س، ج

لماذا لا يوجد عقاب في العهد الجديد – لماذا لا تطبق أحكام الشريعة

أتى سؤال هام جداً عن: لماذا لا يوجد عقاب في العهد الجديد، أي لماذا لا تُطبق أحكام الشريعة مثل رجم الزناه وغيرها من الأحكام الآن !!! مع ملحوظة أن هذه الأحكام الله أظهرها في العهد القديم ووضعها في الشريعة التي لم تكن في الأصل ضد مشيئة الله ولا هي من وضع الناس، فلماذا غيرها الله الكلمة المتجسد !!!

الإجابة: أولاً مكتوب في رسالة رومية 8: [ لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت ]، فالعهد الجديد هو عهد الخليقة الجديدة في المسيح يسوع، والعهد القديم عهد تربية الإنسان وتهذيبه لتأهيله للعهد الجديد، وإظهار أن الإنسان لا ينفع بسبب تسلط الخطية بالموت على كيانه كله، والله لم يكن قصده انه يُميت الإنسان أو يهلكه، ولكن من كثرة جراء قساوة القلب وملء كأس الغضب وعدم توبة الإنسان الصادقة وأنه استوفى كل فرصة فيتم إعلان عصيانه بتنفيذ أحكام الناموس على مستوى العهد القديم كتأديب للبشرية لتستفيق من غفلتها وتلتفت لله الحي، وهذا موجود كله في العهد القديم في الشريعة التي قدمها الله للإنسان، ولكن الإنسان لم يستطع أن ينفذها قط وصار تحت دينونة أعظم، وصار صراخ الإنسان كله قبل الإيمان بالمسيح الرب: [ ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت ] (رومية 7: 24)….

ولكن بعد الإيمان [ إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح، لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد اعتقني من ناموس الخطية والموت ] (رومية 8 : 1و 2)
ففي المسيح يسوع أُعتقنا من ناموس (قانون) الخطية وسلطان الموت، لأن أن كان أحد في المسيح يسوع فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً، ولنا أن نعود لله بالتوبة إذا أخطأنا، فأين الآن الناموس وقضاءه أن كنا قد قمنا مع المسيح ووهبنا ميلاداً جديداً روحياً من فوق، فكيف نعود لنفس ذات الحُكم وكأن المسيح الرب مات بلا سبب !!!!! هذا [ الذي أُسلم (للموت) من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا ] (رومية 4: 25)، [ لأن المسيح إذ كنا بعد ضُعفاء مات في الوقت المعين لأجل الفجار ] (رومية 5: 6)، فكيف وهو الذي مات لأجل الفجار، يتم رجمهم في هذه الحالة وتنفيذ حكم الناموس الذي لم يكن هو أساس خلاص الإنسان بل مجرد مؤدب ومُربي.

فأحكام الناموس تتم إذا كنا لا نؤمن بعمل المسيح الرب الكلمة المتجسد، ونجدف عليه ونقول أنك يا رب لم تبررنا وكل فاجر يستحق الموت لأنك لم تمت من أجله، وبذلك ننكر عمله ولا نعترف بقيامته، لأنه مات لأجل خطايانا وقام لأجل أن يبررنا ليفُكنا من الدينونة وينهي على الحكم التشريعي تماماً فلا تعود الدينونة لنا مرة أخرى، لأن دمه سفك لأجل حياتنا، فكيف تتم نفس ذات عقوبة الشريعة مرة أخرى، تلك التي حملها ووضع على نفسه دينونة العالم كله ومنتظر منا أن نؤمن فقط فيكون لنا حياة باسمه !!!!
[ إذاً يا إخوتي أنتم أيضاً قد متم للناموس بجسد المسيح لكي تصيروا لآخر للذي قد أُقيم من الأموات لنثمر لله. لأنه لما كنا في الجسد (الإنسان العتيق – القديم – أي قبل الخليقة الجديدة) كانت أهواء الخطايا التي بالناموس تعمل في أعضائنا لكي نُثمر للموت. وأما الآن فقد تحررنا من الناموس إذ مات الذي كنا ممسكين فيه حتى نعبد بجدة الروح لا بعتق الحرف ] (رومية 7: 4 – 6)

ونأتي لسؤال هام الآن: لماذا الناموس إذن ؟

الناموس مؤدب الشعوب للمسيح الرب، فهو مربي الغرباء عن الله، ليكشف لهم عورة القلب الداخلي، لأنهم لا يزالوا تحت سلطان الموت: [ الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية ] (عبرانيين 2: 15)، فالموت استعبد الإنسان بدون أن يشعر وقد انجرف فيه وسار نهج حياته، ففقد كل حس بالحياة والتقوى والنور لأن الظلمة غطت كيانه كله، لذلك قد أُعطى الناموس بسبب التعديات وتفشي الموت من جيل لجيل، لأن البشر بعد السقوط ابتدئوا يخترعون الشر حتى أنهم فسدوا بالتمام ولم تنفعهم حتى التوبة نفسها لأن عفونة الموت تفيح من أعماق قلوبهم لذلك أعطى الله الناموس للإنسان ليتعرف على مدى فساده كميت في قبر الشهوة: [ فلماذا الناموس قد زيد بسبب التعديات إلى أن يأتي النسل الذي قد وعد له مرتباً بملائكة في يد وسيط ] (غلاطية 3: 19)، وهذا هو نفع الناموس لكي يكشف القلب مثل مرآة يُشاهد الإنسان فيها نفسه فيتعرف على هيئته وشكله لكي يسعى أن يُهندم نفسه ويُحسن منظره !!!
أما الذين آمنوا بالرب يسوع وقبلوه وذاقوا الموهبة السماوية ونالوا الميلاد الثاني، لا يحتاجون للناموس كمربي، لأنه لم يعد مرآة خارجية لهم بل صار محفوراً بالنور في قلبهم بإنسان جديد فوقاني مخلوق في المسيح يسوع مستعد لأعمال صالحة حسب التقوى بالروح الذي صار قوة فيه تحركه على قدر ما ينظر للمسيح الرب فهو ينمو في كل من يدخل في سرّ محبة الله وطريق التقوى…
فالإنسان موضوع بين طريقين حسب اختياره الحُرّ، يا إما يسير في واحد فيكون له الحياة، أو يسير في آخر ويكون له الموت، فأما يكون تحت الناموس كمؤدب ومدين لأعماله، يا إما يكون تحت النعمة فتصير وصية الله كناموس حياة محفور في قلبه فيسلك بقوة حياة يسوع الذي فيه ناموس روح الحياة أعتقنا من ناموس الخطية والموت (أنظر رومية 8)….

فيا ترى نحن في أي طريق نسير اليوم !!!

* طريق الموت ونحيا حسب الأرض، لا تمس ولا تجس، ويشهد علينا الناموس أن أعمالنا كلها بالية ونحن تحت الدينونة سالكين حسب شهوات غرور الإنسان الطبيعي الذي لا يفهم ما لله وعنده جهالة، لا زال يشكو ويصرخ، من ينقذني من جسد هذا الموت !!! ويحاول مستميتاً أن ينفذ الوصية ولا يستطيع لأن الموت مسيطر عليه من داخله وتظهر رائحته في داخله يشعرها ويحسها فيكتأب ويحزن ويعترف آلاف المرات ويمارس كل الأسرار ويقرأ كل موضوع يشرح له ما هي التداريب اللازمة للتخلص من الخطية وفي النهاية يظل أصعب مما كان وليس من سند حقيقي ولا مُعين، ويظل هكذا يشعر أنه غريب عن الله والله غريب عنه، بل والله بالنسبة له كلام ونظرية وفكر وعقيدة وطائفة ومجرد آيات يحفظها ويجمعها ويعرفها، أو يهرب أحياناً بشكل الخدمة والممارسات الشكلية لعله يُسكن ضميره، مع أنه في النهاية لن يخرج منه إلا عفونة قبر مبيض من الخارج ومن الداخل كله عظام نخرة ورائحة أموات….

* أم إننا دخلنا في طريق الحياة الحقيقي والبرّ، بالتوبة والإيمان الحي برب النجاة وحياة النفس، وصرنا أطفال من جهة الشر، لكن أقوياء في كل برّ وطهارة، نقف أمام الآب السماوي في المسيح يسوع وبره وتقواه ساجدين بالروح الذي يحركنا نحوه ويطبع فينا ملامحه الخاصة ويفكنا من رباطات الإنسان العتيق ويجدد حياتنا كل يوم لنتغير لتلك الصورة عينها من مجد إلى مجد، ولم يعد الناموس يكلمنا كأرضيين من خارج ويسود علينا موت ليقول لنا لا تشتهي حق قريبك أو ثورة أو عين بعين وسن بسن على حسب ضعف إنسانيتنا القديمة، إذ اننا صرنا خليقة جديدة في المسيح يسوع لا نسعى للأرضيات وليس لنا أعداء بل البشرية كلها صاروا لنا أحباء نحترمهم ونقدرهم، وكل ما على الأرض بسرور نعطيه للآخرين لأن هذا حقهم في الأرض ونحن حقنا في المسيح وليس لنا هنا مدينة باقية، بل سفراء وغرباء ورعية مع القديسين وأهل بيت الله، وشهادة حية لله وإنجيل مقروء من الجميع …
وأن أخطأ أحد فينا فلنا شفيع عند الآب، قوة غفرانه ساكنه في قلوبنا بروح الحياة، لذلك دم يسوع يطهرنا من أي خطية حتماً لأننا نعترف أمامه بقلب يسكن فيه الروح القدس الذي يحثنا على التوبة ويقويها فينا، لأن لنا إرادة صالحة موهوبة لنا من الله بإنسان جديد أخذناه في معموديتنا، وبهذه الإرادة الصالحة المدعمة بقوة الله نستطيع ان نسلك في أعمال قد سبق الله فأعدها لنا في المحبوب يسوع لكي نسلك فيها، فيتمجد أبانا السماوي لا بأعمال في برّ عملناها نحن بقدرتنا الخاصة لنفتخر بها، بل أعمال البرّ التي فينا وأعمال القداسة هي فقط بقوة المسيح الرب الذي هو فينا حي ويقوينا لذلك نستطيع فيه كل شيء ….

فيا إخوتي صدقوا المسيح الرب وآمنوا بقوته، لأنه هو بشخصه القيامة والحياة، أن آمن به أحد لن يسود عليه موت، حتى لو تعثر وسقط كثيراً في البداية، لأن ناموس روح الحياة الذي في المسيح الرب يعتق ويفك من قانون الخطية والموت يوماً بعد يوم من جهة الخبرة، ويُقيم النفس بقوة أعظم ويسندها بنعمة تفوق أي خطية بل تمحوها ولا يعود لها أي أثر، وتُدخل الإنسان في حرية مجد أولاد الله، آمنوا فقط فترون مجد الله الحي …. كونوا معافين

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى