الارشاد الروحىالبنيان

استجابة الله لنا مرهونة بطلباتنا الخاصة وإيماننا الحي – الصلاة المستجابة

يا لعظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين، إذ يعمل فينا حسب عمل شدة قوته إذ يعطينا بحسب غنى مجده أن نتأيد بالقوة بروحه في الانسان الباطن، ويسكب علينا من غناه الفائق الذي لا يُحد، لأنه يُعطي الجميع بسخاء فيض النعمة وعطية البرّ، وإذ هو يُعطي أكثر كثيراً جداً مما نطلب أو نفتكر، لذلك يا إخوتي لأننا آمنا بالله الغني في المسيح يسوع ونعلم يقيناً أن لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا (كولوسي 1: 14)، لذلك نتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة، عوناً في حينه (عبرانيين 4: 16)، لأن خطايانا لم تعد حائلاً بيننا وبين الله إذ قدمنا عنها توبة والله أبانا في المسيح غسلنا وقدسنا وبررنا باسم الرب يسوع وبروحه الخاص (1كولوسي 6: 11)، وعلى مدى حياتنا نستمر نغسل ثيابنا ونبيضها (رؤيا 7: 14) في دم حمل الله رافع خطية العالم (يوحنا 1: 36)، لذلك حينما نُصلي يأتينا يقين أن الله يحبنا في المسيح يسوع وقد منحنا أن نطلب كنوزه الخاصة بالإيمان الذي هو عطية الله لنا…

انتبهوا يا إخوتي لكل التعبيرات التي أقولها، لأني لا أتكلم حسب إمكانيات البشر، ولا حسب ما نظن أو نفتكر من جهة عطايا الله لنا، لأن مشكلتنا جميعاً أن طلباتنا من الله محدودة حسب إمكانيات الجسد وحدوده، بل ولا نستطيع أن نرفع سقف مطالبنا لأنها عادة تنحصر معظم طلباتنا في الأرضيات، لأننا لم ندخل بعد في خبرة قيامة يسوع من الأموات، لأنه مكتوب: [ فأن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله ] (كولوسي 3: 1)
لكننا ننحصر دائماً في ضيق آفاق فكرنا الخاص، ولا نقدر أن نُعظِّم الطلبة ابداً، يا إما لأننا ننظر لضعفنا الخاص، أو نتطلع لله بضعف إيمان يكاد أن يسندنا، أو لا ندرك مدى غنى الله الفائق، أو لا نشعر أننا نتكلم مع الله العظيم الأبدي المتعجب منه بالمجد، لأن الإنسان عادة حينما يطلب شيئاً ينظر لإمكانيات من يسأله، فلو كان موظف يطلب طلبات صغيرة، أما أن كان ملك يعلي الطلبة أكثر بكثير جداً، لكن للأسف لا أحد يدرك عظمة مجد الله الفائق جداً، لذلك ينحصر في الطلب على مستوى الجسد، وحتى ان طمع في أن ينال طهارة أو قداسة من الله، فيا دوب طمعه يوصله أنه يعطيه قوة ليكُفْ عن الخطية، أو لمجرد أنه يشرح له قصده من كلمته !!!

وهذه هي المشكلة التي لا نعيها قط، وهو حدود إمكانيات طلبنا منه، فيا إخوتي ليتكم تدركوا عظمة مجد ميراثه الفائق لمختاريه: [ ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد، أشيدي بالترنم أيتها التي لم تمخض، لأن بني المستوحشة أكثر من بني ذات البعل (الزوج) قال الرب، أوسعي مكان خيمتك ولتُبسط شقق مساكنك، لا تمسكي، أطيلي أطنابك، وشددي أوتادك، لأنك تمتدين إلى اليمين وإلى اليسار، ويرث نسلك أمماً ويُعمر مُدناً خربة ] (إشعياء 54: 2)
فعلينا يا إخوتي أن نوسع مداركنا جداً لنعي ما لنا عند الله [ مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين ] (أفسس 1: 18)، فنُعلي طلباتنا جداً جداً، ولا ننسى المكتوب: [ توسع خطواتي تحتي فلم تتقلقل عُقُباي ] (مزمور 18: 36)

فيا إخوتي نحن نوقف عطية الله لنا حينما نطلب الموجود الزمني، أو نطلب بقصور مترددين في عدم إيمان، أو نحدّ من طلباتنا ونقصر فيها مع أنه مكتوب: [ والقادر أن يفعل فوق كل شيء أكثر جداً مما نطلب أو نفتكر بحسب القوة التي تعمل فينا ] (أفسس 3: 20)

لذلك حينما تكلم الرب عن عطيته الخاصة لنا، لم يحدها في عطية معينة في أي شيء، بل قال: [ فأن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تُعطوا أولادكم عطايا جيدة، فكم بالحري الآب الذي من السماء يُعطي الروح القدس للذين يسألونه ] (لوقا 11: 13)
فانظروا هذه العطية الفائقة جداً المدخر لنا فيها كل شيء بلا كيل أو حدْ، وهذا كله لكي ندرك عظمة عطية الله الفائقة جداً، فماذا نطلب يا ترى، أنطلب ما على الأرض والذي يحصل عليه جميع الناس، سواء غنى والا عربيات فارهة أو حدائق وقصور ومراكز وأوضاع ومناصب عظيمة، أو أعظم الزيجات وأقوى الصداقات.. الخ؛ هل هذا يُقاس بعظمة عطية الله التي لازلنا لا ندركها، ولا نعي إلى الآن قول الرسول: [ وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكي تمتلئوا إلى كل ملء الله ] (أفسس 3: 19)

انتبهوا يا إخوتي ولا تظنوا أن الرب أتى إلينا على الأرض ليكون لنا أفضل من جهة أعظم ما يوجد في إمكانيات الإنسانية كلها في أوج عظمتها وحتى تفكيرها مهما ما بلغ من سمو ورفعة ومبادئ فائقة وعلوم وأفكار جبارة من المعرفة، ولا حتى لكي يعطينا معرفة روحية ولاهوتية نتكلم بها، بل أتى لكي يغنينا بغناه الخاص [ فإنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح أنه من أجلكم افتقر وهو غني لكي تستغنوا أنتم بفقره ] (2كورنثوس 8: 9)، يكسينا بره الخاص، يعطينا بهاء مجد القداسة التي تشع منه ويلبسنا إياها لبساً، فهو قد أخذ الذي لنا وأعطالنا الذي له، أخذ جسدنا وأعطانا روحه الخاص، روح قيامته، وهو ناموس حياتنا الجديدة فيه…
فالحزن يا إخوتي التي يعترينا أحياناً كثيرة في الطريق الروحي، وهزة إيماننا وزعزعته التي تحدث أحياناً معنا، ودخولنا في صراع الشك، فكل هذا يأتي لأننا في هُزال روحي، وحتى طلباتنا التي نطلبها من الله ليست على مستوى فعل عمل الله، ليست على مستوى شخص ربنا يسوع المسيح ابن الله الحي الكلمة المتجسد، بل كل طلباتنا على مستوانا الضعيف لذلك نخور ونضعف وتفوت علينا قوة الله التي يُريد أن يعطيها لنا…

يا إخوتي أطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس، لأن فيه لنا كنوز تفوق كل تصوراتنا وإمكانياتنا وتفكيرنا بل وخيالنا الخاص مهما ما اتسع، فعلوا طلبتكم جداً، واطلبوا من رب الجنود الكامل، لأن الرب يسوع يقول لنا اليوم وكل يوم، بالرغم من أنه يسمع طلباتنا الضعيفة التي ليست على مستواه أبداً: [ إلى الآن لم تطلبوا شيئاً بإسمي (لم تطلبوا على مستوايا أنا الله)، أطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملاً ] (يوحنا 16: 24)
وطبعاً لننتبه لقول القديس يوحنا الرسول: [ كتبت هذا إليكم أنتم المؤمنين باسم ابن الله لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية ولكي تؤمنوا باسم ابن الله. وهذه هي الثقة التي لنا عنده أنه أن طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا. وأن كنا نعلم أنه مهما طلبنا يسمع لنا، نعلم أن لنا الطلبات التي طلبناها منه ] 1يوحنا 5: 13 – 15)
لذلك على كل واحد آمن بالرب يسوع أن يطلب [ بإيمان غير مرتاب البتة، لأن المرتاب يشبه موجاً من البحر تخبطه الريح وتدفعه. فلا يظن ذلك الانسان أنه ينال شيئا من عند الرب ] (يعقوب 1: 6و 7)

أطلبوا من الله بإيمان حي، بثقة شديدة في محبته وأمانته لأنه وعد أنه سيعطينا بسخاء شديد، فلنوسع طلباتنا ونطلب ما فوق حيث الكنز السماوي الخالد فنفرح ونتهلل جداً ونحمد الرب ونشكره ونمجد صلاحه الفائق، لأنه يعطينا لا على حساب أعمال نعملها بل بمقتضى رحمته، لأنه لم ولن يوجد من يستحق عطاياه العظيمة، لكنه سُرّ أن يفرزنا لهُ ويعطينا من غناه الفائق غنى فوق غنى باتساع شديد يزداد يوماً بعد يوم، وذلك على قدر انفتاح قلب الإنسان وعلى قدر طلبته منه حسب مسرة مشيئته ورغبته في أن يُعطينا، لكي نمجده كل حين ونهتف قائلين:

[ تعظم نفسي الرب. وتبتهج روحي بالله مخلصي، لأن القدير صنع بي عظائم وأسمه قدوس. ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه، أشبع الجياع خيرات وصرف الاغنياء فارغين ] (لوقا 1: 46و 47و 49و 50)
[ يا رب أنت إلهي، أُعظمك، أحمد أسمك، لأنك صنعت عجباً، مقاصدك منذ القديم أمانة وصدق ] (إشعياء 25: 1)
[ أُبارك الرب في كل حين، دائماً تسبيحه في فمي. بالرب تفتخر نفسي، يسمع الودعاء فيفرحون. عظموا الرب معي ولنُعلِ أسمه معاً. طلبتُ إلى الرب فاستجاب لي، ومن كل مخاوفي أنقذني. نظروا إليه واستناروا ووجوههم لم تخجل. هذا المسكين صرخ والرب استمعه، ومن كل ضيقاته خلصه. ملاك الرب حال حول خائفيه ويُنجيهم. ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب طوبى للرجل المتوكل عليه ] (مزمور 34: 1 – 8)

كونوا معافين في برّ الله وملء قداسته بغنى فيض الروح القدس آمين

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى