الارشاد الروحى

كيف نعيش الوصية ونحيا بالإنجيل على المستوى العملي في حياتنا اليومية

من المستحيل لأي واحد أن يطلب نعمة الله
إن لم يكن عنده الروح القدس (العلامة ديديموس الإسكندري)

كيف نعيش الوصية ونحيا بالإنجيل على المستوى العملي في حياتنا اليوميةلقد أسس الرب كنيسته على نهر الحياة الأبدي، جاعلاً إياها بمقتضى ناموس روح الحياة أن تقبل الروح القدس الرب المُحيي، حتى يتدفق منها كل النعم والخيرات السماوية كينبوع ماء حي يسقي كل شعب المسيح الممجد بمجد عظيم عن يمين العظمة في الأعالي في المسيح يسوع الباكورة: [ ثم أن الرب بعدما كلمهم ارتفع الى السماء وجلس عن يمين الله ] (مرقس 16: 19)، [ وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع ] (افسس 2: 6)…

لقد تشوهت طبيعتنا بالسقوط، وهذا الذي جعل الإنسان يقع تحت سلطان الخطية والموت، ولم يفلت منه أحد، بل الكل سقط وطعن نفسه بأوجاع الموت الخطيرة، فلم يعد الإنسان قادراً على شفاء نفسه أو علاجها لأنه فسد بالتمام، ويستحيل بعد الفساد أن يعود الإنسان لحالته الأولى قط، لأن الميت حينما يفسد لا يصلح إلا لقبر !!!

والروح القدس كإله جددنا في المعمودية، وهو بطبيعة اتحاده مع الآب والابن يردنا من حالة الموت إلى الحياة، يردنا من القبح إلى جمالنا الأصلي، فيجعلنا أيقونة الله المقدسة التي تعكس جماله الخاص، فهو يملأنا من نعمته حتى لا نعود نعطي مكاناً لأي شيء لا يليق بطبيعة إنساننا الجديد المخلوق في القداسة والحق حسب صورة ربنا يسوع الكلمة المتجسد القائم بمجد عظيم وجالس بجسم بشريتنا عن يمين العظمة في الأعالي، إذ أصبحنا [ ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح ] (2كورنثوس 3: 18)…

[ حينما نغطس في جرن المعمودية، فإننا بإحسان الله الآب وبنعمة الروح القدس، نتعرى من خطايانا ونطرح عنا الإنسان العتيق، فنولد من جديد ونُختم بقوته الملكية المقدسة. ولكن حينما نخرج من الجرن نلبس المسيح مُخلَّصنا، كثوبٍ لا يبلى، مستأهل لذات الكرامة التي نلناها بتجديد الروح القدس الذي خُتمنا بخاتمه. إذ كما يقول الكتاب المقدس : ” لأن كلكم الذين اعتمدتم في المسيح قد لبستم المسيح ” ( غلاطية 3: 37 ).
فإننا بنفخة الله ، قد قبلنا صورة الله ومثاله، كما يقول الكتاب. ولكننا بسبب الخطية فقدناها. وها نحن الآن قد صرنا معروفين من الله مرة أخرى، كما كنا معروفين حينما خُلقنا أولاً، بلا خطية وأسياداً على ذواتنا ] ( العلامة ديديموس الإسكندري – في الثالوث 2 : 12 )

الروح القدس يعطينا حرية المسيح الممجد كأولاد لله، فهو يحررنا من سلطان الخطية والموت ويجعلنا روحيين فعلاً، شركاء في المجد الإلهي، نعبد الله ونسجد له بالروح والحق كأبناء في الابن الوحيد ويُشكلنا باستمرار على صورة ابن الله، إذ يطبع فينا صورته بمجد عظيم، ويعطينا روح التقوى ويسكب فينا محبة الله، فنحبه فعلاً ونحفظ وصاياه بسهولة، لأنها لم تعد ثقيلة، لأن الروح القدس يعمل في داخلنا بروح الوصية وقوتها، لأنه ينقل قوتها لنا في أعماقنا من الداخل، لذلك لم تعد ثقيلة كما كانت قبل أن نتوب ونعود لله ليعمل في داخلنا بقوته !!!

إذن فأننا بدون الروح القدس لن نتغير أو نتجدد على صورة ربنا يسوع، ولن تكون الوصية سهلة ومحبوبة لنا، بل سنجدها صعبة جداً بل ومستحيل تنفيذها على المستوى العملي، بل من الجائز أن نقول أننا قادرين على تنفيذها بقوة الله شفوياً، ولكن على مستوى الفعل فأننا لا نكون قادرين أن ننفذها بفرح ومسرة أو بسهولة، بل نعيش في حالة من الغصب وتصبح الوصية ثقيلة جداً ومحزنة لأنفسنا لأننا لا نقدر أن نعيشها، وقد نجد أن وصية المحبة نظرية نعتنقها لأننا نشعر أنها مستحيلة، بل وقد نهرب منها بتفسيرات شتى، وكل هذا لأن روح المسيح لا يعمل فينا !!!

يقول العلامة ديديموس : [ ليس أحد غير مولود ثانية من روح الله القدوس وغير موسوم بختم تقديسه، ينال العطايا السماوية، ولو كانت حياته بلا خطية في أي شيء ] ( في الثالوث 2: 12 )

ولنا أن نتيقن أن : [ كل من يتصل بالروح القدس، ففي نفس اللحظة هو يتقابل مع الآب والابن. وكل من يشترك في مجد الآب، فأن هذا المجد في الواقع هو ممنوح له من الابن بالروح القدس ] ( العلامة ديديموس عن الروح القدس 17 )

يا إخوتي، بتجديدنا في المعمودية نتمتع بالألفة مع الله على قدر ما تسمح طاقة طبيعتنا ، فعلى قدر ما يقدم الإنسان نفسه لله بالتوبة ويطلب الله بقلبه ليعمل فيه بروحه القدوس الذي يسكن في إناءه يُشابه الله غير المائت، ويحيا الحرية التي حررنا بها ربنا يسوع بموته وقيامته نائلاً حياته فيه :

[ روح الرب علي لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية ] (لوقا 4: 18)
[ وتعرفون الحق والحق يحرركم ] (يوحنا 8: 32)
[ فأن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً ] (يوحنا 8: 36)
[ لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت ] (رومية 8: 2)
[ وأما الرب فهو الروح وحيث روح الرب هناك حرية ] (2كو 3 : 17)
[ فاثبتوا إذاً في الحرية التي قد حررنا المسيح بها ولا ترتبكوا أيضاً بنير عبودية ] (غلاطية 5: 1)

المجد لله الذي حررنا بالحقيقة آمين

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى