برغبته وإرادته وحريته الكاملة وحده فقط دون تدخل الله لا من بعيد ولا من قريب، فالله لا يضع عراقيل أمام الإنسان أو فرصة للشهوة أو أي خطية !!! ” هو صنع الإنسان في البدء وتَركَهُ يستشير نفسه ( حالة حرية الاختيار ) ” ( سيراخ 15: 14 )؛ فالإنسان له مطلق الحرية في أن يُخطئ أو لا يُخطئ بدون أي تدخل خارجي أو إرغام من أحد، حتى عدو الخبر نفسه لا يستطيع أن يُجبر إنسان على فعل وارتكاب الشرّ بل يُغريه ويقدم له الشهوة لأنه يراها تتفق مع حالته، لأنه يدخل للإنسان من مدخل ميوله نحو الشهوة التي يحبها وتأُثر فيه، وكلما صار للإنسان خبرات في الشر كلما صارت أكثر تملكاً فيه وتسلطاً عليه، لأن زكرياتها ستتعبه جداً وتدخله في صراع، لذلك فكل خبرة في الشر تزداد تضع الإنسان تحت عبودية الخطية وتزله جداً وتصير أكثر تسلطاً عليه !!!

يقول القديس مقاريوس الكبير في عظة 15 :
[ هناك كثيرون، بالرغم من أن النعمة حاضرة معهم، فإنهم ينخدعون بالخطية بدون أن يلاحظوا. فإذا افترضنا أنهُ كان في أحد البيوت فتاة عذراء، وكان هناك شاب أيضاً، فيحتال الشاب عليها ويتملقها حتى ترضى وتوافقه على شهواته، فتسقط وتفقد عفتها، كذلك الحية المرعبة، حية الخطية فهي تحضر دائماً مع النفس، تُداعبها وتغريها، فإذا وافقت النفس ورضيت، فإن النفس غير الجسدانية تدخل في ارتباط مع الشرّ غير الجسداني الذي لذلك الروح الشرير. فالروح تدخل في ارتباط مع روح، والذي يرضى بإغواء الشرير، فإنه يزني في قلبه، إذ يكون قد قبل ورضي بإيحاءات الروح الخبيث.
فهذه هي إذن درجة جهادك، أن لا ترتكب هذه الخطية في أفكارك، بل تقاومها بعقلك، وتحارب وتجاهد في الداخل، ولا تذعن لفكرك الشرير، ولا تُعطي مكاناً في أفكارك للتلذذ بما هو خاطئ، فإذا وجد الرب فيك هذا الميل والاستعداد فهو بلا شك يأخذك إليه في ملكوته في اليوم الأخير ]

الخطية ليست عدو يحاربنا من الخارج بل هي جرثومة القصد السيئ تنبت في داخلنا، وباختيارنا نحيد عن طريق التفكير السوي السليم: (( طرحت عني ناموسك برأيي – أنا الذي سقطت )) ( القداس الأغريغوري )

وغلبة الخطية ليست صعبة لأن النعمة حاضرة مع الإنسان الذي قدم نفسه لله في سرّ الخلاص العظيم بالإيمان والمحبة، والروح القدس الساكن فينا يعطينا قوة الغلبة أن أخضعنا أنفسنا بالطاعة إليه ومن القلب طلبنا قوته أن تحل فينا للغلبة والنصرة لكي ما نعاين الرب ونعيش في حياة القداسة لنؤهل لسكناه وحضوره الدائم معنا …

وكل جهادنا يا أحبائي أن نحسب أنفسنا أمواتاً عن الخطايا ونحيا بالبرّ الذي أعطاه لنا الرب بقيامته، كإنسان جديد يحيا لله بكل إخلاص وأمانة قلب للنفس الأخير: [ أحسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا ] (رو 6: 11)، وطبعاً الحساب هنا ليس حساب فكري ولا مجرد ظن ولا إيحاء نوحيه لأنفسنا مقتنعين عقلياً أننا أموات عن الخطية، ولكنه حساب خبرة نتذوقها بالحرية التي ننالها من الله في المسيح يسوع الرب بالروح القدس، لأننا في المسيح نستطيع كل شيء وبدونه كشخص حي في داخلنا لن نستطيع أن نقوى على الموت الذي هو ثمرة الخطية فينا، لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد لا كنظرية بل كخبرة وحياة، وكما هو مكتوب: [ وتعرفون الحق والحق يُحرركم ] (يو 8: 32)، [ فان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً ] (يو 8: 36)، [ لآن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت ] (رو 8: 2)، فلا تسكتوا يا إخوتي، ولا تدعوه يسكت أطلبوا النعمة ليلاً ونهاراً حتى تحل عليكم فتنالوا قوة حرية مجد أولاد الله، فلا يستطلط عليكم شيء ولا عادة بل تغلبوا بقوة الله وتتبدل زكريات الشر ويصبح لكم زكريات مقدسة في خبرة لقاء العريس السماوي الذي يسكن أوانيكم التي تتقدس بروحه القدوس الساكن فينا بدوام لأنه هو الذي يقودنا أن أصغينا إليه وتمسكنا به بطاعة الوصية التي يحرك بها قلوبنا…

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى