الارشاد الروحى

سمو دعوتنا وامتحان الإيمان – دعوة واختيار وتبني

المسيحية في حقيقة جوهرها اللاهوتي هي دعوة واختيار وتبني
+ هي دعوة سماوية: نداء خروج من أرض مذلة العبودية تحت سلطان الخطية والفساد لأجل الحياة [ أهرب لحياتك لا تنظر إلى ورائك ولا تقف في كل الدائرة، أهرب إلى الجبل لئلا تهلك ] (تكوين 19: 17)، فهي دعوة نجاة وحرية، حرية مجد أولاد الله تحت سلطان ناموس عهد الحرية، ناموس المسيح الذي يعتق من ناموس الخطية والموت [ لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت ] (رومية 8: 2)…
هي دعوة للعتق مُقدمه للإنسان الساقط تحت مذلة عدو الخير، الحية القديمة، وناموس قهر عبودية الخطية والفساد تحت سلطان الموت [ ويعتق أولئك الذين خوفاً من الموت كانوا جميعا كل حياتهم تحت العبودية ] (عبرانيين 2: 15)

+ وهي اختيار الأشقياء: لأن الله لم يظهر في الجسد ليدعو أبراراً، بل خطاة إلى التوبة (لوقا 5: 32)، لأن الأصحاء لا يحتاجوا لطبيب بل المرضى (مرقس 2: 17)، فقد أتى ابن الله الحي واتخذ جسداً لأجل المزدرى والغير موجود وجهلاء العالم في البرّ وحياة التقوى، والفقراء والجائعين للبرّ والمتعطشين لماء الحياة، للمظلومين والجرحى في قلبهم بالخطايا والذنوب [ المُجري حُكماً للمظلومين، المُعطي خبزاً للجياع، الرب يطلق الأسرى ] (مزمور 146: 7)، [ طوبى للجياع والعطاش إلى البرّ لأنهم يشبعون ] (متى 5: 6)

+ وهي تبني في الابن الوحيد: ليصير الإنسان مولوداً من فوق ليصير ابناً لله بالتبني في الابن الوحيد …
[ فأجعلك أُمَّه عظيمة وأُباركك وأُعظم أسمك، وتكون بركة … وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض ] ( تكوين 12: 2 و3 )
[ أنا الرب قد دعوتك بالبرّ، فأُمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهداً للشعوب ونوراً للأمم، لتفتح عيون العُمي، لتُخرج من الحبس المأسورين، من بيت السجن الجالسين في الظلمة ] ( إشعياء 42: 6و7 )
[ فإن هذا ( أي المسيح ) قد حُسب أهلاً لمجد أكثر من موسى بمقدار ما لباني البيت من كرامة أكثر من البيت، لأن كل بيت يبنيه إنسانٍ ما، ولكن باني الكل هو الله. وموسى كان أميناً في كل بيته كخادم، شهادة للعتيد أن يُتكلَّم به. وأمَّا المسيح فكابن على بيته، وبيته نحن، إن تمسكنا بثقة الرجاء وافتخاره ثابتة إلى النهاية ] ( عبرانيين 3: 3-6 )

لذلك يا إخوتي أن لم نعي حقيقة دعوتنا واختيارنا ومقدار السمو والرفعة التي لنا كبنين، ونتشبث بها ونقيم فيها بتوبة القلب الصادقة مع إقرار العهد في المسيرة الروحانية مع الله بإيمان حي، فإننا سنفلت من دعوة الله المقدسة ونخرج عن إطار المجد العظيم الممنوح لنا في المسيح يسوع !!!
[ مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح. كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة. إذ سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته. لمدح مجد نعمته التي أنعم بها علينا في المحبوب. الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا حسب غنى نعمته. التي أجزلها لنا بكل حكمة وفطنة. إذ عرفنا بسر مشيئته حسب مسرته التي قصدها في نفسه. لتدبير ملء الازمنة ليجمع كل شيء في المسيح ما في السماوات وما على الأرض في ذاك الذي فيه أيضاً نلنا نصيباً مُعينين سابقاً حسب قصد الذي يعمل كل شيء حسب رأي مشيئته. لنكون لمدح مجده نحن الذين قد سبق رجاؤنا في المسيح. الذي فيه أيضاً أنتم إذ سمعتم كلمة الحق إنجيل خلاصكم الذي فيه أيضاً إذ آمنتم خُتمتم بروح الموعد القدوس الذي هو عربون ميراثنا لفداء المقتنى لمدح مجده ] (أفسس 1: 3 – 14)

فشعب الله الحقيقي [ فلستم إذاً بعد غرباء ونُزلاً، بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله ] (أفسس 2: 19)، يُعرف بإخلاصه وأمانته، كما هو مكتوب: [ يُقيمك الرب لنفسه شعباً مقدساً كما حلف لك إذا حفظت وصايا الرب إلهك وسلكت في طرقه ] (تثنية 28: 9)، [ أجاب يسوع وقال له: أن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً ] (يوحنا 14: 23)

فدعوتنا يا إخوتي سامية جداً وعظيمة للغاية، ولا تُقاس بأي شيء في العالم أو أي شيء نظنه ثميناً مهما ما كانت عظمته، لذلك ينبغي علينا اليوم أن نعيها بكل اتساعها الحلو والمبارك لنعيش – على مستوى الخبرة – كمسيحيين، لا كمجرد دين انتسبنا إليه، بل قوة حياة تسري في داخلنا ونكون نوراً لكل الأمم كما وضعنا ربنا يسوع لأنه أضاء على قلوبنا بإشراق الحياة بقيامته من الأموات: [ نور أشرق في الظلمة للمستقيمين، هو حنان ورحيم وصديق ] (مزمور 112: 4)، [ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ] (2كورنثوس 4: 6)، فنحن نحمل سماته في داخلنا لأننا [ مولودين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد ] (1بطرس 1: 23)، وينبغي أن نكون – على المستوى العملي المُعاش – الوجه المنظور لله الساكن فينا وهو غير منظور أمام الكل، لأنه جعلنا صورة مقدسة له بالخلق الجديد [ إذاً أن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً ] (2كورنثوس 5: 17)، فهل نحن صورته أمام العالم وكل الناس، أم من نحن اليوم !!!، لأنه ينبغي أن نكون منظراً للملائكة والناس من جهة انعكاس عمل الله ونوره في حياتنا الشخصية:
[ أنتم رسالتنا مكتوبة في قلوبنا معروفة ومقروءة من جميع الناس ] (2كورنثوس 3: 2)
[ أنتم نور العالم لا يُمكن أن تُخفى مدينة موضوعة على جبل ] (متى 5: 14)
[ ثم كلمهم يسوع أيضاً قائلاً: أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة ] (يوحنا 8: 12)، [ ما دمت في العالم فأنا نور العالم ] (يوحنا 9: 5)
[ أن قلنا أن لنا شركة معه وسلكنا في الظلمة نكذب ولسنا نعمل الحق، ولكن أن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية ] (1يوحنا 1: 6 و7)
ولنصغي بقلوبنا لما هو مكتوب لنعي الطريق الذي ينبغي أن نسلكه:
+ [ إني أنا الرب الذي أصعدكم من أرض مصر ليكون لكم إلهاً، فتكونون قديسين، لأني أنا قدوس ] (لاويين 11: 45 ؛ 19: 2)
+ [ لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك. إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له شعباً أَخَّص (خاص) من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض. ليس كونكم أكثر ( أو أفضل ) من سائر الشعوب التصق الرب بكم واختاركم. لأنكم أقل من سائر الشعوب، بل من محبة الرب إياكم وحفظه القسم الذي أقسم لآبائكم، أخرجكم الرب بيد شديدة وفداكم من بيت العبودية من يد فرعون ملك مصر ] (تثنية 26: 19)
+ [ أنتم أولاد للرب إلهكم، لا تخمشوا ( تخدشوا أو تجرحوا ) أجسادكم … لأنك شعب مقدس للرب إلهك، وقد اختارك الرب لكي تكون له شعباً خاصاً فوق جميع الشعوب الذين على وجه الأرض ] ( تثنية 14: 1و2؛ أنظر تثنية 26: 19)
ومعنى مقدس أي مفرز أو مميز: [ أنا الرب إلهكم الذي ميَّزكم من الشعوب ] (لاويين 20: 24)
[ ولا تسلكون في رسوم الشعوب الذين أنا طاردهم من أمامكم، لأنهم قد فعلوا كل هذه فكرهتهم … فلا تدنسوا نفوسكم … وتكونون لي قديسين، لأني قدوس أنا الرب. وقد ميَّزتكم من الشعوب لتكونوا لي ] (لاويين 20: 23 -26)
[ أهربوا من وسط بابل، وانجوا كل واحد بنفسه، لا تهلكوا بذنبها، لأن هذا زمان انتقام الرب وهو يؤدَّى لها جزاءها ] (إرميا 51: 6و45)
[ في ذلك اليوم رفعت لهم يدي لأخرجهم من أرض مصر… وقلت لهم: أطرحوا – كل إنسان منكم – أرجاس عينيه، ولا تتنجسوا بأصنام مصر، أنا الرب إلهكم ] (حزقيال 20: 6و7)

فيا إخوتي أحباء الله والقديسين، أن كانت هذه دعوتنا السامية والعظمى، فلنا أن نفحص أنفسنا ونعرف هل نحياها بكل مجدها أم أننا لا زلنا تحت قصور عدم الإدراك لسمو دعوتنا العظمى !!!
والرب يمتحن الإنسان ويكشف مداخله ومخارجه، ليكشف عن عورة حياته أمام نفسه، لأن الله يعرف الإنسان ولا يحتاج أن يعرف، بل لكي يكتشف كل واحد أين موضعه من الله، وهل هو يحيا بإخلاص أم أن قلبه غير مستقيم ولم يكن على مستوى الدعوة :
[ لأن الرب إلهكم يمتحنكم لكي يعلم (يُظهر) هل تحبون الرب إلهكم من كل قلوبكم ومن كل أنفسكم ] ( تثنية 13: 3)
[ جربني يا رب وامتحني، صف كليتي وقلبي ] (مزمور 26: 2)
[ اختبرني يا الله واعرف قلبي، امتحني واعرف افكاري، وانظر أن كان فيَّ طريق باطل واهدني طريقاً أبدياً ] (مزمور 139: 23)

من له أذنان مدربتان لتصغي لصوت الله بالروح فطوبى له حقاً
لأنه يسمع ويصغي ويتوب بقلبه ويعود لله ليُحييه فيتذوق حلاوة النعمة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى