الارشاد الروحى

لكل إنسان شكل خاص وهيئة تعبر عنه – إرشاد وتوجيه آبائي

ألسنا كلنا بشرّ – وكلٌ منا سيُعطي حساباً

لكل إنسان شكل خاص وهيئة تعبر عنه …
الجسد له ملامحه المختلفة من شخص لآخر، ولكل شخص هيئة يظهر بها في المجتمع، ولكل شخص زيه الخاص …
فيوجد إنسان يظهر مواطن عادي ليس له شهره أو معرفه أو شأن، ولا يعرفه أحد أو يأبه لأمره …
ويوجد إنسان يظهر كمدير أو رئيس أو مدرس أو وزير أو موظف أو كاهن أو أسقف أو راهب أو خادم … الخ …، ولهؤلاء شهره ومجد خاص مختلف لكل منهم فيس مكانه.

ولكن مهما تعددت الأشكال والوظائف والهيئة فكلنا ننجمع تحت مسمى واحد: [ إنسان ] …

كلنا بشرّ سنقف أمام الديان العادل الذي عيناه كلهيب نار تفحصان أستار الظلام، ولن ينفعنا أو يشفع فينا ثوب أبيض أو أسود أو منصب أو مديح الناس أو ذمهم، قبولهم لنا أو رفضهم، أو دراسة أو معرفة أو تفوق أو نجاح أو فشل … الخ …

وها هو صوت أب الرهبان ينادينا من القرن الرابع هذا اليوم حتى نستفيق من غفلتنا ونسعى سعي حقيقي لتوبتنا، ولا يصيبنا الغرور بمنصب أو ثوب أو شكل أو مديح الناس الكاذب أو الصادق أو طاعة كل من نأمرهم أو من لنا سلطان عليهم، لأن ستأتي ساعة وينحل السلطان ويسقط الشكل ونتعرى من الثوب الذي نحتمي فيه ويسقط كل مديح ونقف أمام الله وتنكشف كل خفيه قد أخفيناها عن قصد أو سهواً، ولنا أن نصغي – بكل اهتمام وتركيز – لهذا الصوت الصارخ في برية هذا الزمان حتى نرجع فنتوب بصدق القلب:

+ [ والآن يا أحبائي أتوسل إليكم باسم ربنا يسوع المسيح، ألاَّ تهملوا خلاصكم وألاَّ تحرمكم هذه الحياة السريعة الزوال من الحياة الأبدية. ولا يحرمكم هذا الجسد الفاسد من مملكة النور التي لا تحد ولا توصف، ولا هذا الكرسي الهالك أن ينزلكم عن كراسي محفل الملائكة.
حقاً يا أبنائي إن قلبي مندهش وروحي مرتعبة، لأننا أُعطينا الحرية أن نختار وأن نعمل أعمال القديسين، ولكننا قد سكرنا بالأهواء والشهوات – كالسكارى بالخمر – لأن كل واحد منا قد باع نفسه بمحض إرادته وقد صرنا مستعبدين باختيارنا، ونحن لا نريد أن نرفع عيوننا إلى السماء لنطلب مجد السماء، وعمل كل القديسين، ولا أن نسير في إثر خطواتهم . ] الرسالة الخامسة للقديس الأنبا أنطونيوس الكبير

+ [ حقاً أخبركم يا أبنائي أن هذا الإناء الذي نسكن فيه هو سبب لهلاكنا، وبيت مملوء بالحرب.
بالحقيقة يا أبنائي، أخبركم بأن الإنسان الذي يُسرّ بإرادته الذاتية ويُستعبد لأفكاره ويقبل الأشياء التي زُرعت في قلبه ويتلذذ بها، ويتصور في قلبه أن هذه الأفكار هي شيء عظيم ممتاز، ويُبرَّر نفسه بأعماله الظاهرة، فإن نفس هذا الإنسان تكون مأوى للأرواح الشريرة التي تعلّمه وتقوده إلى الشرّ، وجسده يمتلئ بنجاسات شريرة يخفيها في داخله: ويصير للشياطين سلطان عظيم على مثل هذا الإنسان. لأنه لم ينفر منهم ولم يخزهم أمام الناس ]

+ [ ولأن الشياطين يعرفون، أن إبليس سقط من السماء عن طريق الكبرياء، لهذا السبب أيضاً فإنهم يهاجمون أولاً، أولئك الذين بلغوا درجة عالية ( في الفضيلة )، محاولين – بواسطة الكبرياء والمجد الباطل – أن يحركوهم الواحد ضد الآخر. وهم يعرفون – إنهم بهذه الطريقة – يستطيعون أن يقطعوننا عن الله، لأنهم يعلمون أن من يحب أخاه يحب الله، ولهذا السبب فإن أعداء الصلاح يزرعون روح الانقسام في قلوبنا، لكي نمتلئ بعداوة وبغضة شديدة ضد بعضنا البعض، لدرجة أن الإنسان في هذه الحالة لا يستطيع أحياناً أن يرى أخاه أو يحدثه ولو من بعيد.

حقاً يا أبنائي، إني أريدكم أن تعرفوا أن كثيرين قد سلكوا طريق النسك طوال حياتهم، ولكن نقص التميّيز والإفراز تسبب في موتهم.
حقاً يا أبنائي، إنكم إن أهملتم نفوسكم، ولم تميّزوا أعمالكم وتمتحنوها فلا أظن أنه يكون أمراً عجيباً أن تسقطوا في يدي إبليس بينما أنتم تظنون أنكم قريبون من الله، وبينما أنتم تنتظرون النور تستولي عليكم الظلمة.
فأي احتياج كان ليسوع حتى يُمنطق نفسه بمنشفه ويغسل أرجل من هم أقل منه – إلا لكي يعطينا مثالاً – ولكي يعلّم أولئك الذين سيأتون ويتحولون إليه لينالوا منه الحياة من جديد ؟ ( يو13: 4 – 17 ) .

لأن بداية حركة الشرّ كانت هي الكبرياء التي حدثت أولاً: ولهذا فبدون أتضاع عظيم من كل القلب والعقل والروح والنفس والجسد، لن تستطيعوا أن ترثوا ملكوت الله.
…. فإن من يعرف خزيه، فإنه يسعى من جديد لطلب النعمة التي وُهبت له: والذي يعرف موته يعرف أيضاً حياته الأبدية .
إني أكلمكم يا أبنائي، كأناس حكماء: إني أخاف لئلا يستولى عليكم الجوع في الطريق، بينما كان المفروض أن نصير أغنياء ] الرسالة السادسة للقديس الأنبا أنطونيوس الكبير

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى