القديس أنطونيوس الكبير

مختارات من تعاليم روحية ووصايا مقدسة من أجل الفضيلة الحسنة والهدوء والتحفظ – للقديس الأنبا أنطونيوس الكبير

من عظات وتعاليم الأنبا أنطونيوس الكبير
مختارات من تعاليم روحية ووصايا مقدسة
من أجل الفضيلة الحسنة والهدوء والتحفظ
والاستماع والطاعة في كل شيء

+ يا بُنيَّ قبل كل شيء لا تحسب نفسك شيئاً، فهذا هو والد الاتضاع، والاتضاع يلد التعليم، والتعليم يلد الإيمان، والإيمان يلد الرجاء، والرجاء يلد المحبة، والمحبة تلد الطاعة، والطاعة تلد الثبات بلا مُنازع.

مختارات من تعاليم روحية ووصايا مقدسة من أجل الفضيلة الحسنة والهدوء والتحفظ - للقديس الأنبا أنطونيوس الكبير+ يا بُني، تعرَّ من الشرّ والبس الوداعة. أطرح عنك العين الخبيثة واتخذ لك عيناً بسيطة. لا تتشبه بمن هو أضعف منك، بل بمن هو مختار أكثر منك. لا تَخفْ من شتائم الناس. لا ترغب في أن تُعرَفْ في شيء من أعمالك. ابْغضْ كل شيء يكون فيه خُسران لنفسك. لا تترك مشيئة الله وتصنع إرادة الناس. لا تُنَمّ ولا تشتم أحداً. لا تحسد من يتقدم بالظلم، بل اجعل جميع الناس أعلى منك لكي يكون الله معك.

+ يا بُني، لا ترجع إلى ورائك فيما ابتدأتَ به من الأعمال الصالحة. لا تَملّ من محبة الله. اصبر في كل ما تُريد أن تصنعه، فإذا صبرت يُعضدك الله في كل ما تُريد أن تصنعه الآن وفيما يأتي. لا ترجع إلى ورائك في طريق وحدتك (هذه العبارة تخص الرهبان فقط). ابغض الحديث الباطل في كل شيء لهذا العالم. اجعل اهتمامك عظيماً بالفضيلة وهو الذي يُصيرك غير غافل. فإذا عملت بذلك يا ابني، فأنك ترث ما لم تراه عين ولم تسمع به أُذن ولم يخطر على قلب بشرّ.

+ احتسب مَنْ هو دونك في الفضيلة أنه مختار ومساوٍ لك في الفضيلة، والذي هو مساوٍ لك في الفضيلة أنه مختار وأفضل منك في النمو.

+ يا بُني لا تضجر من الأفكار التي تأتي عليك…، واعلم أن الرب لا ينسى شيئاً من أتعابك، وأن منها يكون لك النمو، ونعمة الله تعضدك.

+ يا بُني، ليكن القوم الذين أحبوا الرب بكل قلوبكم وداموا في العمل صورة لك ومثالاً، ولا تَسْتحي أن تطلب منهم (كلمة منفعة) لحياتك لأنهم قد تكلموا في الفضيلة. لا تتشبه بالذين يداومون على نياح (راحة) هذا العالم، لأنهم لا يتقدمون أبداً، بل تشبه بالذين عاشوا تائهين في الجبال والبراري من أجل الله (تعلم منهم لأن راحتهم في الله)، لكي تأتي إليك القوة من العُلا ويطيب قلبك في كل شيء تصنعه بحسب مشيئة الله. لا ترجع إلى ورائك في شيء من هذه الوصايا الإلهية، والرب يسوع المسيح يعطيك نياحاً (راحة) فتُكمَّل كل ما ابتدأتَ به من الأعمال الصالحة بسلامة، لأن آباءنا الكاملين ومَنْ ماثلهم بهذه قد كملوا.

+ يا بُني، لا تُكثر الكلام (الرغي الكثير والحديث الباطل الفاسد) فتُبعد روح الله منك. ولا تتمسك بشيء من الشرّ، ولا تدن أحداً.

+ يا بُنين لا تمشِ (تسير أو تصاحب أو تصادق أو تُشارك) مع المتكبرين، بل أمشِ مع المتواضعين.

+ يا بُني، لا تكن مرائياً ولا كذاباً.

+ يا بُني، لا تتكلم بغضب بل ليكن كلامك بحكمة ومعرفة، وكذلك سكوتك أيضاً، لأن آباءنا الحكماء كان كلامهم مملوءاً من الحكمة والتمييز، وكذلك سكوتهم.

+ يا بٌني، لا تُزكي نفسك عند الناس، بل كُن في ذاتك حكيماً وديعاً طويل الروح كثير الأناة مجتهداً مُحباً للبشرّ. احزن مع أخيك وكن له شريكاً صالحاً.

+ يا بُني، كن متواضعاً جميع أيام حياتك. وتمسَّك بكل شيء حسن. ولا تسأل عن الأشياء الرديئة، بل اجعل طريقك بعيداً عنها. وليكن كلامك بحلاوة بلا خسارة، لأن المجد والهوان هما من قِبَل الكلام. أحبب الرحمة وتذرع بالإيمان.

+ يا بُني، لا تجعل قلبك رديئاً حتى يُفكر في الشرّ، بل اجعله صالحاً، واطلب الصلاح واقتني غيرة في جميع الأعمال الحسنة. لا ترفع صوتك (بصراخ وإزعاج)، وإذا مضيت إلى أحد فليكن خوف الله في قلبك، واحفظ فمك (من اي كلام شر أو فارغ) لترجع إلى موضعك بسلام…

+ يا بُني، أحبب آباءك الروحانيين الذين يهتمون بك من أجل الله أكثر من محبتك لآبائك الجسدانيين.

+ يا بُني، إذا شُتمْتَ (شتمك أحد ما) فلا تُبغض شاتمك …

+ لا تُنصت لكلام الشرّ، بل كن مُحباً للناس فتحيا. لا تُجازٍ شراً بشرّ ولا الشتيمة بشتيمة، لأنه مكتوب: “إذا أنت لم تنتصر لنفسك فأنا أنتصر لك، قال الرب”

+ يا بُني، لا تُبغض أحداً من الناس، بل أحِبُّهم جميعاً (بلا تفريق أو تمييز) كنفسك لأنه مكتوب “أحب قريبك كنفسك”.

+ يا بُني، أُذكر من يُكلمك بالتعليم الصالح واحفظ وصاياه فتحيا ويطول عمرك في إرادة الرب، كما هو مكتوب في رسائل الرسول بولس: “أدرس في هذه الأمور وتشاغل بها لكي يكون تقدُّمك ظاهراً لكل أحد” (أنظر 1تي4: 13 – 15)

+ أيها الأمين المُختار، ما دُمت كائناً في الطاعة فاعرف ما يُقال لك وتمسك به واعمل بمقتضاه. وإذا اجتمعت بالأمناء أمثالك فاختر لنفسك السماع واعرف ما يُقال، وذلك أفضل من الكلام.

+ الرجل المحب للذَّات (اللذة) هو غير صالح في الأعمال. إذا كنت بغير خطية فتكلم باسم الرب، وعَلِّم الذين يُفترى على اسم الرب بسببهم لأنهم موتى عن الرب، لكي يرجعوا عن أعمالهم وينالوا الكرامة من الرب.

+ يا بُني لتكن نفسك كائنة مع الله في كل وقت، وجسدك على الأرض كائناً كالصورة والمثال.

+ يا بُني، نفاق عظيم هو أن تُحزن إنساناً وتترفع عليه.

+ يا بُني، ليكن لسانك تابعاً لعقلك، لأن الكلام بدون تعقل هو شوك وحسك.

+ يا بُني، لا ينبغي أن تُعلِّم أحداً شيئاً قبل أن تعمل به أولاً. فكر في أعمال الله ولا تُكسل، لأن صلاة الكسلان كلام باطل. اجتهد أن تبتعد من الناس العادمي الرأي. إذا صنعت أعمالاً فاضلة، فلا تفتخر وتقول إني صنعتها، لأنك أن ظننت أنك صنعتها فلستُ بحكيم. عارٌ عليك أن تأمر غيرك بأوامر لم تُتممها في ذاتك، لأنك لا تنتفع بعمل غيرك. الرجل الحكيم يعرف طريق سلوكه فلا يُبادر بالكلام، بل يتأمل فيما يقول وما يفعل. أما الرجل القليل الأدب فلا يحفظ ما يُقال له من الأسرار.

+ يا بُني، لا تُظهر كلمتك لمن لا يعرفها (يُقدرها أو يعيها). واجعل سائر الناس أحباء، لكن لا تجعلهم كلهم مُشيرين (لك)، بل اتخذ لك قبل كل شيء تجربة (اختبار – امتحن الأرواح وميزها). لا تجعل كل الناس أصدقاء، وإن صاروا لك أصدقاء فلا تأمن لهم كلهم، لأن العالم قد ثبت في مكر, لكن اجعل لك أخاً واحداً يخاف الرب والتصق أنت بالله وحده مثل ابن مع أبيه، لأن الناس بأجمعهم يسلكون بالغش ما خلا النذر (النُدرة) اليسير (القليل) منهم، والأرض قد امتلأت من الباطل والأتعاب والأحزان. فإن كُنت، يا بُني، تحب المعيشة في الهدوء فلا تختلط مع المهتمين بالباطل. وإن صرت في وسط فيه اختلاط بكثيرين فكن كمن هو ليس مختلطاً بهم إن كنت تُحب أن تُرضي الله.

+ يا بُني، تعبَّد للمسيح وهو يُخلصك ويعتقك. والعمل الجيد الذي تشتهي أن تعمله لا تتكلم به فقط بل كمله بالفعل. لا تحب اللذات لأن كل من يحب اللذات لا يسمع له الرب. اذكر أن مناقصك قد كثرت جداً وشبابك قد عبر، وقد جاء الأوان الذي تُفارق فيه (الجسد) وتُعطي جواباً عن أعمالك. واعلم أن أخاً لن يفدي أخاه وأباً لا يُخلِّص ولده.

+ يا بُني، أفرح في الشدائد الآتية عليك لأن ثمرتها تابعة لها. لا تستلذ بملذات العالم لئلا تموت موتاً رديئاً.

+ يا بُني، اسرع وانتبه لئلا تضل وتُكسل وتتوانى فتكون حقيراً في الدهر الآتي. لأنه مكتوب: “الويل للمتوانين، فإن آخرتهم قد اقتربت وليس لهم مُعين ولا رجاء خلاص”

+ يا بُني، مُت (مع المسيح صُلبت – أصلب الجسد مع الأهواء والشهوات واتقي الله) كل يوم لكي تحيا، لأن كل من يخاف الرب يحيا.

+ يا بُني، لا تنسى الأتعاب التي احتملتها لأجل الفضيلة، فتُكسل (لكي لا تُكسل) وتضل في الساعة الأخيرة، بل أحب الرب إلى المنتهى وأنت تنال الرحمة.

+ يا بُني، لا تبتعد من الله لأجل الزائلات، بل أذكر ما قررته في وقت قوة حرارتك … أذكر دموع التوبة وتلك الطلبات التي طُلبت عنك، واسرع وابتعد من الأفكار الخبيثة لئلا تضل علانية.

+ يا بُني، حَم (استحمام) سريرك كل ليلة وبل فراشك بدموعك، واتضع أمام المسيح لكي يمحو خطاياك ويُجددك ويُعينك في الأعمال الصالحة، ويورثك ملكوته السرمدي. هذا الذي ينبغي له التسبيح والإكرام والتمجيد والتقديس والسجود مع أبيه الصالح وروجه القدوس، الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين.

 

عن كتاب بستان الرهبان الموسع – الجزء الأول – إعداد رهبان ببرية شيهيت
وقد تم نسخ هذه الرسائل والتعاليم التي للقديس العظيم الأنبا أنطونيوس، نقلاً
عن المخطوطة (م23) بدير القديس أنبا مقار، وهي منقولة عن النسخة الأصلية القديمة
التي نصَّ كاتبها على أنه نقلها من اللسان القبطي الصعيدي إلى اللسان العربي في آخر سنة 986
للشهداء الأبرار (الموافقة لسنة 1270م) بدير القديس أنبا أنطونيوس بجبل العربة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى