مقالات

الخطايا والأخطاء في المجتمع الكنسي لا علاقة لها بطبيعة الكنيسة

الخطايا والأخطاء في المجتمع الكنسي لا علاقة لها بطبيعة الكنيسة

 

يُخطأ كُل من يظن: أن الخطايا والجرائم والآثام التي تُرتكب في المجتمع المسيحي وحتى داخل أسوار الكنيسة هي من طبيعتها وكيانها، ويظن أن الكنيسة بهذا قد تلوثت ودخل إليها الفساد وتحتاج لإصلاح كجوهر، أي في أعماق كيانها الروحي أو اللاهوتي !!! لأن ما يحتاج لإصلاح دائماً هو قلوب الأعضاء الذين أنضموا في الكنيسة ويعتبروا أعضاء فيها، ولكن ليس الكنيسة ككجسد المسيح، بل الأغصان في الكرمة تحتاج دائماً للتقويم والتشذيب والتنقية، لتأتي بثمر، وان أتت تتنقى أكثر لتأتي بثمر أوفر، فالعيب ليس في أصول الكرمة وجذرها، بل قد يوجد في بعض الأغصان العطبة، الذي بعضها يحتاج لتقويم وبعضها يحتاج للقطع لأنه أصبح ميتاً في الكرمة الحية، لا تصل إليه العُصارة فاصبح جافاً ناشفاً لا حياة فيه…

ففي الحقيقة أن خطايانا وأخطاءنا، بل وخطايا الكاهن أو حتى أسقف أو أي رتبة كنسية أو خادم أو أحد من الشعب، أو حتى مجموعة من المسيحيين، لا تمتُّ بصلة إلى طبيعة الكنيسة أبداً، لا من قريب ولا من بعيد، فالكنيسة هي بالضرورة مقدسة ومعصومة لأن الروح القدس يحفظها في سرّ الجسد المُحيي، أي جسد الرب، لأن الكنيسة معاً بكل من فيها آمن بالرب إيمان حي حقيقي ويسلك في النور، هو محسوب من أعضاء الرب يسوع، أي الكنيسة المُطهره بدمه ونقية بروحه القدوس المحيي ..

  • [ أن قلنا أن لنا شركة معه وسلكنا في الظلمة نكذب ولسنا نعمل الحق، ولكن أن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية ] (1يوحنا 1: 6 – 7)
    [ لأنك يا رب عظمت شعبك في كل شيء ومجدته ولم تهمله، بل كنت مؤازراً لهُ في كل زمان ومكان ] (الحكمة 19: 20)

وقد يبدو لنا هذا الكلام متناقض، لأنه كيف يكون داخل المجتمع الكنسي أخطاء وخطايا مُعثرة وتُشعرنا أن الكنيسة (في ظاهرها وليس جوهرها) أصبحت في حالة من الخروج عن التدبير الإلهي وأصبحت جسدانية لا تهتم بالعمل الروحي، وفي نفس ذات الوقت عينه: هي مقدسة، ونقول: أن الكنيسة معصومة من الخطأ، فيها قديسين وآباء مُكرمين جداً، يهابون ويخافون الله ويعطونه الإكرام اللائق ويبذلوا حياتهم من أجل الخدمة ومحبة الآخرين في المسيح يسوع !!!

عموماً هذا التضاد نراه بسبب أننا دائماً نرى خطايا وأخطاء في داخل المجتمع المسيحي والكنسي، لكن هذا المجتمع ليس بالضرورة متوافقاً تماماً مع طبيعة الكنيسة. ففي ضوء مَثل ربنا يسوع المسيح المذكور في ( متى 13 : 24 – 30 ) وهو مثل الزوان الذي ظهر بين الحنطة في الحقل، فالكنيسة حقل الله الذي يوجد فيها نوعان من الزرع، زرع جيد جداً، وزرع غير نافع ولا صالح، أي يوجد فيها أشجار برّ غُرس الرب للتمجيد، وفيها شجر غير صالح فيه الفأس وُضعت على أصلها، لأنها تحتاج أن تُقلع ويُعاد زرعها من جديد لتصنع ثماراً تليق بالتوبة، لذلك دعوة التوبة لا تنقطع من داخل المجتمع الكنسية ليتحوَّل كل من فيه لأعضاء حيه في الكنيسة التي هي جسد الرب الحي والمُحيي بروحه القدوس …

  • [ وأن كثيرين قد أضلهم زعمهم وأزل عقولهم وهمهم الفاسد ] (سيراخ 3: 26)
    [ القلب الساعي في طريقين لا ينجح والفاسد القلب يعثر فيهما ] (سيراخ 3: 28)
    [ والآن قد وُضِعَت الفأس على أصل الشجر، فكل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تُقطع وتُلقى في النار ] (متى 3: 10)

أي يوجد في الكنيسة أعضاء هم خليقة جديدة تحيا في المسيح وهم الزرع الجيد ولهم طبع الكنيسة الحقيقي وهم المقدسين فيها ومشتعلين بنار الروح القدس، وأن أخطئوا يتوبوا فوراً لأن التوبة هي حياتهم وجهادهم المتواصل …

ويوجد فيها أعضاء هم خليقة عتيقة لم تتجدد بعد بنعمة الله وهم الزرع الغير نافع ولهم طبع جسداني لا علاقة له بالكنيسة، بل وجودهم فيها مجرد شكل ومظهر خارجي، أما الباطن فهو مخالف لطبعها الإلهي …

عموماً وباختصار : أن كل ما هو مضاد لمشيئة الله، لا يمت بصلة لطبيعة الكنيسة، والمخطئون يُمكن أن يظلوا أعضاء نابضة بالحياة في الكنيسة إن لم يتمسكوا بأخطائهم وخطاياهم وتابوا، ولكن غير التائبين من هؤلاء، يظلوا خارج كيان الكنيسة، حتى لو كانوا فيها يحملون مظهرها وينخرطون في الخدمة ولهم صورة التقوى.

لذلك علينا بكل جدية وأمانة قلب محباً للمسيح الرب، أن نحذر جداً ونتب بجدية ونحيا لله بكل إخلاص القلب، ولا ننظر لضعفتنا وتقول أننا غير نافعين لأننا خُطاة وكأننا لا نؤمن بأن الرب يسوع هو بنفسه القيامة والحياة وقادر أن يُقيم الميت الذي أنتن بالخطايا والذنوب ليُقيمه قديساً عظيماً مملوء من نعمة الله ويحيا بحياته، بل لنغسل أنفسنا بالتوبة الدائمة كل يوم في الصباح والمساء بصلوات لا تنقطع وبالاعتراف الدائم أمام مخلصنا الصالح القدوس ونؤكد هويتنا والتصاقنا بالكنيسة بالمداومة على الليتوروجيا والصلوات الكنسية بكل تقوى حافظين الإيمان والمحبة، في سرّ هو سرّ التقوى، ولا نُبرر أنفسنا ونقول [ أننا نعيش بضعفنا وربنا يسامحنا وبنعمل اللي علينا والباقي على ربنا ]، أو نقول شاكرين: [ أننا لسنا مثل باقي الناس الخطاة الظالمين ولا مثل هذا العشار ولا ذاك الفاجر ]

ولا ينبغي أن ندفن رؤسنا في الرمال ونقول [ نشكر الله اننا بلا خطية ] أو أن نحسب أنفسنا في الكنيسة بالقوة ونقول [ أن الكنيسة لا يوجد فيها أخطاء ]، ونهمل فحص القلب من الداخل بكل إخلاص على ضوء وصية الله، لذلك واجب علينا أن نصحح أي انحراف شخصي عن المسيرة المقدسة في سرّ التقوى، لأنه لا ينبغي أن نتكل على خدمتنا أو معرفتنا أو حتى شكلنا ووضعنا في داخل الكنيسة ومكانتنا فيها، لأن طالما نحن على الأرض فنحن مُعرضين للخطية حتى لو كنا لم نفعل خطية، بل علينا أن نواجه أنفسنا دائماً لأن من يعرف عاره يعرف كيف يطلب مجده، ومن يعرف حاله ووضعه يعرف كيف يتقدم وينمو، فعلينا بوداعة وتواضع قلب أن نأتي للرب المسيح القيامة والحياة ولا نسكت ولا ندعه يسكت إلى أن يُلبسنا ذاته لكي نستطيع كل شيء فيه، ونحيا بقوته…
ولنا أن نصغي لصوت الروح ولا نُقسي قلوبنا، ونسمع لكلمة الله المكتوبة بإلهام الروح القدس:

  • [ فأقول هذا وأشهد في الرب: أن لا تسلكوا في ما بعد كما يسلك سائر الأُمم أيضاً ببطل ذهنهم. إذ هم مظلمو الفكر ومتجنبون عن حياة الله لسبب الجهل الذي فيهم بسبب غلاظة قلوبهم. الذين إذ هم قد فقدوا الحس، أسلموا نفوسهم للدعارة ليعملوا كل نجاسة في الطمع. وأما أنتم فلم تتعلموا المسيح هكذا. أن كنتم قد سمعتموه وعلمتم فيه كما هو حق في يسوع: أن تخلعوا من جهة التصرف السابق الإنسان العتيق الفاسد بحسب شهوات الغرور. وتتجددوا بروح ذهنكم. وتلبسوا الانسان الجديد المخلوق بحسب الله في البرّ و قداسة الحق.

  • لذلك اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه، لأننا بعضنا أعضاء البعض.اغضبوا ولا تخطئوا (إذا غضبتكم لا تخطئوا ولا تستمروا في الغضب) لا تغرب الشمس على غيظكم. ولا تعطوا إبليس مكاناً. لا يسرق السارق في ما بعد، بل بالحري يتعب عاملاً الصالح بيديه ليكون له أن يعطي من له احتياج. لا تخرج كلمة ردية من أفواهكم بل كل ما كان صالحا للبنيان حسب الحاجة كي يُعطي نعمة للسامعين. ولا تحزنوا روح الله القدوس الذي به خُتمتم ليوم الفداء. ليُرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وتجديف مع كل خبث. وكونوا لُطفاء بعضكم نحو بعض، شفوقين متسامحين كما سامحكم الله أيضاً في المسيح ] (أفسس 4: 17 – 32)… النعمة معكم

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى